المواد الكيماوية الليبية... هل تُستغل لاستدراج التدخل الخارجي؟

المواد الكيماوية الليبية... هل تُستغل لاستدراج التدخل الخارجي؟

26 سبتمبر 2014
تحرس كتائب مختلفة المواقع الكيميائية جنوب ليبيا (الأناضول)
+ الخط -
بدأت ليبيا بالتخلّص من ترسانتها الكيماوية منذ أوائل العام 2004، عندما أعلن العقيد الراحل معمر القذافي، في ديسمبر/ كانون الأول 2003، استعداد نظامه التخلص من غاز الخردل و3500 قنبلة قابلة للتعبئة بالغاز، ومواد أخرى تستخدم في صنع الأسلحة الكيماوية.

وأعلن المدير العام لمنظمة "حظر الأسلحة الكيماوية"، أحمد أوزومجو، في الخامس من فبراير/ شباط من العام الجاري، أن "ليبيا دمّرت ما تبقى لديها من أسلحة كيماوية بالكامل"، وذلك عقب زيارة قام بها برفقة خبراء من الولايات المتحدة وألمانيا إلى منطقة رواغة، جنوبي مدينة سرت.

وسبق أن أكد المتحدّث باسم المنظمة، التابعة للأمم المتحدة، مايكل لوهان، في الثالث من شهر مارس/ آذار 2011، لوكالة "فرانس برس"، تدمير 55 في المئة من المخزونات الليبية، تحت إشراف المنظمة وبقي 11.25 طناً يجب إتلافها.

كما أشار لوهان إلى أن "ليبيا تخلّصت منذ الأشهر الأولى من عام 2004، من 3653 قطعة ذخيرة (قنابل وصواريخ وقذائف) يمكن أن تشكل وسيلة لنشر غاز الخردل".

أما "المركز الليبي لإنتاج الأسلحة الكيماوية، فقد تم تحويله لأغراض مسموح بها، وخصوصاً مصانع إنتاج أدوية"، بحسب لوهان.

وتقع مراكز تدمير غاز الخردل في منطقة الرابطة، التي تبعد حوالي مئة كيلومتر، جنوبي طرابلس، وموقع الرواقة، في الجفرة، جنوبي سرت.

وكان وزير الخارجية الليبي، محمد عبد العزيز، قد أكد أن "آخر ما تملكه ليبيا من قنابل وقذائف مدفعية مملوءة بغاز الخردل، جرى تدميره في 26 يناير/ كانون الثاني الماضي". وهو ما ذكره كذلك، رئيس الوزراء الليبي السابق علي زيدان، لافتاً إلى أن "مخزون ليبيا من المواد الكيماوية، بمساعدة أميركية وبريطانية وألمانية، قد تم التخلّص منه نهائياً".

وعرضت شركة فرنسية متخصصة في مجال إتلاف الأسلحة الكيماوية على المجلس الوطني الانتقالي، السلطة التشريعية الأولى في ليبيا، بعد ثورة فبراير/شباط 2011، نقل هذه المخزونات خارج البلاد، لصعوبة تدميرها داخلها، مع تحمّل مصروفات عملية النقل. لكن المجلس لم يوافق على عرض الشركة الفرنسية.

وتتوزع أغلب خارطة مخزونات ليبيا من المواد الكيماوية في الجنوب الليبي، نظراً لبعده الجغرافي عن التجمعّات السكنية الكثيفة في مناطق الساحل. ويوجد بعضها في منطقة الغيلانية، التي تُبعد 140 كيلومتراً عن مدينة سبها، حيث يقوم بحمايتها "القوة الثالثة" في مدينة مصراتة، في حين تتولّى قوة مسلحة، من قبيلة أولاد سليمان العربية، حراسة موقع منطقة دبدب، التي تبعد 60 كيلومتراً عن سبها.

وبحسب لوهان، "على ليبيا التخلّص من موادها الكيماوية في موعد أقصاه ديسمبر/ كانون الأول 2016".

ويعتقد محللون سياسيون ليبيون، أن طلب الحكومة الحالية والمؤيدة لمجلس النواب الليبي بطبرق، وعملية الكرامة، من منظمة "حظر الأسلحة الكيماوية" وضع خطط لشحن مخزون يبلغ 850 طناً من المواد الكيماوية إلى الخارج بسبب تدهور الأمن، هو نوع من التصعيد السياسي والعسكري ضد مقاتلي "فجر ليبيا"، بالعاصمة الليبية طرابلس، وما يعرف بـ"مجلس شورى ثوار بنغازي".

ويرى المحللون أنه "على فرض وجود كمية 850 طناً من هذه المواد بليبيا، وهو ما تنفيه تصريحات مسؤولي المنظمة الدولية، فهي بعيدة عن مناطق الصراع التي تتركز في ضواحي العاصمة الليبية طرابلس، وبمدينة بنغازي شرقي ليبيا، حيث تدور اشتباكات بين مؤيدي حفتر ومجلس شورى الثوار، للاستيلاء على معسكر الرجمة بضاحية بنغازي أخر معاقل اللواء المتقاعد".

ويستند المراقبون على "تقارير منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، التي تؤكد التخلّص من الذخيرة (قنابل، صواريخ، قذائف) التي يمكن أن تُستعمل في إطلاق هذه الغازات"، نافين "أية مخاوف من استعمالها من قبل الجماعات المسلحة المتصارعة في ليبيا".

وتستخدم حكومة عبد الله الثني، قصة الأسلحة الكيماوية، كورقة ضغط على المجتمع الدولي، بحسب خبراء مختصين، لدفعه نحو التدخل عسكرياً، وتوجيه ضربات جوية لليبيا، بذريعة ما تمثله هذه الأسلحة من خطر على السلم والأمن الدوليين.

ورغم أن التخلص من هذه المواد الخطرة شكّل أولوية دولية بعد سقوط نظام القذافي، لكن الخوف لا يتمثل في استخدمها من قبل الجماعات المسلحة داخل البلاد، بل من وصولها لجماعات متشددة في سورية ومالي، أو تلك المنتشرة على الحدود الليبية الجزائرية.