المعارضة الجزائرية: لا حوار مع بن صالح..ولا انتخابات بموعدها

المعارضة الجزائرية: لا حوار مع بن صالح ولا انتخابات في موعدها

06 مايو 2019
المظاهرات تطالب بن صالح بالرحيل من السلطة​ (العربي الجديد)
+ الخط -

لاتزال قوى المعارضة السياسية في الجزائر تتشدد في رفض تمسك الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد في الرابع من يوليو/ تموز المقبل، كما رفضت، مرة أخرى، دعوة وجهها لإجراء جولة ثانية من الحوار والمشاورات.

وردت المعارضة الجزائرية بـ"الرفض قاطع" للحوار مع بن صالح وحكومته التي يقودها نور الدين بدوي، إذ وصف رئيس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله دعوة الرئيس المؤقت للحوار والتمسك بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها بـ"المؤامرة على الشعب الجزائري".

وقال جاب الله، في منشور على صفحته في فيسبوك: "سبق وأن رفضنا دعوته للحوار وسنرفضها اليوم كذلك، وأتعجب من شخص لم يحضر للجلسة التي دعا إليها سابقا بأن يطالب بالحوار من أجل إجراء الانتخابات في موعدها". 

وسبق تصريح جاب الله صدور بيان لجبهة العدالة والتنمية، أكدت فيه رفضها المشاركة في أي حوار تديره السلطة السياسية الحالية.

وأكدت الجبهة، أيضا، "التزامها بمطلب الشعب القاضي بإنهاء بقايا السلطة السياسية الفاقدة للشرعية والمرفوضة شعبيا، لذلك فإن أي استنساخ لحوار تديره هذه السلطة السياسية لا يمكنه أن يكون توافقيا ولا ناجحا ولا ينتظر منه أن يحقق أهم هدف من أهداف الهبّة الشعبية، ألا وهو تحقيق شروط الاختيار الحر لحكامه، من خلال إنشاء هيئة وطنية مستقلة للتنظيم والإشراف على الانتخابات - كل مراحل الانتخابات - وليس ما تبقى منها كما يراد لها أن تكون".

واعتبر الحزب الإسلامي، الذي يحتضن الاجتماعات الأسبوعية لكتلة المعارضة، أنه وبرغم ما تحقق من مطالب الهبة الشعبية السلمية، فإن هناك محاولة من "السلطة السياسية الفاقدة للشرعية الشعبية بالالتفاف والمماطلة في الاستجابة لها، والسعي لفرض أجندتها وتثبيت إرادتها، وإصرارها على إلغاء إرادة الشعب والتفريط في الدولة، بدل تنازلها عن السلطة". 

ولفتت إلى أن خطاب بن صالح يوحي بأن السلطة تحاول الإفلات من مطالب الشعب "صاحب الحق في السلطة والثروة، ومن حقه وواجبه في الوقت نفسه أن يسهر على المطالبة بحقوقه تلك، وأن يفرض ذلك عن طريق الوسائل السلمية والحضارية الممكنة والمتاحة، لذلك فإن استمرار الشعب في هبته السلمية هو الضامن بعد الله لتحقيق مطالبه".

وكان جاب الله وحزبه يعلقان على إعلان رئيس الدولة المؤقت، في خطاب ألقاه مساء الأحد الماضي، تمسكه بإجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في الرابع من يوليو/ تموز المقبل، وتسليم السلطة إلى رئيس شرعي منتخب.

ودعا بن صالح القوى السياسية والمدنية إلى جولة مشاورات سياسية ثانية لـ"بحث آليات توفير ظروف سليمة لإجراء هذه الانتخابات".

وقال: "يبقى الحوار الذكي والبناء ذو النية الصادقة هو السبيل الأوحد لبناء توافق مجدٍ وواسع، يسمحُ بتوفير الشروط الملائمة لتنظيم انتخابات رئاسية في الآجال المحدّدة".

واعتبر بن صالح أن تحقيق باقي المطالب الشعبية معلق على عاتق "رئيس جمهورية منتخب بنزاهة، ستكون له الشرعية اللازمة وكل الصلاحيات الكفيلة بتجسيد التطلعات العميقة إلى التغيير والاستجابة لكل المطالب الشعبية الشرعية"، مؤكدا دعوته للقوى السياسية والمدنية إلى "حوار يخلص إلى صياغة ترتيبات تنظيم ومراقبة الانتخابات المقبلة". 

وقال: "من البديهي أن ترتيبات تنظيم ومراقبة هذه الانتخابات، وكذا الإشراف عليها في كل مراحل التحضير والسّيْر، وحتى الترتيبات النهائية، يتوجَّبُ أن تكون في صُلب هذا الحوار، وأن تحظى بتوافقٍ واسع"، في إشارة منه إلى مقترح تشكيل هيئة تتولى تنظيم الانتخابات.

وهاجمت جبهة القوى الاشتراكية خطاب بن صالح واعتبرت أن "الحوار الحقيقي لا يمكن ولا ينبغي القيام به مع أو من خلال شخصيات يرفضها غالبية الشعب الجزائري قطعيا وجذريًا، رئيس الدولة المرفوض، المنبثق عن عكازتي النظام غير الشرعية وغير الشعبية، قرأ خطابه البارحة ليلا، في حين أن أكثر المراقبين مصداقية كانوا يُتوقعون أن يروا ويسمعوا قرارات مفيدة من جانب الواجهة الجديدة للنظام".

