تونس: جبهة سياسية موحدة لتمثيل المعارضة

تونس: جبهة سياسية موحدة لتمثيل المعارضة

25 فبراير 2015
حجم "الأنا السياسية" لدى المعارضة تقلّص (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

تعيش المعارضة التونسية بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية وتشكيل الحكومة حالة من المخاض العسير، عكسها الصراع الأخير على رئاسة اللجنة المالية داخل مجلس نواب الشعب (الموكلة للمعارضة دستورياً) والاتهامات المتبادلة بين أحزاب المعارضة داخل المجلس التي وصلت الى حد الاتهام بالعمالة للبنك الدولي وللأحزاب الحاكمة، ما زاد في تصدعها، على صغر حجمها داخل المجلس (33 نائباً على 214).

وكان مشهد المعارضة في تونس الذي رافق خصوصاً الانتخابات الرئاسية في دورتيها تميز بحالة فريدة من "تضخم الأنا السياسية" لدى بعض الزعامات التي ذهبت منفردة إلى الانتخابات، واهمة بانتصارها على الرغم من صغر حجمها الشعبي، ولم تتمكن بعد المشاورات الكثيرة من التوحد خلال الدور الثاني على الرغم من التزامها بذلك. وهو ما قاد إلى إقصائها، تقريباً، من الساحة السياسية بحكم عدم تمثيلها داخل المجلس، وعدم تمكن أحزاب عريقة من إحراز مقعد وحيد داخل قبة البرلمان.
اقرأ أيضاً: المعارضة التونسية: إن توحدت... تفرقت
غير أن اللافت هو قدرة بعض الأحزاب على مواجهة هذه النتائج بكثير من الشجاعة السياسية والاعتراف الصريح بالهزيمة وعدم قدرة القيادة على إدارة الأحزاب بالشكل المناسب. وعاد العديد من هذه القيادات في الفترة الأخيرة إلى قواعده لاستخلاص دروس الانتخابات القاسية، ومحاولة تجاوز الآلام الانتخابية والانتقال إلى مرحلة إعادة البناء وعدم إهدار الوقت في الالتقاء من جديد حول "مشروع معارض" يمكن أن يُحدث نوعاً من التوازن داخل الساحة السياسية في مقابل ائتلاف حكومي قوي جداً. وبعد سلسلة من اللقاءات بين بعض الأحزاب تمكنت سبعة منها من الاتفاق حول تشكيل جبهة سياسية معارضة جديدة.

يؤكد النائب في مجلس الشعب والأمين العام لحركة الشعب، زهير المغزاوي، لـ"العربي الجديد" أن الجبهة ستضم كلاً من حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، الحزب الجمهوري، حركة الشعب، حزب العمل الوطني، التحالف الديمقراطي، فضلاً عن حركة الديمقراطيين الاجتماعيين والتيار الديمقراطي.

ويوضح المغزاوي لـ"العربي الجديد" أن هذه اللقاءات انطلقت منذ الانتخابات الماضية، ولكنها لم تتمكن من تقديم قوائم مشتركة وقتها، واليوم تلتقي هذه الأحزاب حول قراءة مشتركة للمشهد السياسي في تونس قوامها انعدام التوازن والاختلال الكبير بين المعارضة والحكومة بعد تشكيلها. ويلفت الأمين العام لحركة الشعب إلى أنّ "هناك فراغاً كبيراً في المعارضة لا بد من ملئه، ونعتقد أن هذا الفراغ أصبح يهدد المسار عموماً في تونس، ولا بد من حمايته على أساس القيم التي تجمع هذه الأحزاب مثل العدالة والدفاع عن المسار الديمقراطي وسيادة القرار الوطني". كما يشير إلى أنّ هذه الأحزاب أصبحت مقتنعة، اليوم، أنها لن تستطيع منفردة مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وهناك أرضية واسعة تدافع عن المسار الديمقراطي الاجتماعي، تشمل حتى  شخصيات أو أحزاب صوتت لحركة النهضة وحزب "نداء تونس". ويؤكد المغزاوي، أيضاً، أن هذه الأحزاب قادرة، اليوم، على استعادة دورها وفاعليتها في المشهد السياسي، وترى أن التوجه الليبيرالي للحكومة يهدد المكاسب الاجتماعية للتونسيين ومقومات حياتهم التي تعتبر أهم توقعاتهم وأولوياتهم، اليوم، بعد تشكيل أسس الممارسة الديمقراطية في البلاد.

كما يوضح أن "حجم الأنا السياسية لكل الأطراف تقلّص بعد درس الانتخابات الأخير"، لافتاً إلى أنه "مع الأسف هناك من لا يقتنع إلا بعد الصدمة، وقد حصلت، وهو ما أعاد رشد الجميع ونبّه الى أهمية الالتقاء".

اقرأً أيضاً: الجامعة التونسية: ساحة صراع بين اليمين واليسار

ويضيف المغزاوي، أن هذه الأحزاب لم تكن واعية بموازين القوى الداخلية والخارجية وخطورة الوضع على حقيقته في السابق، ولكنها أصبحت، اليوم، على وعي تام بأنها لن تستطيع أن تواجه هذه التحديات منفردة، ولا بد لها من التوحد.

وفي ما يتعلق بالانقسام الجديد لمشهد المعارضة داخل المجلس النيابي وصراع الجبهة الشعبية وبقية المعارضين داخل المجلس، يرى المغزاوي أن الجبهة الشعبية كانت تتوهم أنها المعارضة الوحيدة داخل المجلس، وأنها الوحيدة المخولة ترؤس اللجنة المالية، معرباً عن اعتقاده أن "البقية المعارضة خطأ سياسي ولا بد من البحث عما يجمعنا لا عما يفرقنا، ويزيد في إرباك المعارضة". كما يؤكد أنه "تم تضخيم دور رئاسة اللجنة المالية في رسم السياسات المالية للبلاد، وأن ما حدث مبالغ فيه كثيراً".

وحول أهمية الجبهة الجديدة وفاعليتها وقدرتها على إحداث توازن في المشهد السياسي، وخصوصاً في مقابل حكومة ذات ائتلاف واسع وأغلبية مطلقة داخل البرلمان، يشير المغزاوي إلى أن المعارضة يمكن أن تُسمع صوتها على الرغم من حجم النيابي الضعيف". ويضيف "نحن نرى أن تجمع اليمين بشقّيه داخل الحكومة، لن يمنع بقية الأحزاب والمجتمع المدني والإعلام والشارع من حماية المسار التونسي". كما يعرب عن اعتقاده أن "المجتمع المدني والإعلام، الذي نجح في حماية المسار من انكسارات عديدة في السابق، سينجح في ذات المهمة في المراحل المقبلة وسيتعاظم دوره في المستقبل، وخصوصاً مع معارضة مجتمعة."

ويؤكد المغزاوي أن الانتخابات البلدية المقبلة ستكون أولى محطات اختبار هذه الجبهة الجديدة التي يمكن أن ترى النور في 9 أبريل/نيسان المقبل (الذي يصادف عيد الشهداء في تونس)، لافتاً الى أن المشاورات تقدمت كثيراً وأن الأوراق السياسية قد تم الاتفاق حولها، وأن النقاش الآن يدور حول هيكلية هذه الجبهة أو الائتلاف الذي لم يتحدد اسمه بعد.

دلالات

المساهمون