انتخابات أوكرانيا... هل تستخدم "الشقراء الحديديّة" رجالها؟

انتخابات أوكرانيا... هل تستخدم "الشقراء الحديديّة" رجالها؟

25 مايو 2014
تحضيرات انتخابات 25 مايو في كييف (فرانس برس/getty)
+ الخط -

يحتدم الصراع على كرسي الرئاسة الأوكرانية، آخذا شكلاً مدنياً في كييف وأقاليم غرب أوكرانيا، وعسكرياً دامياً في الأقاليم الجنوبية الشرقية الانفصالية، حيث يجري تحطيم المراكز الانتخابية وتعطيل إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها المقرر اليوم، الأحد.

وبينما تشير استطلاعات الرأي إلى تراجع كبير في شعبية رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو، التي أخرجها الميدان المنتفض من السجن إلى سباق الرئاسة، تهيمن الخشية من عدم موافقتها على النتائج التي قد تأتي في مصلحة منافسها الأقوى، رجل الأعمال بيوتر بوروشينكو. فهل تدخل أوكرانيا في صراع جديد، على غرار الصراع بين تيموشينكو والرئيس الأسبق فيكتور يوشينكو؟

يتانفس 21 مرشحاً في السباق على الكرسي الرئاسي. وكانت لجنة الانتخابات قد قبلت 23 طلباً من بين 46 متقدمين، وانسحب مرشحان اثنان بعد قبول تسجيلهما، هما وزير السياسة الاجتماعية السابق، نتاليا كوروليفسكايا، وعضو البرلمان عن حزب الأقاليم، أوليغ تساريوف. وأما أسباب عدم قبول طلبات 23 متقدماً، فأهمها، وفقاً للجنة الانتخابات المركزية، عدم توافق الوثائق المطلوبة مع المُقدّمَة للجنة، وكذلك عدم تسديد السلفة المالية البالغة 2.5 مليون غريفنا (نحو 240 ألف دولار).

صراع داخل الميدان نفسه

من بين الأسماء البارزة في قائمة المرشحين، رجل الأعمال فاديم رابينوفيتش، وهو رئيس "المؤتمر اليهودي لعموم أوكرانيا"، وديمتري ياروش، زعيم "القطاع اليميني"، وأوليغ لاشكو، زعيم "الحزب الراديكالي"، وميخائيل دوبكين، رئيس بلدية منطقة خاركوف السابق، ونيقولاي مالوموج، الرئيس السابق للاستخبارات الأوكرانية الخارجية، وبيوتر سيمونينكو، زعيم "الحزب الشيوعي الأوكراني"، وأولغا بوغوموليتس، طبيبة وناشطة في الميدان.

لكن أصحاب الحظ في خوض جولة ثانية من الانتخابات، التي يستبعد أن تحسم نتائجها من الجولة الأولى، يتصدّرهم، بحسب استطلاع أجرته مؤسسة "المبادرة الديموقراطية" الأوكرانية في 21 مايو/ أيار، رجل الأعمال الأوكراني بيوتر بوروشينكو بـ 44.6 في المئة من نوايا التصويت، تليه يوليا تيموشينكو مع 8.40 في المئة. وقد سبق هذا الاستبيان، استطلاع آخر أعلنت نتائجه يوم 20 مايو، وأجراه مركز الدراسات الاجتماعية "سوتسيس"، نال خلاله بوروشينكو 33.9 في المئة من نوايا التصويت، فيما اختار تيموشينكو 6.5 في المئة من المستطلعة آراؤهم. وقد جاءت هذه النتائج متقاربة مع نتائج استطلاع "معهد كييف الدولي للدراسات الاجتماعية"، الذي نال بوروشينكو بموجبه 34 في المئة، مقابل 5.7 في المئة لتيموشينكو. كما لم تختلف الأرقام كثيراً مع نتائج استبيان مجموعة "ريتينغ" الاجتماعية التي انتهت إلى 34.1 في المئة لمصلحة بوروشينكو، و7.2 في المئة لتيموشينكو.

عين على أوروبا وأخرى على "الأطلسي"

يستبعد رئيس "المركز الأوكراني للتحليل المنهجي والتبوّء"، روستيسلاف إيشينكو، في لقاء نشر على موقع "سفوبودنايا بريسا. رو"، فوز بوروشينكو من الجولة الأولى. ويرى أن التوتر بدأ يظهر على أداء الأخير، "فهو يلحّ في إقناع الجميع أنه سيفوز من الجولة الأولى، ويبدو أنه يدرك شخصياً أن حظوظه تضاءلت". ويعتبر إيشينكو أنه حتى لو فاز بوروشينكو من الجولة الأولى، فذلك لا يعني أن تيموشينكو ستوافق على النتائج. ويحذّر إيشينكو من أنه في حال اعترضت تيموشينكو على النتائج، "فستكون أوكرانيا أمام مشكلة جديدة، وخصوصاً إذا تمكنت من جمع عدد كافٍ من المقاتلين، ويمكن بالتالي أن يحدث انقلاب جديد على السلطة".

