اعتقالات واسعة في لندن خلال عصيان مدني ضد تجريم بالستاين أكشن بمشاركة ألف متظاهر
استمع إلى الملخص
- أغلقت منشأة أسلحة إسرائيلية في بريستول، و24 شخصًا يواجهون المحاكمة بتهم الإضرار الجنائي، بينما تستمر الحركة في استخدام أساليب العمل المباشر.
- تواجه "بالستاين أكشن" تحديات قانونية بعد تجريمها، وتسعى للاستئناف، بينما تستمر "إلبيت سيستمز" في العمل بالمملكة المتحدة رغم الانتقادات.
تظاهر اليوم السبت أكثر من ألف شخص في ساحة البرلمان بلندن، ضمن تحرك جديد ضد تجريم حركة "بالستاين أكشن" بموجب قانون الإرهاب، واحتجاجًا على موقف الحكومة البريطانية من الإبادة الجماعية في غزة. وبدأت الشرطة بتنفيذ اعتقالات للمئات من المتظاهرين الذين حملوا لافتات كُتب عليها "أنا أعارض الإبادة الجماعية، أنا أدعم بالستاين أكشن"، وهي كفيلة بتعريضهم للاعتقال بسبب التماثل مع "منظمة محظورة"، في الوقت الذي يُصر فيه المعارضون لحظر بالستاين أكشن على تصعيد حراكهم والاستمرار بالعصيان المدني ضد تجريم الحركة التي اشتهرت بتنفيذها أنشطة "العمل المباشر" ضد مصانع وشركات السلاح الإسرائيلي في المملكة المتحدة.
خاص | الشرطة البريطانية بدأت باعتقال المتظاهرين والمحتجين أمام ساحة البرلمان بلندن ضد تجريم حركة بالستاين أكشن وضد موقف الحكومة من حرب الإبادة بغزة. pic.twitter.com/lCMgKKWjWw
— العربي الجديد (@alaraby_ar) September 6, 2025
وقالت وكالة رويترز إن الشرطة البريطانية احتجزت قرابة 425 متظاهراً. وذكرت شرطة العاصمة أن المحتجزين "متهمون بارتكاب عدد من الجرائم منها الاعتداء على أفراد الشرطة ودعم منظمة محظورة". وكتبت الشرطة على منصة إكس: "تعرض أفراد الشرطة... لمستوى استثنائي من الإساءة التي تضمنت اللكمات والركلات والبصق وإلقاء مقذوفات، بالإضافة إلى الإساءات اللفظية".
وقبل ذلك، وثق "العربي الجديد" عددًا من هذه الاعتقالات، علماً أن عدد المشاركين في هذه الوقفة بلغ ضعف الوقفة السابقة بحسب ما صرحت به مجموعة "أنقذوا هيئة المحلفين" المنظمة للوقفة.
ودعا جندي متقاعد في سلاح الجو الملكي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى وقف الإبادة في غزة، كما حثّ زملاءه على عدم التعاون مع الاحتلال الإسرائيلي. وتواصل الشرطة البريطانية حملة اعتقالات بحق ناشطين منخرطين في الدفاع عن بالستاين أكشن، إذ نفذت الأسبوع الأخير عدداً من الاعتقالات، منهم أشخاص ساهموا في تنظيم لقاءات عبر الإنترنت هدفت للعمل ضد تجريم الحركة. ووصل عدد المعتقلين منذ تجريم الحركة في يوليو/تموز الماضي إلى أكثر من 700 شخص، يواجهون تهمًا مختلفة، منها ما قد تصل عقوبته إلى 14 عامًا بموجب قانون الإرهاب الذي اعترض عليه العديد من المؤسسات الحقوقية والمرموقة ومفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
إغلاق مصنع في بريستول
وفي سياق متصل، أفادت تقارير عدّة عن إغلاق مفاجئ لمنشأة لتصنيع أسلحة إسرائيلية في مدينة بريستول، والتي استهدفتها بالستاين أكشن سابقًا بشكل متكرر. وبحسب ما نقلته صحيفة "ذا غارديان"، فإن موقع شركة "إلبيت سيستمز المملكة المتحدة" في مجمع "أزتيك ويست" احتفظ بعقد الإيجار منذ عام 2019 ولم يكن من المقرر أن ينتهي قبل عام 2029، لكن العقار، الواقع داخل منطقة تجارية وصناعية على مشارف بريستول، حيث يلتقي الطريقان السريعان M5 وM4، كان مهجورًا هذا الأسبوع وفقًا للصحيفة، ولم يكن هناك أي موظف سوى حارس أمن متمركز في سيارة متوقفة خارج المبنى.
وينتظر 24 شخصًا المحاكمة بشأن هذه المنشأة بتهم تشمل الإضرار الجنائي، والاضطرابات العنيفة، والسطو المشدد. كما وُجهت تهمة الإيذاء الجسدي الجسيم مع القصد إلى شخص واحد. واعتمدت بالستاين أكشن أسلوب العمل المباشر في احتجاجاتها، مستخدمة أساليب مثل الاعتصامات المفتوحة أمام المصانع، واحتلال أسطح المباني، تكسير نوافذ، ورش الطلاء الأحمر على المباني وغيرها.
