أوباميات (1)

أوباميات (1)

04 نوفمبر 2014
+ الخط -
تبدو الانتخابات العامة النصفية للكونغرس الأميركي، اليوم، شبه محسومة لمصلحة الجمهوريين على ما يبدو، تصويتاً لباراك أوباما أو ضده. استفتاء لتقييم ولاية ونصف الولاية لرجل أتى بشعار التغيير ليحكم بعقيدة المحافظة على الوضع القائم. تتعدد زوايا تقييم ست سنوات لولاية الرجل الذي كان وصوله إلى الحكم بمثابة الظاهرة العالمية التاريخية. وأوباما المرشح كان فعلاً تاريخياً: رئيس أسود، صاحب ماضٍ هو خليط ماركسي ــ إسلامي، متحدر من عائلة ووسط اجتماعيين خارجَين عن "السيستام"، على عكس أسلافه من آل بوش وكينيدي وكلينتون. أتى ليكون نقيض جورج بوش وحروبه، فلا أبرم السلام في العالم، ولا هو كان رجل حروب.

ربما لم تتوفر في أوباما، الشروط الثلاثة الضرورية لجعل أي رئيس إمبراطورية بمواصفات الولايات المتحدة، تاريخياً:

ــ أزمة وجودية تهدّد البلاد تتيح له ارتداء ثوب المنقذ، ثم ــ ذكاء استثنائي يخوّله اتخاذ قرارات تاريخية ويسمح له بإدارة علاقة مقبولة مع الكونغرس الموجود لعرقلة عمل الرئيس تحت شعار "موازنة سلطاته". وأخيراً ــ شخصية رئيس تاريخي كلينكولن وروزفلت وكينيدي ربما. على الأرجح أنه في غياب هذه الشروط الثلاثة يمكن فهم سرّ الإخفاق. شخصية أوباما لا علاقة لها بشعاره الذي دغدغ عواطف الملايين: التغيير؛ لا هو ثوري جاهز للصدام الضروري لكسر الوضع القائم، ولا هو تجرأ على تغيير توازنات الكونغرس وبناء كتلة اجتماعية تحمل مصالح طبقية اقتصادية سياسية من خارج دائرة الحزب الديمقراطي ومجموعات الضغط التي تدور في فلكه، لتحمل مشروعه وتدافع عنه وتستميت من أجله.

قد يكون أوباما، في خطاب تسلمه الرئاسة، أجاب عن سرّ فشله في معرض محاولة دحض نظرية أن "النظام الأميركي لا يحتمل مشاريع كبيرة عديدة في آن واحد". أما سخرية القدر التي تختصر المصير البائس الذي انتهى إليه عهد أوباما قبل عامين من مغادرته المكتب البيضاوي، فهي أن عدداً من المرشحين الديمقراطيين في ولايات محافِظة، تقوم برامجهم الانتخابية على الوعد بالتصويت ضد مشاريع يطمح أوباما إلى تمريرها قبل مغادرته، مثل مشروع قانون تخفيض انبعاث الغازات السامة. يبقى تصوّر إلى أي مدى سيصل مستوى التبرّؤ من صورة أوباما واسمه في انتخابات 2016.

المساهمون