تنامي "داعش" في باكستان: تحذيرات سياسيّة ونفي حكومي

تنامي "داعش" في باكستان: تحذيرات سياسيّة ونفي حكومي

22 نوفمبر 2014
آلاف المسلحين بدأوا بالانضمام إلى "داعش" (فرانس برس)
+ الخط -

تتزايد يوماً بعد يوم المخاوف من تنامي خطر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في باكستان، في ظل تحذيرات متكررة للقيادة السياسية الباكستانية من وجود التنظيم في مختلف مناطق البلاد، لا سيّما مناطق الشمال الغربي ومدينة كراتشي، العاصمة الاقتصادية لباكستان، والتي تعاني أصلاً من وجود حركة "طالبان باكستان"، وفرع تنظيم "القاعدة" في شبه القارة الهنديّة، والعصابات القوميّة المتناحرة.

وكان الرئيس الباكستاني السابق آصف علي زرداري، آخر من حذّر من وجود "داعش" وتنامي قوته في باكستان، داعياً الحكومة وأجهزة الأمن إلى اتخاذ تدابير لمجابهة الخطر قبل فوات الأوان. وسبق أن اعتبر عدد من الساسة الباكستانيين، أنّ وجود "داعش" في باكستان أخطر من "طالبان" ومن الجماعات المسلّحة التي تنشط في البلاد منذ أعوام.

وترفض الحكومة الباكستانية، التي أمرت أجهزة أمنها، حسب تسريبات صحافية، بجمع المعلومات حول وجود التنظيم، الاعتراف رسمياً بأنّ لـ "داعش" كياناً حقيقياً في البلاد. ويؤكّد وزير الداخلية شودري نثار أنّه "لا وجود لأي كيان لداعش في باكستان، ووجود بعض المتعاطفين معه لا يعني وجود التنظيم في بلادنا".

ويستبعد الجيش الباكستاني بدوره أن يشكّل "داعش" أي تهديد لباكستان، في وقت يشير المتحدث باسمه الجنرال عاصم باجوا إلى أنّ "هناك جماعات مسلحة نسبت نفسها إلى داعش في الآونة الأخيرة، وتحاول أن ترفع راية التنظيم، لكن ذلك لا يعني أن هناك وجوداً له في باكستان".

وعلى الرغم من نفي الحكومة والجيش، لكنّ ثمّة مؤشرات تنذر بوجود "داعش" في باكستان، وتشير الى أنه يعمل حالياً على تشكيل كيان تابع له، لا في باكستان بل في المنطقة كلها. ومن هذه المؤشّرات، رسالة وجّهتها الحكومة المحلية في إقليم بلوشستان إلى الداخلية الباكستانيّة، وسرّبتها وسائل الإعلام.

وتؤكد الرسالة أنّ "داعش" بدأ ينظّم صفوفه في باكستان، وشكّل لجنة من عشرة أشخاص، موضحة أن آلافاً من مقاتلي الجماعات المسلحة بدأوا ينضمون إلى التنظيم في المقاطعات القبليّة الباكستانيّة، في موازاة إعلان حركة "جند الله"، أنّ وفداً من تنظيم "الدولة الإسلامية" زار أخيراً باكستان بقيادة أبي الزبير الكويتي، واجتمع بقيادة الحركة. ويقول المتحدث باسم الحركة فهد مروت، أنّ الهدف من زيارة وفد "داعش" إلى باكستان هو توحيد صفوف الجماعات المسلحة.

في غضون ذلك، يعزز المحذرون من تصاعد نجم تنظيم "داعش"، آراءهم، باعتقال قوات الأمن الباكستانية عناصر كانوا يكتبون على الجدران في مختلف مناطق البلاد، شعارات ترحب بمجيء "داعش" إلى البلاد. كما أن عدداً من الساسة الباكستانيين طرحوا تساؤلات حول العناصر الذين اعتقلتهم قوات الأمن أخيراً بشبهة انتمائهم لـ "داعش". وطالبوا الحكومة بإعطاء معلومات للشعب حول المعتقلين من عناصر التنظيم.

من جهته، يحذر وزير الداخلية السابق رحمن ملك من أنّ "داعش" يجنّد الباكستانيين من دول أوروبية وغربيّة، كأستراليا وألمانيا وغيرهما، معرباً عن خشيته من إرسال هؤلاء إلى باكستان واستخدامهم في تنظيم صفوفه، مشدداً على أن لديه أدلة تثبت وجود "داعش" في باكستان على الرغم من إنكار الحكومة.

وفي السياق ذاته، يعتبر زعيم "الحركة القوميّة المتحدة" إلطاف حسين، أنّ وجود "داعش" في باكستان أمر لا يمكن إنكاره، وعلى الحكومة الباكستانيّة أن ترسم خطة، وتوحّد صفوف القوى السياسيّة والدينيّة لمواجهة هذا الخطر.

وفي خطوة لافتة في هذا السياق، تفيد وسائل إعلام باكستانية، في تقارير نشرتها أخيراً، بأنّ "داعش" شكّل فرعاً له في المنطقة، سماه فرع خراسان، الذي يشمل باكستان وأفغانستان ومناطق من الهند وإيران ودول آسيا الوسطى، وعيّن المولوي عبد الرحيم، وهو عالم أفغاني، أميراً للفرع.

وعاش المولوي عبد الرحيم، الذي ينتمي إلى الفكر السلفي، فترة من حياته في سجون باكستان قبل أن يُنقل إلى سجن غوانتنامو بتهمة انتمائه للجماعات المسلحة. ثم أُفرج عنه عام 2005 بعدما أمضى أربع سنوات في السجن غوانتنامو، وحينها كتب كتابه الشهير حول السجن سمّاه "القيود المحطمة".

ومما لا شك فيه أن الجدل بشأن وجود "داعش" في باكستان وفي المنطقة سينتهي إذا ما ثبت فعلاً أن التنظيم عيّن أميراً على فرع خراسان، لكنّ الأمر لم تؤكده الحكومة الباكستانية حتى الآن، كما لم تعلّق عليه الجماعات المسلّحة.