"المؤتمر من أجل الجمهورية" التونسي: غموض المستقبل

"المؤتمر من أجل الجمهورية" التونسي: غموض المستقبل

30 ديسمبر 2014
الغموض سيد المرحلة المقبلة (ياسين الجعايدي/الأناضول)
+ الخط -
تعيش تونس أحداثاً اجتماعية وسياسية عميقة ولافتة هذه الأيام، بعد طيّ صفحة آخر مراحل مسارها الانتخابي. وعكست سلسلة المشاورات والتجاذبات الحاصلة، لدى مختلف الأطياف السياسية وخارجها، الحراك الحاصل. وتعمل تلك القوى، إما لتعزيز موقعها داخل المشهد السياسي التونسي، أو بحثاً عن تموضع جديد، بعد خسارتها مجدها إثر انتخابات مجلس نواب الشعب في 26 أكتوبر/تشرين الأول.

الأمثلة على ذلك كثيرة، فبعد الهزيمة النكراء لحزب "التكتل"، أحد أحزاب الترويكا، برئاسة رئيس المجلس الوطني التأسيسي خلال المرحلة الانتقالية، مصطفى بن جعفر، والحزب "الجمهوري"، برئاسة أحمد نجيب الشابي، وحزب "التحالف الديمقراطي"، برئاسة محمد الحامدي.

ولا تقتصر المحاولات على الأطراف السياسية فحسب، بل إن التونسيين فوجئوا منذ أيام بالاعلان عن تكوين "حراك شعب المواطنين"، المبادرة التي أطلقها الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي، غداة الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية، كردة فعل على فوز الباجي قائد السبسي. ويبدو غريباً أن لا أحد يعلم ماهية تلك المبادرة، أو طبيعتها التنظيمية ولا تركيبتها ولا مكوناتها. ولا يزال غير معلوم ما إذا كانت ستكون حزباً أو حركة أو ائتلافاً.

والمثير للجدل هو دفاع عدد من قياديي حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية"، الذي كان يرأسه المرزوقي، عن المبادرة. ما يؤدي إلى التساؤل ما إذا كان الحزب سينصهر داخل مبادرة "حراك شعب المواطنين"، كمحاولة لإعادة تموضعه السياسي، بعد فوزه بأربعة مقاعد فقط، بمجلس نواب الشعب، أم سيعيد خلط أوراقه من جديد في ظل إقرار العديد من المحللين بفرضية اندثاره.

مع العلم أنه بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011، استطاع "المؤتمر من أجل الجمهورية" احتلال المرتبة الثانية، بعد حركة "النهضة" بـ29 مقعداً، ليكون القوّة السياسيّة الثانية، نيابياً. وجعلت النتائج المبهرة للحزب، في قلب المفاوضات السياسيّة، الرامية لتشكيل ائتلاف حكومي، يقود البلاد خلال الفترة الانتقالية اللازمة، لاعداد دستور جديد للبلاد. غير أن الوضع تغيّر الآن، في ظلّ غموض مستقبل الحزب.

في السياق، أكد المحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "الحديث عن مبادرة المرزوقي وإعطاءها هالة إعلامية، مسألة سابقة لأوانها، باعتبارها ما تزال غامضة، ولا مؤشرات حول آفاقها وتركيبتها وتنظيمها".

أما عن مستقبل حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية"، فقد اعتبر الحناشي أن "هذا الحزب انتهى، وفي طور الاندثار وفقاً للنتيجة التي أحرزها في انتخابات مجلس نواب الشعب، ولا يُمكن قراءة مستقبله بربطه بتموضعه في المرحلة الانتقالية الماضية. ولولا الفراغ السياسي الذي كانت عليه تونس في زمن الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، لما ظفر بتلك الحظوظ في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي لسنة 2011".

وخلافاً لذلك رأى القيادي في حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" سليم بن حميدان، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "سيكون للحزب موقع سياسي جديد، أفضل بكثير مما كان عليه في السنوات الماضية من خلال الانصهار في مبادرة المرزوقي، الذي كان الهدف منها، إعطاء أفق لحراك يؤمن بالثورة، ويُحصّنها من كل نزعات الارتداد إلى الوراء، وعودة منظومة الاستبداد".

ويُمكن هذا الانصهار أن يتخذ ثلاثة أشكال، حسب ما أكد بن حميدان، واعتبر أنه "قد يكون أولاً في شكل تنسيقية على شاكلة جبهة 18 أكتوبر، التي أطاحت بالديكتاتورية، على أن تنضم إليها أحزاب وشخصيات وطنية ومستقلة، تجتمع كلها حول هدف واحد، وهو التصدي للمنظومة القديمة، وترسيخ الحريات والديمقراطية".

كما طرح إمكانية "أن يتخذ الانصهار شكل ائتلاف جبهوي حزبي بنفس التركيبة، ويجتمع حول نفس المشترك أو الشكل الثالث، وهو شكل الحزب الكبير، الذي تنصهر فيه كلّ الأحزاب الصغيرة ذات نفس التوجه والهدف والهوية".

واعتبر أن "كل من يتصور أن الحزب قد انتهى على الرغم من نتائج الانتخابات التشريعية، مخطئ، لا بل أن كل مناضليه يعتبرون أن المعركة قد بدأت اليوم، بعد موجة الالتفاف التي عاشها ويعيشها الحزب، بعد نتائج الانتخابات التشريعية والرئاسية".