حرب فلسطينية إسرائيلية في البرلمان الأوروبي

حرب فلسطينية إسرائيلية في البرلمان الأوروبي

07 ديسمبر 2014
كسبت "دولة فلسطين" الكثير أخيراً (مصطفى يالسين/الأناضول)
+ الخط -
تدور في البرلمان الأوروبي حرب، لم تعد صامتة، بين الدبلوماسية الفلسطينية ومناصري القضية الفلسطينية في الاتحاد الأوروبي من جهة، وبين حكومة الاحتلال وآلتها الدبلوماسية والإعلامية وعلاقاتها المتجذرة في أوروبا من جهة أخرى. عنوان الحرب هذه المرة، هو "التصويت على الاقتراح المقدّم أمام البرلمان الأوروبي، بالاعتراف بدولة فلسطينية في 18 ديسمبر/كانون الأول الجاري".

يعترف الفلسطينيون بأن هذه الحرب شرسة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، خصوصاً أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تبرع بالاعتماد على عنصر التاريخ بين أوروبا واليهود، من أجل ابتزاز الاتحاد الأوروبي بشكل عام، والدول الأوروبية واحدة تلو الأخرى، فضلاً عن استخدامها أسلحتها الدبلوماسية والإعلامية.

ويعوّل الفلسطينيون في هذا الصدد على علاقاتهم القوية مع الأحزاب اليسارية والاشتراكية من جهة، والتقارير التي يقدّمها القناصل الأوروبيون العاملون في الأراضي الفلسطينية، والتي تُثبت ضرب الاحتلال الإسرائيلي لكل القوانين الدولية وحقوق الإنسان بعرض الحائط، وترصد، بالأرقام، ازدياد الاستيطان في أراضي الدولة الفلسطينية، لا سيما في القدس الشرقية، بما يؤذي جوهر حلّ الدولتين، الذي يتبنّاه الاتحاد الأوروبي.

ويعترف مفوّض العلاقات الدولية في حركة "فتح"، نبيل شعث، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الفلسطينيين يخوضون حرباً شرسة في البرلمان الأوروبي لا تقلّ شراسة عما تقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلي أيضاً".
ويضيف شعث "تتركّز الجهود في الوقت الراهن، على كسب أصوات ألمانيا، ورومانيا، والمجر، وتشيكيا". وأكد أن "معركة كسب الأصوات في البرلمان الأوروبي ليست سهلة".

ويؤكد أن "الرأي العام الأوروبي معنا، ولدينا حلفاء في اليسار واليمين"، لكنه يقرّ بأن "التحدي الذي يواجهه الفلسطينيون اليوم في البرلمان الأوروبي، يتمثل في الحزب الإشتراكي الألماني، لأنه يشكل كتلة كبيرة في البرلمان، وعادة ما تلتزم الأحزاب الاشتراكية في المجر ورومانيا وتشيكيا، بقراره". ويتابع "الفلسطينيون يخوضون منذ بداية ديسمبر معركة لاكتساب المزيد من الأصوات الأوروبية".

وحول أهمية إعتراف البرلمان الأوروبي بدولة فلسطينية، خصوصاً أنه يُعتبر خطوة رمزية، لأن الاعتراف بدولة فلسطين يجب أن يكون ثنائياً أي من دولة إلى دولة، وليس من البرلمان إلى دولة، يقول شعث "الاعتراف يعتبر جزءاً مهماً من ثلاث معارك تخوضها القيادة الفلسطينية، أولها، من المهم جداً تكريس مبدأ أن أرضنا محتلة وليس متنازعاً عليها، ثانياً العمل على استصدار قرار موحد من مجلس الأمن لإنهاء الاحتلال بسقف زمني محدد، ونقل القضية من الإحتكار الأميركي إلى الإشراف الدولي، أما المعركة الثالثة فتتمحور حول المقاطعة والعقاب".

ويوضح شعث "تفكّر كل دول الاتحاد الأوروبي الآن بتصعيد عقابها لإسرائيل، ردّاً على تغوّل الاستيطان في الضفة الغربية وعلى حربها على قطاع غزة، وهناك نقاش أوروبي جادّ لمطالبة إسرائيل بدفع تعويضات، بسبب تدمير آلتها الحربية لمشاريع في فلسطين موّلها الأوروبيون، وهناك لجان تدرس كيفية المطالبة بالتعويضات".

