محاكمة ترامب تبدأ رسمياً... والقرار متوقع مع العام الجديد

محاكمة ترامب تبدأ رسمياً... والقرار متوقع مع العام الجديد

31 أكتوبر 2019
ترامب يندّد بـ"أكبر حملة مطاردة" بعد إطلاق آلية عزله(Getty)
+ الخط -
اتخذ مجلس النواب الأميركي خطوة كبيرة، اليوم الخميس، ضمن جهوده لمساءلة الرئيس دونالد ترامب تمهيدا لعزله بسبب سعيه لحمل أوكرانيا على إجراء تحقيق مع منافسه السياسي جو بايدن، فيما ندد الرئيس الأميركي بما وصفها "أكبر حملة مطاردة سياسية في تاريخ" الولايات المتحدة.

وقالت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب، قبل التصويت: "هذا يوم حزين. لم يأت أحد إلى الكونغرس لمساءلة رئيس تمهيداً لعزله".

من جانبه، ندد الرئيس الأميركي بما وصفها "أكبر حملة مطاردة سياسية في تاريخ" الولايات المتحدة، في تغريدة أعقبت قرار مجلس النواب، كما علقت الملحقة الصحافية في البيت الأبيض ستيفاني غريشام، في بيان، معتبرة آلية العزل "غير مشروعة"، وأكدت أن "الديمقراطيين يختارون كل يوم إهدار الوقت على (آلية) عزل زائفة، في محاولة ذات طابع سياسي فاضح للقضاء على الرئيس".

ومع تصويت مجلس النواب اليوم على تحديد الأصول والقواعد التي ستحكم دوره التحقيقي والاتهامي في معركة عزل الرئيس ترامب، تكون المحاكمة قد دخلت رسمياً في طورها الموازي للمحكمة البدائية العادية، والمتوقع أن تستمر إجراءاتها لمدة أسابيع بين لجنتي الاستخبارات والعدل في المجلس. خلالها تعقد الأولى جلسات استجواب علنية تستمع فيها إلى الشهود وتستحضر الوثائق والأدلة ذات العلاقة في قضية أوكرانيا.

وفي نهاية هذه الجولة ترفع اللجنة تقريرها إلى لجنة العدل التي تنظر في جدارة القضية، وما إذا كانت تستدعي تسطير قرار بإدانة الرئيس وإحالته إلى مجلس الشيوخ، صاحب الكلمة الأخيرة في تقرير مصير ترامب وإصدار الحكم النهائي في القضية.

حتى الآن، يبدو أن العملية سائرة في هذا الاتجاه. القيادة الديمقراطية في مجلس النواب نجحت في تجاوز العقبات التي واجهت التحقيقات السرية، كما تمكنت من ضبط فريقها وراء قرار المضي في إجراءات العزل الذي فاز بأكثرية 231 مقابل 194. لم يخرج عن الإجماع الديمقراطي غير نائبين اثنين صوتا مع الجمهوريين الذين خسروا ثلاثة نواب امتنعوا عن التصويت.

معادلة تعكس عمق الانقسام والحزبية شبه المطلقة، مع أن خروج ثلاثة من الجمهوريين له رمزيته وأهميته من حيث أنه يعكس بداية تفكك ولو بسيط في دفاعات الرئيس ترامب في الكونغرس، والتي كانت حتى الأمس القريب متماسكة ومتراصة إلى أقصى الحدود، خاصة في ما يتعلق بسياساته وتوجهاته الداخلية.

لكن هذا الالتفاف تخلخل. علاماته بدأت تتوالى أخيرا على أكثر من صعيد، لا سيما في الشؤون الخارجية. قبل أسبوعين صوّت 80% من الجمهوريين إلى جانب الديمقراطيين في المجلس على قرار ضد انسحاب الرئيس من سورية. صحيح أن هذا ليس المعيار، لكنه مؤشر وقد أخذ تعبيراته الأكثر وضوحاً وأهمية في مجلس الشيوخ الذي بلغ فيه التململ والابتعاد عن الرئيس ترامب حدوداً تثير قلق هذا الأخير.

قبل تصويت اليوم كان من المتوقع أن تبقى الغالبية الكاسحة من الجمهوريين في مجلس النواب إلى جانب الرئيس. وهكذا كان. لكن ليس من المضمون أن يكون الأمر كذلك في مجلس الشيوخ؛ فبعد افتضاح قضية أوكرانيا، صدرت إشارات من أكثر من سيناتور تؤشر إلى انفتاحهم على التصويت في هذا الاتجاه أو ذاك، "حسب ما تقتضيه الوقائع التي ستأتي بها الاستجوابات والبراهين" في الجلسات العلنية القريبة للجنة الاستخبارات.

ويبدو أن العدد المتداول، والذي يراوح بين 4 و6 سيناتورات، مرشح للزيادة. وإذا كان من غير المتوقع حتى اللحظة أن يصل إلى الحد المطلوب (عشرين) لضمان شرط الثلثين، فإن انفضاض حفنة منهم من حول الرئيس من شأنه إصابة حملته الانتخابية بعطب بليغ قد يكفل حرمانه من تجديد رئاسته. ويبقى ذلك مرهون بمدى صمود رصيد الرئيس الذي كشفت الاستطلاعات الأخيرة عن وصول نسبة المؤيدين لإجراءات عزله إلى 50%.

وبذلك، بدأت خطوات عملية العزل الرابعة في تاريخ الرئاسة الأميركية، والتي ستترك بصماتها على رئاسة ترامب، سواء فشلت في إزاحته أم لا. أول مرة جرت ضد الرئيس أندرو جونسون بعد حوالى 80 سنة على قيام الجمهورية، وأنقذه مجلس الشيوخ الذي رأى أن تهمة العنصرية ضده غير كافية لعزله. بعد مئة سنة ونيف، لجأ الرئيس ريتشارد نيكسون إلى الاستقالة للهروب من العزل المحقق. بعد ربع قرن شفع أيضاً مجلس الشيوخ للرئيس بيل كلينتون بعدما أدانه مجلس النواب.

والآن يدخل الرئيس الثالث في أقل من خمسين سنة إلى هذه الدائرة. إدانته في مجلس النواب شبه محتومة، في ضوء التصويت الأخير. فهل ينجو مثل الثلاثة السابقين عن طريق مجلس الشيوخ، وهو الاحتمال الأرجح؟ أم تستجد معطيات واعتبارات تفضي بالأمر إلى نهاية أخرى؟ السؤال معلق، لكن المؤكد أن رئاسته اهتزت. ومن الآن وحتى ذلك الحين تبقى واشنطن مستهلكة بعملية العزل.

ووافق المجلس، المنقسم بشدة، على قواعد المرحلة التالية في التحقيق الذي يقوده الديمقراطيون، ومنها عقد جلسات علنية.

وفي أول اختبار رسمي لمدى التأييد للتحقيق الخاص بالمساءلة، وافق المجلس الذي يقوده الديمقراطيون على المضي قدما في التحقيق بتأييد 232 واعتراض 196 عضوا.

ومضى التصويت على أسس حزبية بالكامل تقريبا ولم يشهد موافقة أي عضو من الحزب الجمهوري.

ويظهر التصويت الوحدة بين الديمقراطيين الذين يتهمون ترامب باستغلال المنصب وتعريض الأمن القومي للخطر من أجل تحقيق مكسب شخصي.

المساهمون