اللاجئون السوريون يعيدون شبح الحرب بين الدنمارك والسويد

اللاجئون السوريون يعيدون شبح الحرب بين الدنمارك والسويد

13 سبتمبر 2014
متظاهرون سوريون في السويد ضد النظام السوري (فرانس برس/Getty)
+ الخط -

آخر الحروب بين الدنمارك والسويد، التي استمرت 250 سنة، انتهت باختيار السويد ملكها وهزيمة الدنمارك بعد عدة انكسارات. سيطرت السويد على مناطق واسعة كانت تعتبر دنماركية، واستقلت النرويج كذلك، وصارت مملكة لها تاجها الذي أنهى حقبة هيمنة دنماركية في الدول الإسكندنافية ممتدة من القرن الرابع عشر حتى التاسع عشر.
لكن من يستمع اليوم للخطاب السياسي الدنماركي الموجه للمملكة السويدية سيظن بأن الأخيرة ليست سوى مقاطعة دنماركية، على الأقل هذا ما عبر عنه الذين قرأوا واستمعوا إلى السياسيين في كوبنهاغن وهم يعبرون عن "قلق وخوف" من انفتاح السويديين على استقبال 350 ألف لاجئ خلال الأعوام الأربعة المقبلة.

تتحدث وزيرة العدل الدنماركية، كارين هيكروب، ومقرر الشؤون الخارجية في حزب "الشعب" اليميني، سورن اسبرسن، المثير للجدل في تصريحاته حول الأجانب، عن ضرورة "التواصل مع السياسيين السويديين" وأن على الدنمارك أن تبقى "يقظة" من السياسة السويدية المنفتحة على استقبال المزيد من اللاجئين، وتحديداً من سورية خلال ما تبقى من أشهر العام الجاري، إذ تقدر مصادر دائرة الهجرة السويدية، وصول ما يربو على 70 ألفاً جلهم من سورية.

ويُعزى سبب "القلق والخوف" الدنماركي، إلى أن القوانين المعمول بها بين الدول الإسكندنافية تسمح بتنقل واقامة حرة وكاملة بين دولها. وهؤلاء تقلقهم "سهولة الحصول على الجنسية السويدية، مما سيسمح للاجئين بالانتقال إلى الدنمارك وتلقي المساعدات الاجتماعية ذاتها الممنوحة للمواطنين". يتركز الجدل في معسكر "المحافظين واليمين"، قبل أقل من أسبوع على الانتخابات العامة في السويد (يوم الأحد المقبل 14 سبتمبر/أيلول)، وتقول مصادر حزبية في الدنمارك لـ"العربي الجديد" إنها "محاولة واضحة للتأثير على الناخبين السويديين للتصويت للمتطرفين من حزب (الديمقراطيين السويديين)".

وفي هذا المجال، يقول اسبرسن، إن "الكثير من السوريين يحضرون إلى السويد، هم سيصبحون سويديين خلال سنوات قليلة وبعدها يمكن أن يستغلوا قوانين دول الشمال لحرية التنقل والإقامة". يرد بعض من تحدث إليهم "العربي الجديد" بالقول إن "هذه افتراضات ومزاعم يظن مطلقوها بأن السويد لا تعرف مصالحها وليست بلداً متقدماً وقادراً على تأمين مستلزمات مواطنيه، وهؤلاء يظنون بأن اللاجئين ليس لديهم هم سوى الوصول إلى الدنمارك".

تجد السويد نفسها في حالة توافق حزبي وسياسي، بالغالبية، لاستقبال تلك الأعداد من منطلق "مصالح سويدية" بعد مؤشرات كثيرة على حاجتها لليد العاملة ولزيادة الولادات التي شكل انخفاض نسبتها اشكالية للسويديين على مدى السنوات الماضية. فقرار استقبال 350 ألفاً تحديداً ليس "قراراً اعتباطياً"، بل يقول السويديون إنه قائم على تخطيط ودراسات وطنية تسد ثغرات كثيرة، وتساهم في الوقت ذاته بإنقاذ "هؤلاء البشر الذين يعانون الويلات في بلادهم"، بحسب ما ذكر مصدر من حزب "اليسار" السويدي (متقدم في استطلاعات الرأي) لـ"العربي الجديد".

من جهتها، تستنفر أحزاب المعارضة الدنماركية (المحافظة واليمينية والمتطرفة) طاقاتها، بما فيه حزب "اليسار" المحافظ بالطلب من الحكومة الاشتراكية الديمقراطية التواصل مع ساسة السويد لتوضيح ما يسمونه "مخاطر على مستقبل الدول الإسكندنافية من تدفق اللاجئين". 

ويتحجج هؤلاء بالتكاليف الاقتصادية الباهظة لاستقبال اللاجئين في السويد، على الرغم من أن السويديين هم من يتخذون قراراتهم الوطنية، إلا أن هؤلاء الساسة من اليمين والوسط يندفعون نحو نظريات انتقال اللاجئين لاحقاً إلى الدنمارك.

 وما يزعج معسكر اليمين الدنماركي هو تراجع شعبية زملائهم في حزب "الاعتدال" الحاكم في استطلاعات الرأي، لكن يتقدم اليمين المتطرف ممثلاً في حزب "الديمقراطيين السويديين" وهو أمر يشكل معضلة لهم، فالأخير تفضحه مواقفه وتصريحات بعض برلمانييه وتصرفاتهم العنصرية وهوى البعض "النازي"، الذي اضطرت احدى مرشحاته إلى الانسحاب بعد أن نشرت صورتها وهي تؤدي تحية "النازيين". بينما يريد حزب "الشعب" الدنماركي التقدم أكثر في مواقفه المتطرفة، لتسير أحزاب اليمين التقليدي في الدنمارك بمساعي وجهود كبيرة لمساندة الحزب الحاكم، حتى لا تبدو كمن يدعم حزباً فيه خليط من العنصريين و"النازيين" الجدد.

في الأثناء، كتب عضو البرلمان عن حزب "المحافظين الدنماركيين"، راسموس يارلوف، محذراً السويديين من أن "قبول 340 ألفاً يعني تدميراً ذاتياً للسويد، والتصويت للأحزاب المحافظة يعني انقاذاً للسويد". 

وأضاف، بفوقية واضحة، غاضباً: "أنا كدنماركي يصعب علي فهم لماذا كان علينا أن نكون في حرب لـ300 سنة حتى تحصل السويد على حدودها الحالية، إذا كانوا (السويديون) سيقومون بتدمير بلدهم. لكن الأمر بالطبع عائد لهم".

انتقاد لسياسة الدنمارك

وكانت مفوضة الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي، السويدية سيسيليا مالمستروم، قد وجهت في وقت سابق، نقداً لاذعاً لـ18 دولة أوروبية على خلفية سياسة تمنّعها عن استقبال اللاجئين و"ترك الأمر على عاتق دول أخرى". ومن أكثر الدول تشدداً، بحسب مالمستروم، الدنمارك. وتضيف في مقال لها في صحيفة "بوليتيكن"، أنه "من المحزن والمخجل ألا تقوم الدول الأعضاء بتحمل المسؤولية ورميها على عاتق 10 دول فقط". وتقارن بين استقبال الدنمارك طوال العام 2014، لـ7500 لاجئ، بينما السويد ستتحمل 80 ألف لاجئ في العام ذاته، مطالبة الدنمارك باستقبال المزيد "من هؤلاء المسجلين على لوائح الأمم المتحدة على الأقل".

المساهمون