ويقول "اعتراف البرلمان الأوروبي بدولة فلسطين سينهي احتجاج الدول الأوروبية الدائم حول عدم وجود موقف موحد من الاتحاد الأوروبي تجاه قضية الاعتراف بدولة فلسطين". ويتابع "مثل هذا الاعتراف سيعطي موقفاً موحداً يتيح للدول الأوروبية المترددة أن تحسم أمرها لصالحنا، سيما أن الموقف الشعبي والرأي العام الأوروبي معنا، بقي الاعتراف الرسمي".

وستحاول إسرائيل، كعادتها، التحاور مع الحزب الاشتراكي الألماني من باب الابتزاز التاريخي، العزف على وتر أن الالتزام برغبة إسرائيل، يأتي من باب تعويضها عما ألحقته ألمانيا تحت قيادة أدولف هتلر في الحرب العالمية (1939 ـ 1945).

وفي السياق، شارك وفد من مفوضية العلاقات الخارجية في مؤتمر "تحالف القوى التقدمية"، الذي عُقد في البرتغال وشاركت فيه كل الأحزاب الاشتراكية الأسبوع الماضي. كما نُظّمت مناظرة في العاصمة البرتغالية لشبونة، شارك فيها أمين عام حزب "العمل" الإسرائيلي هيلك بار، الذي "لم يستطع مجاراة نظيره الفلسطيني حسام زملط"، حسب ما أكد شعث. ومن المفترض أن تتواصل اللقاءات الفلسطينية الأوروبية، الأسبوع المقبل، من أجل كسب مزيد من الأصوات.

ولا تخفي مسؤولة قطاع أوروبا في وزارة الخارجية الفلسطينية، آمال جادو، في حديث لـ"العربي الجديد"، مخاوفها "من الحزب الشعبي في البرلمان الأوروبي، لكونه حزباً يمينياً مسانداً لإسرائيل، ويملك أغلبية في البرلمان الأوروبي، على الرغم من أن بعض أعضائه من الداعمين للقضية الفلسطينية".

"وعلى رغم المخاوف من الحزب الشعبي، إلا أن الفلسطينيين يعوّلون على دعم الكتلة البرلمانية الاشتراكية، التي قدمت مشروع الاعتراف بدولة فلسطين أمام البرلمان الأوروبي، فيما قدم الحزب الليبرالي صيغة وسطية"، وفقاً لجادو.

وتابعت "ترتبط الأحزاب الاشتراكية بعلاقات وثيقة مع الفلسطينيين، تحديداً حركة فتح، العضو في الاشتراكية الدولية، التي تملك علاقات وثيقة وشراكة عميقة مع هذه الأحزاب". وتلفت إلى أنه "لا يكاد يوجد منبر أوروبي لم تشارك فلسطين فيه، لإقناع الدول الأوروبية بضرورة أن يكون لها موقف فعلي أكبر في العملية السياسية، وألا يقتصر دورها على تقديم الدعم المالي للفلسطينيين، لأن "مربط الفرس يتعلق بقرار سياسي وليس عبر تقديم معونات مالية إغاثية، لا تنهي سبب المعاناة وهو الاحتلال الإسرائيلي".

وتعتبر السويد الدولة الأوروبية الوحيدة التي اعترفت فعلياً بدولة فلسطين في 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فيما قدمت برلمانات بريطانيا وفرنسا توصية بالاعتراف، عبر تصويتها لصالح الاعتراف بدولة فلسطين في خطوة رمزية وغير ملزمة لحكوماتها.

وعادة ما يذهب القناصل والسفراء الأوروبيون للقول أمام الإعلام إن الاعتراف بدولة فلسطينية ليس قراراً يمكن أن تتخذه دولة أوروبية وحدها، بل هو قرار الإتحاد الأوروبي بأكمله، لأن مواضيع السياسة الخارجية والتجارة تحتاج إلى إجماع دول الاتحاد الأوروبي الـ28.

المساهمون