وفي حديث إيشينكو عن "المقاتلين"، إشارة واضحة إلى "اتحاد باتكيفشينا لعموم أوكرانيا" الذي تتزعمه السيدة الشقراء، والذي يتبع له تنظيم مسلّح. وفي إطار هذا التنظيم، ينضوي القائم بأعمال رئيس الوزراء حالياً، أرسيني ياتسينيوك.

في انتظار اعتلاء الكرسي، بطريقة أو بأخرى، تحدثت يوليا تيموشينكو، في برنامج "المناظرات الوطنية" على القناة الأوكرانية الوطنية الأولى، عن خططها الرئاسية، قائلة إن "أول شيء سأفعله، هو التشاور لتقديم طلب لانضمام أوكرانيا الكامل إلى الاتحاد الأوروبي، مع جميع المعايير والتعديلات الاستراتيجية". ثم وعدت بإجراء استفتاء على انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي.

ردود فعل روسية

وأدلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بدلوه في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي الأوكراني، فأعرب عن ثقته، في 23 مايو، خلال جلسات "منتدى سان بطرسبورغ "، بأن "حرباً أهلية شاملة تدور في أوكرانيا، ولو لم تضم روسيا القرم، لوقع هناك من ضحايا المأساة أكثر ممّا وقع في أوديسا".

أمّا رئيس مجلس الدوما (البرلمان) الروسي، سيرغي ناريشكين، فقد توقف عند قانونية انتخابات الرئاسة الأوكرانية، قائلاً: "لا شك في أن شرعية الانتخابات الرئاسية الأوكرانية تستدعي شكوكاً كبيرة للغاية. فمن الواضح للعيان أن الموقف يزداد تأزماً كل يوم مع الحملة العسكرية التي تتم الآن في جنوب شرق أوكرانيا. وبالطبع، فإن شرعية الانتخابات، في ظروف كهذه، تبقى موضع شك كبير"، وفقاً لما نقلته عنه وكالة "ريا نوفوستي".

بدوره، أشار الممثل الدائم لروسيا في الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، على شاشة هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي"، إلى أنه "بعد الانتخابات في أوكرانيا، يمكن انتظار صدامات جدية ضمن نخبة كييف".

مَن سيراقب الانتخابات؟

في تأكيدها لعدم شرعية الانتخابات الأوكرانية، تتداول الصحافة الروسية ما جاء على الموقع الرسمي لـ" لجنة الدفاع عن الصحافيين الدولية"، يوم 23 مايو، من إدانة لممارسات السلطات الأوكرانية التي لا تسمح بدخول الصحافيين الروس إلى أوكرانيا لتغطية الانتخابات الرئاسية. وقد جاء في إعلان اللجنة أنه "إذا كانت السلطات الأوكرانية تسعى لبناء دولة ديموقراطية، فإن عليها التوقف عن إبعاد الصحافة عن تغطية الأحداث في هذه البلاد، وخصوصاً الانتخابات الرئاسية".

لا شيء يؤثر في نتائج الانتخابات

سيكون على لجنة الانتخابات المركزية في أوكرانيا، نتيجة التعديلات التي أجريت على قانون الانتخابات، الإعلان عن النتائج حتى لو تم تعطيل الاستحقاق في الكثير من المراكز الانتخابية. هذه خلاصة ما جاء على لسان رئيس لجنة الانتخابات الأوكرانية المركزية، ألكسندر تشرنينكو، تعليقاً على ما يتم التداول به عن تعطيل الانتخابات في الأقاليم الانفصالية، وعن أن العقبة الأساسية في وجه الانتخابات تتمثل باحتلال المباني الحكومية، وتعطيل عمل المراكز الانتخابية.

وبالفعل، فقد قرر "مؤتمر جمهورية لوغانسك الشعبية" المعلنة من طرف واحد، المنعقد يوم 19 مايو، إغلاق مراكز الانتخابات على أرض "الجمهورية"، وأن منطقة لوغانسك لن تشارك في الانتخابات الرئاسية الأوكرانية.

كما أعلن بافل غوباريف، "المحافظ" المعيّن شعبياً لما يُسمّى "جمهورية دانييتسك"، المعلنة من طرف واحد أيضاً، أن إجراء الانتخابات الرئاسية على أرض "جمهورية دانييتسك"، غير قانوني، مشدداً على أن "الجمهورية" لن تعترف بنتائج الانتخابات.

المساهمون