أوري أرئيل... ماكينة الاستيطان وعرّاب اقتحام الأقصى

أوري أرئيل... ماكينة الاستيطان وعرّاب اقتحام الأقصى

29 أكتوبر 2014
قرر وزير الاسكان الإسرائيلي السكن ببلدة سولن المقدسيّة (Getty)
+ الخط -
للوهلة الأولى، بدا قرار وزير الإسكان الصهيوني أوري أرئيل لناحية الانتقال وعائلته للإقامة في قلب بلدة سلوان المقدسيّة مستهجناً، ذلك أنّ الخطوة تعني أن أحد كبار الوزراء في حكومة بنيامين نتنياهو مصمم على صبّ الزيت على النار، في وقت يُنذر فيه توالي الأحداث في القدس بتفجّر انتفاضة جديدة. لكن من يعرف أرئيل، يدرك أن هذا السلوك ينسجم مع النسق العام لشخصيّة هذا السياسي، الذي لم يبدِ أيّ تأثّر بالدعوات التي انطلقت في الساحتين الحزبيّة والسياسيّة الإسرائيليّة لحثّه على التراجع عن قراره. لم يتأخر في رفض الاعتبارات الأمنيّة التي تذرّع بها، حتّى بعض زملائه في اليمين، لزجره عن هذه الخطوة، زاعماً أنّ الاستيطان في سلوان "مقدّس لأنّه في قلب هذه البلدة، تمّ تدشين أول مملكة يهوديّة، وهي مملكة داود، قبل ألفي عام".

ولا يقتصر السلوك الاستفزازي الخطير لأرئيل، في كل ما يتعلّق بالقدس، على موقفه من الاستيطان في سلوان فحسب، ذلك أنّه يُعدّ صاحب فكرة اقتحام المسجد الأقصى بشكل استعراضيّ.
وعلى الرغم من انشغالاته الكثيرة، كوزير للإسكان، لكنّه وجد متّسعاً من الوقت، لتشكيل نواة شبابيّة، تتولّى تنظيم عمليات الاقتحام المتكررة للأقصى. ومن أجل تشجيع الشباب اليهودي في إسرائيل والعالم على مشاركته اقتحامات الأقصى، بادر إلى تدشين موقع على الشبكة العنكبوتيّة يُعنى بتوثيق عمليات الاقتحام، التي شارك فيها. واستغل أرئيل حصانته كوزير ليؤدي الصلاة قبالة قبّة الصخرة المشرفة، مع العلم أن الشرطة الصهيونيّة تمنع اليهود من أداء الصلاة في الأقصى. ولم يتأخّر أرئيل في نشر مقطع مصوّر، يوثّق أداءه الصلاة على الموقع.

وتُعدّ حماسة أرئيل الشديد لتنفيذ مشاريع استيطانية وتهويديّة في الضفّة الغربيّة والقدس، أحد أوجه الأنماط الأكثر تأثيراً على الصراع بين الشعب الفلسطيني والكيان الصهيوني. ويختصر مقدم برنامج "هذا الصباح" على "شبكة الإذاعة العبريّة الثانية" مدى انشغال أرئيل بالمشاريع الاستيطانية، بقوله: "إذا تعلّق الأمر بأرئيل، فإنّ لديه مشاريع استيطانية نحتاج إلى 50 عاماً لإنجازها".
لا شكّ بأنّ الخلفيّة الإيديولوجيّة والدينية لأرئيل، تفسّر حماسته الشديدة للمشاريع الاستيطانية والتهويديّة، والحرص على تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى. فأرئيل، هو الرجل الثاني في حزب "البيت اليهودي"، الذي يقوده وزير الاقتصاد نفتالي بنيت. وإذا كان "البيت اليهودي"، الذي تتوقع استطلاعات الرأي العام أن يحلّ في المرتبة الثانية، بعد الليكود، في الانتخابات المقبلة، بوصفه يمثّل اليمين الديني في إسرائيل، فإن أرئيل يقود الجناح الأكثر تطرفاً في هذا الحزب، وهو يجاهر بامتثاله لتعليمات أكثر الحاخامات تطرفاً وتحريضاً على العنصريّة.

ويتباهى أرئيل بأنّه "التلميذ المطيع" للحاخام دوف ليئور، الحاخام الأكبر لمستوطنة "كريات أربع"، التي تقع في محيط الخليل. وكان الأخير قد بادر خلال الحرب على غزة، إلى إصدار فتوى تدعو الجيش الصهيوني، لقتل المدنيين الفلسطينيين وعدم الاكتفاء بالمقاتلين، علاوة على إصداره عدداً كبيراً من الفتاوى، التي تحثّ على المسّ بالفلسطينيين.
وُيعتبر أرئيل مثالاً كلاسيكياً للنخب الدينيّة الصهيونيّة. تجنّد في الجيش وهو في عمر 18 عاماً، والتحق بلواء المظليين، قبل أن يصبح قائد سرية برتبة رائد، ثم تسرّح وانضم لحزب "المتدينين الوطنيين" (المفدال)، الذي تفكّك وورثه حزب "البيت اليهودي".

يجاهر أرئيل، الذي يقطن مستوطنة "ألكناه" القريبة من "بيت لحم"، وسبق أن تولّى منصب مدير عام مجلس المستوطنات اليهوديّة في الضفّة الغربيّة وقطاع غزة لأكثر من 8 سنوات، بأن هدفه الرئيس من التوسّع في تدشين المشاريع الاستيطانيّة، هو منع إقامة دولة فلسطينية. وتسبّب أرئيل في شهر يونيو/حزيران الماضي، بإحراج شديد للحكومة الإسرائيليّة، عندما أعلن عن خطة لزيادة عدد المستوطنين في الضفّة الغربيّة بنسبة 50 في المائة في غضون خمس سنوات، في وقت التزمت فيه حكومة نتنياهو بتجميد الاستيطان.