الحريري ـ جعجع: وساطات لاحتواء التوتّر

الحريري ـ جعجع: وساطات لاحتواء التوتّر

22 فبراير 2014
يُدرك الطرفان أن كل منهما بحاجة للآخر
+ الخط -
خرج فريق الرابع عشر من آذار في لبنان من عمليّة تأليف الحكومة متصدّعاً. لم يستطع هذا التحالف الدخول إلى الحكومة كوحدةٍ متكاملة. استمر موقف القوات اللبنانيّة برفض الجلوس على طاولة واحدة مع حزب الله قبل انسحابه من سوريا على حاله. فقد هذا التحالف حالة التضامن بين مكوّناته، بينما استطاع فريق الثامن من آذار الحفاظ على مستوى تضامن عالٍ.

في الشكل، خرجت القوات اللبنانيّة رابحة من هذا البازار. امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي إشادات برئيس الهيئة التنفيذيّة للقوات، سمير جعجع، على موقفه هذا. لم تنحصر الإشادات بمناصري قوى 14 آذار، بل تعدته إلى مناصري فريق 8 آذار، إذ اعتبر هؤلاء أن جعجع لم يتنازل عن مواقفه من أجل منصب وزاري كما فعلت سائر القوى.

في الشكل أيضاً، يُمكن أن نفترض أن جعجع سيستفيد من الخدمات التي تُقدمها الحكومة عبر ممثلي فريق 14 آذار، من دون أن يتورط بتبعات هذه المشاركة.

لكن مهلاً قليلاً. في نظرة فاحصة إلى حصّة 14 آذار من الوزراء، نجد أن معظمهم إشكاليون بالنسبة إلى القوات. جعجع، سبق أن أبلغ تيّار المستقبل رغبته في أن يكون المقعدان النيابيان اللذان يشغلهما ميشال فرعون ونبيل دي فريج من حصّته، وإذ بسعد الحريري يُسمي فرعون ودي فريج وزراء في الحكومة الجديدة. ثم إن بطرس حرب بات وزيراً للاتصالات، وهو على علاقة سيئة مع القوات اللبنانيّة حالياً. لم يقف الأمر عند هذا الحد. نال حزب الكتائب، (وهو المنافس لجعجع في الشارع المسيحي داخل فريق 14 آذار)، ثلاثة مقاعد وزاريّة. لا يجد المقربون من الحريري حرجاً في القول: "كان يُمكن الحريري أن يسمي شخصاً كميشال معوض وزيراً في الحكومة. هو قريب من جعجع، وليس إشكالياً، لكنه لم يفعل. هذا الأمر يُشير بوضوح إلى أن هناك أمراً ما".

يشعر المستقبليّون بريبة لما يجري بين جعجع والحريري. هم غير قادرين على التحرّك، "والشخص الأبرز في إدارة العلاقة مع جعجع، بات شهيداً، (الوزير السابق محمد شطح الذي اغتيل أواخر العام الماضي). لكن اللافت هو أن الحريري لم يوفد مدير مكتبه نادر الحريري، أو أي من النواب، إلى جعجع للوقوف على خاطره، أو للتنسيق معه في الخطوات اللاحقة"، يقول أحد المسؤولين في تيّار المستقبل.
في المقابل، يعتقد مسؤول مستقبلي آخر أن المشكلة تكمن في عدم معرفة الحريري ما الذي سيقوله لجعجع. فالحريري، برأي مسؤولين في المستقبل، لا يُريد أن يعطي جعجع وعوداً متعلقة بالبيان الوزاري. هو يُريد أن تنال الحكومة الثقة. في المقابل، أعلنت القوات اللبنانيّة بوضوح أن على البيان الوزاري أن يتضمّن إعلان بعبدا ووثيقة بكركي.

الرواية القواتيّة قاسية نوعاً ما. يقول مسؤولون في القوات إن لا مشكلة لديهم في أن يتبنى الحريري تكتيكات سياسيّة مختلفة ما دام المستقبل والقوات، استراتيجياً، متفقين، "ولكن ما مبرر أن يلتقي الحريري ميشال عون سراً، فيما تبعات هذا اللقاء علنيّة. أصلاً، من أخبره أننا ضدّ أن يتلاقى مع عون أو مع أي مكوّنٍ آخر. نحن مستعدون لأي لقاء".
لا يملك القواتيّون أجوبة على الكثير من الأسئلة التي تُطرح عليهم. الأجوبة المتوافرة هي أن سعد الحريري أخذ خياراً متسرّعاً، وستُثبت الأيام عدم صوابيته. في رأيهم، هو تولّى وزارات النار. وزارات ستضعه في مواجهة حادة مع جمهوره بالدرجة الأولى، خصوصاً وزارة الداخليّة.

عند الحديث عن عدم صوابيّة الخيارات، يبرز إلى الواجهة اللقاء الذي جمع الحريري، أمس الجمعة في روما، بالنائب الكتائبي سامي الجميل.
سبب اللقاء هو ما ظهر فجأة على الطاولة: المهل الدستوريّة ضاغطة جداً، ما يعني عدم إمكانيّة إقرار قانون انتخابي جديد. أي أن الانتخابات البرلمانية ستجري وفقاً للقانون القديم، ما يعدّ نكسة سياسيّة لهذا الفريق. هذا الأمر لم يكن محسوباً. أحد المستشارين السياسيين للحريري قال أمس الجمعة: "لربما كان جعجع على حق".

العلاقة متوترة بين الطرفين. باتت قنوات الاتصال بين المستقبل والقوات غير مباشرة. يعمل وسطاء على الملف. يُدرك الطرفان أن كل منهما بحاجة إلى الآخر. سرّ قوة جعجع أنه متحالف مع الحريري، وسرّ قوة الحريري أنه متحالف مع جعجع. الكلام السياسي الذي ينتشر في لبنان عن تحالف بين الحريري والنائب ميشال عون وحزب الله، أقرب إلى النكتة. لا يُمكن أن يكون الأمر كذلك.

الحريري أصرّ على تأليف الحكومة لمواجهة حزب الله لا مهادنته. يُريد الحريري أن يُواجه الفراغ في السلطات في لبنان. برأيه، حزب الله يُريد هذا الفراغ تمهيداً لاتفاق سياسي يُدخل تعديلات على الدستور. يستعيد بعض الحريريين عبارة الأمين العام لحزب الله التي دعا فيها إلى مؤتمر تأسيسي في لبنان.