أفغانستان والرهان على مؤتمر المانحين في لندن

أفغانستان والرهان على مؤتمر المانحين في لندن

04 ديسمبر 2014
التقى أحمدزاي مسؤولين في البرلمان الأوربي وحلف الناتو(فرانس برس)
+ الخط -

يشارك الرئيس الأفغاني محمد أشرف غني أحمدزاي، للمرة الأولى منذ توليه رئاسة البلاد، في مؤتمر الدول المانحة لأفغانستان، المقرر انعقاده اليوم، الخميس، في العاصمة البريطانية لندن، على أمل أن يتمكّن من إقناع الدول المشاركة في المؤتمر بالاستمرار في تمويل أفغانستان خلال الفترة الحساسة المقبلة.
وممّا لا شكّ فيه بأنّ أفغانستان تواجه بعد انسحاب القوات الدولية منها، نهاية شهر ديسمبر/ كانون الأول الحالي، صعوبات وتحدّيات جمّة، لا يمكن مواجهتها إلا بدعم وتمويل المجتمع الدولي، وهو ما سيسعى أحمدزاي للحصول عليه خلال جولته الحالية في أوروبا، ومشاركته في مؤتمر المانحين لأفغانستان في لندن.
ويرافق الرئيس الأفغاني، خلال جولته الحالية إلى أوروبا، والتي بدأت الاثنين الماضي، الرئيس التنفيذي، منافسه في الانتخابات الرئاسية، عبد الله عبد الله، وعدد من وزراء وقيادات حكومة الوحدة الوطنيّة، في محاولة تهدف، وفق خبراء، إلى نفي المزاعم بشأن وجود خلافات بين الرجلين بشأن تشكيل الحكومة الجديدة وتعيين الوزراء.

وكان الرئيس الأفغاني والوفد المرافق قد زار، قبل التوجه إلى لندن، مقر حلف شمال الأطلسي في بروكسل، حيث أجرى لقاءات مع كبار المسؤولين. وأكّد، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام لحلف الأطلسي، ينس شتولتنبرج، أنّ بلاده فتحت صفحة جديدة من العلاقات مع الأطلسي بعد توقيع الاتفاقيّة الأمنيّة، آملاً أن يكون للحلف دور في إرساء الأمن في أفغانستان.
ومن المقرر أن ينهي الحلف رسمياً مهمّته القتالية في أفغانستان، نهاية الشهر الحالي، على أن يبقي جزءاً من قواته في أفغانستان، بموجب الاتفاقية الأمنية، بحسب ما أعلنه الرئيس الأفغاني، في وقت جدّد شتولتنبرغ تعهّده بدعم أفغانستان خلال الفترة المقبلة والخطيرة، التي قد تشهد تزايداً في هجمات المسلحين، على حد قوله. وأعرب عن عزم الحلف مواصلة دعم أفغانستان وتدريب قواتها وفق الاتفاقية الأمنيّة.
وبعد لقاءات مع كبار مسؤولي الحلف في بروكسل، والتي وصفها عبد الله بالمهمة، يسعى الوفد الأفغاني من خلال مشاركته في مؤتمر الدول المانحة لأفغانستان، لإقناع الدول بمواصلة تمويل أفغانستان، خصوصاً في المجالين المالي والاقتصادي.

وفي هذا الصدد، يقول مستشار الرئيس الأفغاني للشؤون الاقتصادية، محمد عمر زاخيل وال، إنّه "لدى حكومة الوحدة الوطنية، خطة متكاملة لإقناع الدول المانحة بمواصلة الدعم اللازم لأفغانستان خلال الفترة المقبلة"، مشيراً إلى "تجدّد ما تعهّدت به الدول في مؤتمر طوكيو، لناحية منح مساعدات لأفغانستان بقيمة إجمالية قدرها 17 مليار دولار بحلول العام المقبل، موعد انسحاب القوات الدولية من أفغانستان، والاستمرار في تمويلها حتى العام 2017 على الأقل". ويشدد زاخيل وال على أنّ "الجانب الأفغاني سيقنع المشاركين في المؤتمر بمواصلة مزيد من الدعم المالي خلال الفترة المقبلة، إذ إن حكومة الوحدة الوطنية تواجه ملفات عديدة وشائكة يصعب التعامل معها من دون الدعم المتواصل".

ويعوّل خبراء باكستانيون على العلاقات الجيّدة التي يحظى بها الرئيس الأفغاني مع الغرب، خصوصاً بعد توقيع الاتفاقيتين الأمنيتين مع واشنطن وحلف شمال الأطلسي، ما يعني أن الدول المانحة ستعتمد عليه أكثر من اعتمادها على الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، الذي رفض أن يوقّع على الاتفاقيتين الأمنيتين.
وكان المجتمع الدولي والدول المانحة قد وجهوا اتهامات إلى حكومة كرزاي السابقة بالفساد المالي والإداري، واشترط مؤتمر طوكيو لمنح 17 مليار دولار على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة، إحراز تقدم واضح في مجال الشفافيّة. بيد أن حكومة كرزاي فشلت تماماً في محاربة الفساد المالي، الأمر الذي ما زال يُعدّ من أكبر العراقيل التي تواجه أحمدزاي، الذي لم يتأخر بعد توليه منصب الرئاسة، عن القيام ببعض الخطوات المهمة، التي حاول من خلالها أن يثبت أن القضاء على الفساد المالي والإداري من أولويات حكومته.

وتُعدّ إعادة التحقيق في فضيحة "كابول بنك"، والتي أدّت إلى نهب 900 مليون دولار، من أبرز تلك الخطوات، وقد أدانت المحكمة عدداً من المسؤولين السابقين في البنك، بالإضافة إلى تجميد أموال كلّ من شقيق الرئيس السابق حامد كرزاي، محمود كرزاي، وشقيق وزير الدفاع السابق الجنرال قسيم فهيم، حسين فهيم. وتمكن البنك من استرداد أكثر من 300 مليون دولار من الأموال المنهوبة حتى الآن، والقضية لا تزال مستمرة. كما تنظر المحكمة العليا حالياً في ملفات عدد من وزراء الحكومة السابقة على خلفيّة تورّطهم في الفساد المالي والإداري.

وانطلاقاً من سلسلة الإجراءات الإداريّة التي اتخذها، وقد تكون لها نتائج إيجابيّة على إنهاء الفساد المالي في البلاد، يُمكن للرئيس الأفغاني خلال مؤتمر لندن أن يحصل على مزيد من اعتماد الدول المانحة، وأن يقنعها بمواصلة تمويل أفغانستان خلال العقد المقبل، وفق ما توقّعه مستشار الرئيس للشؤون الاقتصادية.

ويواجه أحمدزاي تحدّيات داخليّة كبيرة، أبرزها الخلافات القائمة مع عبد الله بشأن تشكيل الحكومة وتعيين الوزراء في الحكومة الائتلافيّة، الأمر الذي ينذر بوقوع أزمة سياسيّة في أفغانستان، إذا استمرت هذه الخلافات.
وفي المحصّلة، يعوّل الرئيس الأفغاني كثيراً على دعم المجتمع الدولي له، ولهذا الغرض لم يتردّد في توقيع الاتفاقيتين الأمنيتين مع واشنطن والأطلسي، كما أنّ المجتمع الدولي يعتمد عليه أكثر من اعتماده على الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، نظراً لخبرة الرجل في مجال الإدارة ومحاربة الفساد، ونظراً لما شهدته الساحة الأفغانيّة من التغيّرات أخيراً.