وأكدت الجبهة أنه "يلاحظ بقلق شديد أن صانعي القرار الحاليين المرتبطين بقيادة الجيش مصممون على فرض خارطة الطريق. وبدون أي مفاجأة خطاب بن صالح كرّر تأكيد استعداد وعناد صُناع القرار للمضي قدماً نحو الانتخابات الرئاسية التي ستحشد فقط مروجيها وعملاءها، لأن تطلعات المطالب الشعبية الديمقراطية المشروعة، وعلى نطاق واسع منذ 22 فبراير/ شباط، لا يمكن تحقيقها من خلال تنظيم مهزلة انتخابية، وحده البدء في عملية انتقال ديمقراطية حقيقية يمكن أن يُهيئ الظروف لإجماع وطني حقيقي".

ووصفت حركة مجتمع السلم (إخوان الجزائر) دعوة بن صالح إلى جولة حوار جديدة، والتمسك بإجراء الانتخابات في موعدها، بأنها "خطوةٌ في هواء، ورقصة على ماء، وتخبط بهلواني". 

وقال القيادي في الحركة نصر الدين حمدادوش إن "خطاب بن صالح فارغ ولم يأت بجديد، وهو نوع من الهروب نحو الأمام، ومحاولةٌ لفرض الأمر الواقع، والإصرار على الخيارات الفوقية والأحادية، وكأنه يعيش خارج الزمن، مضيفا أنه "بالرغم من اعترافه بالمطالب المشروعة للشعب الجزائري، إلا أنه يقفز على أهم وأكبر مطالبه وهو رحيله في حدّ ذاته".

وأكد حمدادوش أن الحركة ترفض بشكل قطعي الحوار مع بن صالح المرفوض شعبيا، وشدد "المشكلة ليست في الحوار من حيث المبدأ، ولكن: مع مَن؟ وتحت إشراف مَن؟ وما هو جدول أعمال هذا الحوار؟ فالشعب يرفض بقاء بن صالح، ناهيك عن إشرافه على هذه المرحلة، ولا يُعقل الحديث عن الحوار معه مرة أخرى، بعد فشل جولته الأولى، وقد قاطعها بنفسه، فكيف يدعو إلى جولة جديدة؟ هذا استفزاز واستخفاف بالجزائريين".


وحذر القيادي ذاته من مخاطر الإصرار على تنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدها، واعتبر أنه "ضربٌ من العبث بعقولنا جميعا، ولا مفرّ له من الاستقالة، فهو العقبة الكبرى الآن أمام الحل، ولا يمكن القبول بالجلوس معه على طاولة الحوار، ولا بد من شخصية وطنية مقبولة لدى الحراك الشعبي هي مَن تقود رئاسة الدولة، والإشراف على المرحلة الانتقالية، والحوار من أجل ترتيبات الحل".

وفي السياق، اعترض رئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان على إقامة أي حوار مع السلطة قبل رحيل بن صالح وحكومة بدوي. 

وقال سفيان، في ندوة سياسية نظمها الاثنين في العاصمة الجزائرية، إن "بن صالح وبدوي من رموز نظام بوتفليقة، وكانا شريكين في خدمة سياساته، وليس ممكنا أن يكونا جزءا من الحل". 

وأضاف أن مواقف حزبه منسجمة مع مواقف الشعب التي تطالب برحيل رموز النظام، موضحا أنه "لم يبق أمام بن صالح وبدوي سوى الاستقالة وليس إدارة حوار بين الجزائريين"، مشيرا إلى أنه لا يمكن إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة قبل توفير الظروف والشروط السياسية اللازمة، وأولها "رحيل رموز النظام البوتفليقي".

ويأتي إعلان بن صالح التمسك بالانتخابات الرئاسية المقبلة في موعدها المحدد في الرابع من يوليو/ تموز المقبل رغم رفض أغلب القوى السياسية والمدنية المشاركة فيها تحت رئاسته وبإدارة من حكومة نور الدين بدوي، ومطالبتها برفض الحوار معهما وتنحيهما من السلطة، وفقا للمطالب التي يرفعها الحراك الشعبي منذ 11 جمعة، خاصة أن مجمل الأحزاب والقوى السياسية الموالية والمعارضة كانت قد قاطعت ندوة مشاورات سياسية عقدها الرئيس المؤقت في 23 إبريل/ نيسان الماضي، وخلصت الندوة نفسها التي نظمت بمن حضر إلى ضرورة تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى حين توفير الشروط اللازمة.

وحاول بن صالح الاستناد إلى مواقف قيادة الجيش نفسها التي تصر على الحل الدستوري المؤدي إلى تنظيم الانتخابات في الرابع من يوليو المقبل.

ويتطابق موقف الرئيس المؤقت مع مواقف قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح في التحذير من حالة فراغ دستوري في حال لم تجر الانتخابات في موعدها المقرر، حيث تنتهي العهدة الدستورية لبن صالح في التاسع من يوليو/ تموز المقبل.