الدور الأمني الأردني بالخليج: الكلّ يعلم ولا أحد يتكلّم

الدور الأمني الأردني بالخليج: الكلّ يعلم ولا أحد يتكلّم

10 ابريل 2014
الدرك الأردني في محيط السفارة الإسرائيلية في عمان (getty)
+ الخط -

اعتذر محلل عسكري عن عدم الحديث حول التعاون الأمني بين الأردن والبحرين، قائلاً إن "هذا موضوع حساس". كما اعتذر عميد أردني متقاعد عن عدم الحديث حول الموضوع، وتساءل: "ماذا تريدني أن أقول؟ هذا موضوع يؤثر على سمعتنا"، واكتفى، قبل أن ينهي الحوار، بالقول: "كلنا نعرف ماذا يفعل الدرك الأردني في البحرين".

"كلنا نعلم"، جواب يحمل في ثناياه إشارة ضمنية الى أن الدور الأمني الأردني في البحرين يتعدى تدريب وتأهيل القوات البحرينية في إطار التعاون الأمني بين المملكتين. الجدل الدائر في الأردن منذ ثلاث سنوات حول مشاركة قوات الدرك الأردنية في قمع الانتفاضة البحرينية، حرّكت مياهه الراكدة وزيرة الاعلام البحرينية، سميرة رجب، في ختام محاضرة قدمتها في الأول من أبريل/ نيسان الجاري في معهد الاعلام الأردني، عندما أجابت على سؤال حول وجود الدرك في البحرين، بقولها حرفياً إن "الدرك الأردني موجود في البحرين بناءً على اتفاقيات أمنية موقعة بين البحرين والأردن. لم نطلب العون من أجنبي، طلبناه من العرب".

أدركت الوزيرة، بعد انتهاء المحاضرة، أنها تسببت في إحراج المملكتين، وتدخل سفير البحرين لدى الأردن، ناصر بن راشد الكعبي، الذي يفهم حساسية الأمر، ليوضح في حوارات جانبية مع الحضور والإعلاميين، أن الوزيرة قصدت التعاون في إطار التدريب، وليس أبعد من ذلك.

ولإعادة المياه الى حالة الركود، سارع الناطق باسم الحكومة الأردنية محمد المومني، إلى التأكيد، في تصريحات صحافية متكررة، على أن التعاون الأمني مع البحرين قديم ومستمر وأنه "محصور في مجال تبادل الخبرات"، وهو ما لم يصرح عنه أي مسؤول أردني في السابق، في ظل النفي الرسمي المتكرر لوجود قوات درك أردنية في البحرين.

لم تركد المياه، بل تحركت بعصبية أكبر عندما نشر موقع بحريني معارض، بعد يوم من تصريحات وزيرة بلاده، قائمة بالمستحقات المالية لنحو 500 دركي أردني في البحرين، وهي القائمة التي رأت فيها البحرين خرقاً للسرية. واتفقت تصريحات المسؤولين في المملكتين حول القائمة المُسرّبة، على أنها مستحقات مالية في مقابل التدريب والتأهيل الذي قدمته تلك القوات الأردنية لنظيرتها البحرينية.

ونشر ناشطون أردنيون، قبل أيام، بياناً الى الشعب البحريني بعنوان: "ليست حربنا"، اعتذروا فيه عن مشاركة قوات الدرك الأردنية في مهام أمنية في البحرين، محملين السلطات الأردنية، "التي أفقرت مواطنيها بفسادها"، المسؤولية الكاملة عن تلك المشاركة.

وجاء في البيان أن "المصاب واحد، والألم واحد، وخندق النضال الذي يجمعنا واحد، وخندق الاستبداد الذي يجمعهم واحد".

وأشار عميد سابق في القوات المسلحة الأردنية، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "500 عنصر هو عدد كبير لغايات التدريب والتأهيل"، ورجّح أن تكون القوات الأردنية استخدمت في غير أغراض التدريب.

وعن أطماع استخدام القوات الأردنية في إخماد أي انتفاضة محتملة في الخليج، قال العميد السابق: "حاول الخليج العربي الاستفادة من القوات الأردنية في إطار شرعي، عندما عرض على الأردن الانضمام الى مجلس التعاون الخليجي، وبالتالي تصبح الأردن جزءاً من قوات درع الجزيرة. لكن وبعد التراجع الخليجي عن ضم الأردن، ستبقى أي مشاركة أمنية أردنية قتالية في الخليج، غير شرعية وتتم بسرية". ولفت الضابط المتقاعد إلى أن السرية لا تزال تحيط بمشاركة قوات أردنية في الحرب ضد الحوثيين في اليمن، وهو ما "تتكتم عليه الأردن والسعودية".

أما الناطق باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، فسعى لأن يكون أكثر صراحةً، عندما أعلن أن الأردن سيستقبل مئات العناصر، في الصيف المقبل، من عدد من الدول الخليجية لأغراض التدريب.

ويعتبر الأردن مركزاً لتدريب قوات عسكرية وأمنية عربية، إذ سبق أن تدربت فيه قوات أمن خليجية وقوات أمن فلسطينية وعراقية وعناصر تابعة لرئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري. وتُتّهم الأردن اليوم بتدريب قوات عسكرية سورية تحضيراً لتدخل محتمل، وهو ما تنفيه الحكومة الأردنية على الدوام.

في المقابل، يؤكد الخبير العسكري الأردني، اللواء المتقاعد مأمون أبو نوار، على أهمية التعاون الأمني وتبادل الخبرات والتدريب بين الدول العربية لمواجهة الجريمة المنظمة والمخاطر العابرة للحدود والتي تمثلها الجماعات المتطرفة.

وقال أبو نوار، لـ"العربي الجديد"، إن الأردن متطور في مجال التدريب، خصوصاً في مجال مكافحة الارهاب ومواجهة القلاقل الداخلية، وهو يمتلك أفضل معاهد الشرق الأوسط وأفضل الكوادر المؤهلة للتدريب، مشيراً الى أن التعاون الاردني مع الخليج في مجال التدريب، قديم جداً ويعود إلى أربعينيات القرن الماضي.

كما أن النائب في البرلمان محمود الخرابشة، انتقد، في حديث مع "العربي الجديد"، حالة التكتم وغياب الرقابة على عمل الاجهزة الأمنية والقوات المسلحة. والخرابشة هو ضابط سابق في جهاز الاستخبارات، وسبق له أن دافع، في شهر أيلول/ سبتمبر 2013، عن استحداث لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب الأردني، تكون مهمتها الرقابة على عمل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وهي اللجنة التي صوّت المجلس ضدها. وقال الخرابشة إن "عدم استحداث اللجنة، جاء بضغط من تلك الأجهزة الأمنية على النواب".

وبحسب الخرابشة، فإن عدم الرقابة على عمل الاجهزة الأمنية والقوات المسلحة، سيبقيها دائماً في دائرة الشك.

دلالات

المساهمون