"التجنيس" يجدد الخلاف القطري ـ البحريني

"التجنيس" يجدد الخلاف القطري ـ البحريني

19 سبتمبر 2014
تلتزم قطر بكل مبادئ مجلس التعاون (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -
استدعت الاتهامات البحرينية المتواصلة لدولة قطر، وكان جديدها تصريح وزير الداخلية البحريني، راشد بن عبدالله آل خليفة لوكالة أنباء البحرين (بنا)، أول أمس الأربعاء، واتهم فيها الدوحة "بإغراء المواطنين البحرينيين بالجنسية القطرية، والطلب منهم التخلي عن جنسيتهم الأصلية"، رداً قطرياً، على لسان مدير عام الأمن العام في وزارة الداخلية القطرية، اللواء الركن سعد بن جاسم الخليفي، الذي أعرب عن أسفه واستغرابه من تصريحات الوزير البحريني، ووصف، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، "ما تضمنه التصريح بأنه يفتقر إلى الدقة، ويخالف ما تم الاتفاق عليه بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية".

وكان وكيل وزارة الداخلية لشؤون الجنسية والجوازات والإقامة في البحرين راشد بن خليفة، قد قال، الأحد الماضي، إن "دولة قطر ما زالت مستمرة في عملية تجنيس البحرينيين، ولم تلتزم بإيقاف ذلك، وفقاً لما تعهدت به سابقاً". وحملت صحيفة "الأيام" البحرينية، المملوكة لمستشار العاهل البحريني، نبيل الحمر، على قطر، واتهمتها بتجنيس بحرينيين، ورأت أنها "تستهدف بشكل أساسي تغيير التركيبة السكانية في البحرين".

واستغربت مصادر قطرية رسمية، رفضت الكشف عن اسمها، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، الاتهامات البحرينية، وفضّلت عدم التعليق عليها. وأكدت أن "مكان بحثها هو في اللجنة الفنية المشتركة، المكلّفة من دول مجلس التعاون الخليجي لبحث الأزمة الخليجية". واللافت في الردّ القطري، أمس، أنه جاء هادئاً، على الرغم من تهديدات الوزير البحريني، باتخاذ ما وصفها "إجراءات معاكسة" لم يوضحها، ضد الدوحة، كما أنه لم ينف واقعة التجنيس، في إيضاحه "أن دولة قطر تلتزم تطبيق قوانينها مع من هم من ذوي الأصول القطرية، أسوة بما تتبعه دول مجلس التعاون في هذا الشأن". ونفى، في الوقت نفسه، أن "تكون دولة قطر تقوم بإغراء مواطني البحرين الشقيقة بالتجنيس".

ويذكّر تصريح الخليفي، عن التزام بلاده بتطبيق قوانينها على من هم من ذوي الأصول القطرية أسوة بما تقوم به جميع دول مجلس التعاون، بتقارير إعلامية سابقة عن تجنيس الدوحة عائلات بحرينية هاجرت إلى قطر، قبل أشهر، وصل عدد أفرادها إلى 50 شخصاً، 37 منهم من عائلة الجلاهمة، و12 من عائلة السويدي.

وكانت السلطات البحرينية قد أفرجت، الأسبوع الماضي، عن صلاح محمد الجلاهمة، وهو في العقد الخامس ويحمل الجنسية القطرية، بعد توقيفه أسبوعاً، واتهامه "بالتحريض على كراهية نظام الحكم، وذلك بالتحريض على الهجرة من البحرين". وقد أوقفته السلطات الأمنية في مطار البحرين الدولي، عندما كان يهم بمغادرة المنامة، وأنكر التهم الموجهة له، وقال إنه "قطري، وأن قانون الجنسية القطري لا يقبل ازدواجية الجنسية؛ لكن حياته في الأصل كلها في البحرين، فأسرته ووالدته وعمله التجاري في البحرين"، بحسب تصريح لمحاميه عبد الله هاشم.

يذكر أن عدداً من العشائر والقبائل العربية في الخليج تنتشر بين دول مجلس التعاون الست، وهناك من يحمل أفرادها جنسيات مختلفة، ويتوزعون في المسكن على دول الخليج العربية، مما يدفع دول "التعاون"، كما أكد المسؤول القطري، إلى منح الجنسية لمن يثبت أصوله لهذه الدولة أو تلك.

ويُعدّ السجال المستجدّ بين الدوحة والمنامة واحداً من سلسلة أزمات سياسية وقعت بين البلدين في السنوات الماضية، وإن تمثلت الأزمة الأشهر في النزاع بينهما على جزر حوار وجزر صغيرة أخرى محاذية للمياه الإقليمية لدولة قطر، وانتهى بتحكيم دولي رضيت به الدولتان، قضى بتثبيت سيادة البحرين على جزر حوار، وتعديل الحدود البحرية بين البلدين في الشمال، ومنح قطر حق السيادة على جزر جنان ومنطقة فشت الدبل.

كما شهدت العلاقات بين البلدين توتراً عام 2011، بعد بث قناة "الجزيرة الإنجليزية" الفيلم الوثائقي "صرخات في الظلام"، الذي تناول الاضطرابات السياسية في البحرين، وتسبب في حملة على قطر في وسائل الإعلام البحرينية.

ويأتي التصعيد البحريني الجديد ضد قطر، بعد أيام من زيادة التفاؤل خليجياً بانتهاء الأزمة السياسية بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة، وقطر من جهة أخرى، والتي سحبت في أثنائها الرياض وأبوظبي والمنامة سفراءها من الدوحة، في مارس/آذار الماضي، بدعوى تدخل قطر في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون، وهو ما نفته الدوحة، وأكدت أن الخلاف يعود لأسباب سياسية خارجية لا علاقة لها بدول المجلس.

يذكر أن الخلاف القطري - البحريني الذي يبرد ويتجدد بين حين وآخر تسبب، على الأغلب، في تجميد مشروع جسر المحبة، الذي تقرر أن يربط البحرين بقطر، بطول 45 كيلومتراً وعرض 15 متراً، وكان من المفترض بدء العمل به في عام 2003، بكلفة إجمالية بلغت آنذاك، نحو مليار دولار، غير أن مشروع إنشاء الجسر ما زال متعثراً، على الرغم من إعادة تصميمه عام 2008، وإضافة خطوط للسكك الحديدية، مما زاد كلفة إنشائه إلى أربعة مليارات دولار. 

وكان يفترض أن يكون أطول جسر في العالم. وأُفيد بأن البحرين أصرّت على أن تكون نسبة الاستحواذ مناصفة، حيث ستتكفل بمصاريف نصف المشروع، أي ملياري دولار، كي لا تؤول ملكية الجسر إلى بلد دون الآخر، خصوصاً أن المنامة تأمل أن يعود عليها الاستثمار الجديد بعوائد جيدة مستقبلاً. وقد عُقد اجتماع قطري - بحريني مشترك، في الدوحة، بخصوص الجسر، عقب زيارة أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، المنامة، في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي. وتوقعت دراسة أن يصل عدد السيارات التي تمر على الجسر بعد إنشائه إلى 4000 سيارة يومياً، لتبلغ 5000 في العام الذي يليه، و12 ألف مركبة مع حلول عام 2050.

دلالات

المساهمون