سورية: تحضيرات "موسكو 1" تبدأ

سورية: تحضيرات "موسكو 1" تبدأ

25 ديسمبر 2014
بحثاً عن الحلّ السوري (يوسف البستاني/الأناضول)
+ الخط -
تسابق روسيا الزمن لمحاولة إيجاد حل سياسي في سورية يضع حداً للأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها، في ظلّ تراجع أسعار النفط، بعد نحو ثلاث سنوات من دعم النظام السوري وتعطيل قرارات مجلس الأمن لإدانته، عبر حق النقض (الفيتو). وتسعى إلى تكريس دورها السوري، عبر الإكثار من حركتها الدبلوماسية، كما حصل أخيراً، بحركة الموفدين الروس إلى المنطقة ولقائهم رئيس النظام السوري بشار الأسد، وزيارة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، موسكو. وأفادت وسائل الإعلام الروسية، عن بدء التحضيرات لأجل عقد مؤتمر "موسكو 1" المخصص للشأن السوري في روسيا، بينما نفى بعض قياديي المعارضة الداخلية في سورية، تلقّيهم أي دعوة إلى موسكو.

فقد أعلنت وكالة "ريا نوفوستي" الروسية، أمس الأربعاء، نقلاً عن مصدر في وزارة الخارجية الروسية، بأن لقاء "سيجري في نهاية يناير/كانون الثاني المقبل. ومن المقرر أن يستمر أربعة أيام". وأضافت الوكالة، أن "لقاء موسكو سيُدعى إليه ممثلون عن أطياف من المعارضة السورية". من دون أن تذكر شيئاً عن حضور ممثلي النظام.

ويدور الحديث عن المؤتمر الروسي، بعد فشل "جنيف 1" و"جنيف 2"، وسبق أن رتبت موسكو لعقده بين 17 و21 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وجرى الحديث آنذاك على أنه سيستمر 5 أيام، ثلاثة منها للمعارضة، ثم ينضم وفد النظام في اليومين الأخيرين. وأفاد مصدر دبلوماسي، لـ "العربي الجديد"، في حينه، بأن "وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي أُبلغ بالأمر أثناء وجوده في سوتشي، لم يكن راضياً عن الطرح". ما استدعى المزيد من المشاورات الروسية مع بعض الأطراف المعارضة ومع النظام السوري، تطلبت مزيداً من الوقت، فالحديث كان يدور عن عدم ترحيب النظام السوري بهذه الخطوة.

من جهة المعارضة الداخلية، فقد أفاد مصدر مقرّب من "هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي في دمشق"، بأنهم تلقوا دعوة للمشاركة في المؤتمر، وتم ذكر تاريخ 20 يناير/كانون الثاني المقبل موعداً لبدء أعمال المؤتمر، وسط استياء من عدم فهم ما يمكن بحثه هناك، نتيجة عدم التوصل إلى أوراق عمل مشتركة بين القوى المعارضة، وتأكيد موسكو على أهمية الحضور بحدّ ذاته والتباحث هناك بالوضع السوري وسبل التسوية الممكنة، من دون تحضيرات مسبقة لبنود ونقاط يمكن التفاوض حولها.

مع العلم بأن أحد أهم قياديي "هيئة التنسيق" عبد العزيز الخير وزميله القيادي الآخر رجاء الناصر، لا يزالان مغيبين لدى النظام، ومثلهما رئيس تيار "بناء الدولة"، لؤي حسين، الذي اعتقله النظام ويرفض الإفراج عنه، فيما يبدو أن التيار سيحضر لقاء موسكو، ربما ممثلاً بالقيادية فيه، منى غانم.

من جهته، أكد عضو المكتب التنفيذي في "هيئة التنسيق"، آصف دعبول، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن "الهيئة لم تتلقّ إلى اليوم دعوى رسمية للمشاركة في المؤتمر". ولفت إلى أنه "ليس لديهم معلومات رسمية عن موعد عقد المؤتمر، سوى ما يتم تناقله في الإعلام".

وأضاف دعبول أنه "لم يكن هناك مبادرة واضحة، عندما التقينا مبعوث الرئيس الروسي ميخائيل بوغدانوف، في حين كان العنوان الرئيسي أن يكون هناك لقاء يستمر لخمسة أيام ثلاثة منها للمعارضة، ويومان تجتمع فيه المعارضة مع النظام، الأمر الذي رفضته الهيئة، مصرة على أن يكون هناك وقت بين لقاء المعارضة واللقاء مع النظام، على أن يكون عقد المؤتمر على جدول أعمال واضح، يسمح للمعارضة التوافق على الخطوط العريضة للحل السياسي والمفاوضات مع النظام".

في سياق مواز، نفى نائب رئيس "تيار بناء الدولة السورية" أنس جودة، لـ "العربي الجديد"، "تلقي التيار دعوة رسمية للمشاركة في المؤتمر". وذكر أن "روسيا إلى اليوم لم تقدم مبادرة محددة الملامح، وكل اللقاءات التي جرت أخيراً كانت عبارة عن تبادل وجهات النظر".

وأضاف أن "التيار يدعم أي حل سياسي ينهي الأزمة السورية، على أساس تشكيل حكومة وطنية يرأسها معارض، تمثل المعارضة والنظام وشخصيات عامة، تقود فترة انتقالية محددة المدة، في ظل إعلان دستوري ينص على تقاسم الصلاحيات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والحكومة مجتمعة، تعمل على وضع دستور جديد وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية". وقال إن "التيار يتواصل مع العديد من قوى المعارضة في الداخل والخارج"، لافتاً إلى "أنهم يؤيدون عقد مؤتمر للمعارضة تتوافق خلاله على أسس الحل السياسي، وآليات التفاوض مع السلطة".

وأكد رئيس المكتب الإعلامي في "هيئة التنسيق"، منذر خدام، لوكالة "فرانس برس"، أن "عدداً من الفصائل والشخصيات المعارضة تخوض حوارات منذ أكثر من شهرين، وتوصلنا معهم لتفاهمات مشتركة للحل السياسي للأزمة وسيتوج ذلك في لقاء وطني يجري في القاهرة". وأشار خدام إلى أن "اجتماع القاهرة سيُمهّد للقاء موسكو، وسيضمّ مجموعة من الأحزاب والشخصيات السورية المعارضة، بينها هيئة التنسيق التي تضم 12 حزباً، بالإضافة إلى جبهة التغيير والتحرير التي يقودها قدري جميل، والإدارة الذاتية الكردية وقوى من الائتلاف الوطني المعارض". وكشف مصدر معارض آخر إلى أنه "من المتوقع عقد اجتماع القاهرة في منتصف يناير/كانون الثاني".

وكان عدد من المسؤولين الروس قد التقوا خلال الأسابيع الأخيرة مسؤولين في النظام، وعدداً من قوى المعارضة في الداخل والخارج، وتبادلوا معهم الحديث حول إحياء المفاوضات، للوصول إلى حل الأزمة السورية، على أساس "جنيف 1"، عقب فشل "جنيف 2"، وأعرب الروس عن رغبتهم عقد مؤتمر لهذا الغرض في موسكو، لكن دون أن تعلن إلى اليوم عن تفاصيل أكثر، في وقت يتضمن إعلان "جنيف 1"، الذي يستند له الروس، إشكالية في التفسير بين روسيا والولايات المتحدة حول مستقبل الأسد.