تصفية قادة "أحرار الشام": مستفيدون كُثر

تصفية قادة "أحرار الشام": مستفيدون كُثر

11 سبتمبر 2014
نحو ثمانية عشر ألف مقاتل في صفوف الحركة (Getty)
+ الخط -
أعلنت حركة "أحرار الشام الإسلاميّة"، في تسجيل مصوّر بثّته أمس، الأربعاء، على موقع "يوتيوب"، عن تعيين المهندس هاشم الشيخ، المُكنّى بأبي جابر، أميراً وقائداً عاماً للحركة، في حين عيّنت أبو صالح الطحان، قائداً عسكريّاً عاماً.

ويأتي قرار التعيين بعد يوم واحد على تفجير استهدف اجتماعاً لقادة "أحرار الشام" في قرية رام حمدان، في ريف إدلب الشمالي، أسفر عن مقتل نحو 50 قيادياً من الحركة، أبرزهم قائدها حسّان عبود، الملقّب بأبي عبد الله الحموي، والمسؤول العسكري في الحركة، أبو طلحة، وأمير الحركة في حلب سابقاً، عضو مجلس شورى "الجبهة الإسلامية"، أبو يزن الشامي.

ويتزامن استهداف قيادات الصفّ الأول والثاني في الحركة، مع إعلان الولايات المتحدة الاميركيّة عن عزمها على تشكيل حلف دولي لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وبعد أيام من موافقة "أحرار الشام" على الدخول ضمن مبادرة "واعتصموا"، التي تهدف إلى توحيد فصائل المعارضة المسلحة، وتضم "كتائب إسلامية" وأخرى تابعة "للجيش الحر". ويُرجّح أن يكون الهدف منها تشكيل جسم عسكري قادر على الدخول كشريك في الحلف الدولي المزمع إنشاؤه، الأمر الذي يُوجّه أصابع الاتهام بالتفجير إلى أكثر من جهة، يأتي على رأسها النظام السوري وتنظيم "داعش"، فيما تذهب بعض التحليلات إلى اتهام الولايات المتحدة نفسها.

فمن ناحية أولى، ما زال النظام السوري يراهن على الدخول كشريك في الحلف الدولي لمحاربة "داعش"، الأمر الذي يشكل طوق النجاة الوحيد له لاستعادة شرعيّته الدولية، لكنّ الرفض الذي قوبل به، حتى الآن، دفعه باتّجاه سحب البساط من تحت أقدام المعارضة المسلحة، وذلك باستهداف أكبر فصائلها، بهدف محاولة إقناع واشنطن، مجدداً، بالقبول به كشريك في الحرب ضد "داعش".

من ناحية ثانية، هناك أسباب عديدة تجعل لتنظيم "داعش" مصلحة كبرى في ضرب قيادات الحركة، كون الأخيرة تمثل نهجاً إسلامياً وسطيّاً، يتمتّع بقاعدة شعبيّة كبيرة، وهي في حالة عداء معه، وسبق أن تلقّى التنظيم ضربات موجعة منها، أدّت إلى طرده من معظم مواقعه في الشمال السوري.

وعليه، فإن تصفية قيادات الحركة قد يؤدي إلى إضعافها أو انهيارها، ما يطرح إمكانيّة انضمام عدد من عناصرها الى صفوف "داعش". وما يعزّز فرضيّة أن يكون التنظيم وراء هذه العملية، التهديدات التي وجهها قادته للحركة، وجاء أبرزها على لسان المتحدث الرسمي باسم "داعش"، أبو محمد العدناني، الذي توعّد بأنه سيصلي صلاة عيد الأضحى في مدينة بنّش، "مسقط رأسه"، بعدما يكون قد حرّرها من صحوات "أحرار الشام" و"جبهة النصرة"، على حدّ تعبيره. كما أن تغريدة لقائد الحركة، حسان عبود، على موقع "تويتر"، قال فيها إنّه "كان يخشى أن يموت على أيدي التنظيم... أما الآن، فطوبى لمَن يقتل أو يقتل أحداً منهم"، ترجّح وجود تهديد مباشر من قبل "داعش" لقيادات الحركة، وبالتالي تدعم فرضيّة أن يكون التنظيم وراء العملية.

