البنتاغون و"العزيمة الصلبة"

البنتاغون و"العزيمة الصلبة"

18 أكتوبر 2014
يشير حضور أوستين إلى وجود رسائل مهمة (Getty)
+ الخط -
تمضي الولايات المتحدة في قيادة التحالف الدولي ضد "داعش"، مقدمةً بين الحين والآخر ملخصات للتطورات في ظل الضربات المتواصلة التي توجهها للتنظيم، سواء في سورية أو العراق.
ضمن هذا السياق يأتي المؤتمر الصحافي لقائد القيادة الأميركية الوسطى، الجنرال لويد جاي أوستين، أمس الجمعة، والذي قدّم فيه ملخصاً وافياً لآخر تطورات الحرب الجارية على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في العراق وسورية.

وكانت مصادر في وزارة الدفاع الأميركية قد أكدت لـ "العربي الجديد" أن المؤتمر سيعقد في مبنى البنتاغون، مشيرةً إلى أنه سيتضمن معلومات جديدة حول برنامج تدريب المعارضة السورية وضوابط اختيار المستفيدين من البرنامج.

ويشير حضور قائد القيادة الأميركية المركزية إلى واشنطن من مقر قيادته في تامبا بولاية فلوريدا، للمشاركة بنفسه في المؤتمر إلى وجود معلومات أو رسائل مهمة ترغب القيادات العسكرية في تقديمها للرأي العام الأميركي، قد يكون من بينها التطرق إلى الصعوبات التي تواجه العسكريين في إيقاف تقدم مقاتلي "الدولة الإسلامية" في أكثر من جبهة من دون وجود قوات برية مقاتلة.

ومثل هذه الاشارات يمكن اعتبارها وسيلة من وسائل الضغط المقبول أدبياً عند الرئيس الأميركي، باراك أوباما، يلجأ إليها الجنرالات بهدف إجباره في نهاية المطاف على الرضوخ للأمر الواقع والقبول بإرسال قوات برية تحت ذريعة أي خطر وشيك.

ولكن حسب ما توفر لـ "العربي الجديد من معلومات، فإن هناك انقساماً بين الجنرالات أنفسهم تجاه الدفع نحو الحرب البرية، من بينهم من لا يرى حاجة لإنقاذ بغداد من السقوط أو حماية موظفي السفارة الأميركية في العاصمة العراقية من الموت، واصفين مثل هذه المخاطر المحتملة بالتهويلات غير المبررة.

وفي هذا الإطار، يأتي استبعاد المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، تعرض بغداد في الوقت الحاضر لـ "تهديد وشيك". لكن استخدامه لعبارة الوقت الحاضر لا تغلق أبواب الخطر على بغداد في المستقبل المنظور، وخصوصاً أنّ هناك ما يشبه الإقرار بين المسؤولين الأميركيين بأن مقاتلي "داعش" حققوا "تقدماً مهماً" وعلى وجه التحديد في محافظة الأنبار، غرب العراق.

وقد ينتهز مسؤولو البنتاغون هذه التطورات وغيرها للتحذير من الاستقطاعات الجارية في الميزانية الخاصة بالجيش الاميركي، وخصوصاً أنها متزامنة مع مخاطر وحروب على جبهتي "داعش" ومرض "ايبولا" ، فضلاً عن التحديات الخارجية الأخرى المتعددة، وهي تحديات يقول مهاجمو إدارة أوباما إن مواجهتها تحتاج إلى المزيد من الاعتمادات الإضافية وليس العكس.

ومن الأهداف غير المباشرة للمؤتمر الصحافي اشهار وتعميم التسمية الجديدة للحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" وهي "عملية العزيمة الصلبة"، وترسيخها في الأذهان عن طريق استغلال المؤتمر الصحافي للإكثار من ترديدها.

وفي هذا السياق، علمت "العربي الجديد" من أكثر من مصدر أن جنرالات البنتاغون أثناء نقاشهم للتسميات المطروحة قبل إقرار "العزيمة الصلبة"، استبعدوا مقترحات توحي بأن العمليات تقتصر على الضربات الجوية. وحرصت القيادة الأميركية الوسطى أن تكون التسمية مفتوحة وقابلة لأن تشمل أي عمليات برية محتملة، وهو ما يستشف من تسمية "العزيمة الصلبة".

وكان بعض أعضاء الوفود العربية إلى اجتماعات الثلاثاء الماضي، التي استضافتها واشنطن لرؤساء أركان جيوش عشرين بلداً مشاركاً في التحالف الدولي ضد "داعش"، قد استحسنوا ترجمتها العربية.

وفي اليوم التالي أعلن البنتاغون عن التسمية رسمياً في بيان صادر عن القيادة الأميركية الوسطى. وحرص البيان على الإشارة إلى أن الاسم ينطبق على جميع العمليات العسكرية الأميركية التي يتم توجيهها ضد تنظيم "الدولة"، منذ أن بدأت الضربات الجوية في العراق في أغسطس/آب الفائت.

وجاء في البيان أن "الاسم الجديد يعكس عزماً لا يتزعزع والتزاماً قوياً من الولايات المتحدة والدول الشريكة في التحالف من المنطقة وحول العالم للقضاء على إرهاب داعش". كما يرمز من وجهة النظر الأميركية إلى استعداد دول التحالف لخوض حرب طويلة المدى، سوف تستخدم فيها كافة وسائل القوة اللازمة في المجالات الدبلوماسية والإعلامية والاقتصادية لمواجهة تنظيم "الدولة" حتى تحقيق هدف القضاء عليه.

وكان القسم العربي في وكالة "رويترز" للأنباء، قد بدأ باستخدام كلمتي "التصميم الصلب" كترجمة قريبة للتسمية الأصلية في الإنكليزية، لكن سرعان ما انتشرت في وسائل الإعلام العربية، الترجمة الأكثر تلبية للمعنى الأصلي وهي "العزيمة الصلبة".

المساهمون