من جهة أخرى، يرجّح بعض المحللين أن تكون الولايات المتحدة قد نفّذت عمليّة استخباراتيّة دقيقة استهدفت من خلالها قيادات الحركة، قبيل الإعلان عن القوى التي ستشاركها في العمليات على الأرض ضد "داعش"، وذلك لاستبعاد الحركة المتحالفة مع القوى المرشّحة للشراكة مع واشنطن، والتي ترى أن الحركة هي الأكثر تشدّداً بين التشكيلات المعتدلة التي تنوي القتال إلى جانبها.

وأصدر "الائتلاف" الوطني المعارض، أمس الأربعاء، بياناً دان فيه استهداف قادة الحركة، واعتبر أن "مرتكب هذه الجريمة النكراء، أيّاً كان، ليس إلا عدوَّ الشعب السوري وثورته العظيمة". وأضاف: "لقد تصدّى أبو عبد الله الحموي، برفقة قادة الحركة وجنودها، لمهام الدفاع عن المدنيين وحمايتهم من بطش نظام الأسد، وكان لهم مساهمات كبيرة في الثورة، وفي ما يتعلق بقيادة العمل المسلح في مختلف أنحاء سورية، والدفاع عن حقوق الشعب السوري المُطالِب بالحرية والكرامة". وأرجع البيان سبب التفجير إلى سيّارة مفخخة استهدفت اجتماعاً لقادة الحركة.

ورجّحت معظم الآراء أن تكون العملية قد تمّت بواسطة عبوة ناسفة كانت مزروعة في مقر اجتماع القادة، مؤكدة احتواء العبوة على غاز سام.

بدورها، أصدرت "الجبهة الإسلاميّة" بياناً نعت فيه قادة تنظيم "حركة أحرار الشام"، وتوعّدت بالثأر لهم، من دون أن تحدّد الجهة التي ستثأر منها، ومن دون أن تتّهم أيّ جهة بتنفيذ العمليّة.

كما نعت معظم المؤسّسات العسكريّة والهيئات الشرعيّة في سورية قادة الحركة، في عملية التصفية الأكبر من نوعها لقيادات عسكرية في صفوف المعارضة، منذ اندلاع الثورة السوريّة.

يُذكر أنّ القوة الضاربة للحركة تتمركز في محافظات إدلب وحلب وحماة، حيث برزت قوّتها في مواجهة جيش النظام في عدة مواقع، كتفتناز وجبل الزاوية ومدينة حلب وسراقب وأريحا والرقّة. وتجمع الحركة عدداً كبيراً من الألوية والكتائب، وتشير التقديرات إلى أنّها تضمّ في صفوفها نحو ثمانية عشر ألف مقاتل.

وتُعتبر الحركة إحدى أبزر وأقوى فصائل "الجبهة الإسلاميّة"، التي أبصرت النور نهاية العام 2011، وذلك باتّحاد أربع فصائل إسلامية سورية، هي: "كتائب أحرار الشام"، و"حركة الفجر الإسلامية"، و"جماعة الطليعة الإسلامية"، و"كتائب الإيمان المقاتلة"، إلا أنّ القوة الأساسية المشكّلة لها هي "كتائب أحرار الشام"، التي جرى تشكيلها بشكل سري في شهر يونيو/ حزيران من العام 2011، ومعظم قادتها هم من معتقلي سجن صيدنايا الذين أُفرج عنهم في تلك الفترة.

أما الأمير الجديد للحركة، هاشم الشيخ جابر، فقد كان يشغل منصب أمير الحركة في بلدة مسكنة بريف حلب الشرقي، في حين أنّ أبو صالح الطحان، القائد العسكري العام الجديد، من مواليد مدينة تفتناز في ريف إدلب، وقد قضى سنوات عدّة خارج سورية، وعاد مع انطلاقة الثورة، لينضوي في صفوف كتائب "أحرار الشام"، كما أسّس "كتيبة أحفاد علي بن أبي طالب".

ويعدّ أبو صالح الطحّان من أبرز القادة العسكريّين في الحركة، وقاد عدّة معارك هامّة، كانت أبرزها معركة تحرير مطار تفتناز العسكريّ بإدلب، وتحرير منطقة إيكاردا بريف حلب، ومعارك تحرير مدينة الرقّة.

المساهمون