مسار قضائي عسير ومستمر
وكان اقتحام قاعدة عسكرية تابعة لسلاح الجو الملكي خلال شهر يوليو/تموز الماضي، السبب وراء إقدام الحكومة البريطانية على تجريم الحركة بموجب قانون الإرهاب، فيما يقول طاقم الدفاع عن مُؤسسة الحركة الشريكة الناشطة هدى عموري، إن وزارة الداخلية البريطانية تشن حملة إعلامية تشهيرية وساخرة تهدد بالإضرار بالمحاكمات الجنائية، وفق ما كشفت عنه صحيفة "ذا ناشيونال" يوم أمس.
وكانت وزيرة الداخلية البريطانية حينها إيفيت كوبر لفقت ادعاءات ضد المجموعة وحرّفت نصائح الخبراء، مما أدى إلى حظر المجموعة بموجب قوانين الإرهاب، وفقًا لمحاميها في مكتب بيرنبرغ بيرس. وأرسل المكتب خطابًا إلى الدائرة القانونية للحكومة البريطانية جاء فيه: "إن القضية التي يحاول موكلكم [وزير الداخلية] التقاضي بشأنها في وسائل الإعلام تختلف تمامًا عن القضية التي عرضها موكلكم على المحكمة علنًا".
وأضافت الرسالة: "تعكس هذه الحملة الإعلامية الساخرة عدم احترام جوهري لإجراءات المحكمة، وهي إما تشير إلى محاولة من موكلتكم التأثير على التغطية الإعلامية من خلال ادعاءات لا يمكنها إثباتها، أو تعكس إخلالًا خطيرًا بواجبها في الصراحة بهذه الإجراءات".
وتشير الرسالة إلى أن النصيحة التي تلقتها كوبر من مجموعة مراجعة الحظر (PRG) لا تعكس القضية التي طرحتها منذ ذلك الحين، وهي أن المجموعة متورطة في جرائم عنف خطيرة، مشيرةً إلى أن لجنة الخبراء المعنية بحظر الإرهاب وصفت أنشطة المجموعة بأنها "إتلاف إجرامي للممتلكات، باستخدام أساليب مثل الكتابة على الجدران، والتخريب البسيط، والاحتلال، والحصار". وتُجادل الرسالة بأنه على الرغم من وجود مزاعم بأن أحد المتظاهرين المنتمين إلى حركة بالستاين أكشن تسبب في إصابة خطيرة، فإن مجموعة مراجعة الحظر "لم تعتبر هذه الحادثة انعكاسًا لأنشطة حركة بالستاين أكشن ككل".
وفي سياق المسار القضائي الذي تخوضه الحركة، حصلت وزارة الداخلية على إذن بالطعن في حكم المحكمة العليا الذي سمح لمنظمة بالستاين أكشن بالاستئناف على حظرها بموجب تشريعات مكافحة الإرهاب، وذلك بعد أن مُنحت هدى عموري، إذنًا بالاستئناف في يوليو/تموز بعد أن جادل محاموها بأن الحظر ينتهك الحق في حرية التعبير.
وقال قاضي محكمة الاستئناف إنه يعتقد أن "استئناف الحكومة يحمل فرصة حقيقية للنجاح". وأضاف اللورد القاضي أندرهيل أنه "من المستحسن للغاية" أن يُنظر باستئناف الحكومة "في أقرب وقت ممكن"، إذ تم تحديد موعد الآن في 25 سبتمبر/أيلول. ومن المقرر حاليًا أن تُعقد جلسة استماع للقضية التي رفعتها هدى عموري خلال جلسة استماع مدتها ثلاثة أيام في نوفمبر/تشرين الثاني.
عمل إلبيت سيستمز مستمر في المملكة المتحدة
وفي الشهر الماضي، كشفت مجلة برايفت آي (Private Eye) أن شركة "إلبيت سيستمز المملكة المتحدة" كانت جزءًا من تحالف شركات على وشك الفوز بعقد بقيمة ملياري جنيه إسترليني، مما سيجعلها "شريكًا استراتيجيًا" لوزارة الدفاع. وذكرت صحيفة فاينانشال تايمز أن بيتر هاين، الوزير السابق في حكومة حزب العمال، قد كتب إلى وزير الدفاع، جون هيلي، يحثه على عدم منح العقد للشركة، نظرًا "للدمار الذي يشهده قطاع غزة".
ومطلع هذا الشهر، أعلنت حكومة بريطانيا عن عدم دعوة المملكة المتحدة مسؤولين إسرائيليين للمشاركة في المعرض الدفاعي للسلاح المعروف باسم "معدات الدفاع والأمن الدولي" (DSEI) في لندن المنعقد هذه الأيام. لكن سيتمكن قطاع الصناعة الإسرائيلي، بما في ذلك فروع الشركات الإسرائيلية في المملكة المتحدة، من حضور المعرض، لكن دون ممثلي الحكومة الإسرائيلية. ومن هذه الشركات الإسرائيلية التي ستتمكن من الحضور Elbit Systems وRafael وIAI وUvision.
وتعدّ شركة إلبيت سيستمز واحدة من كبريات شركات الأسلحة الإسرائيلية، ولديها وجود واسع في المملكة المتحدة عبر عدة شركات فرعية ومواقع إنتاج، تُنتج مكونات وأنظمة عسكرية مختلفة، بما في ذلك أنظمة الطائرات بدون طيار، وأنظمة الاستهداف، والمعدات الإلكترونية، ويجري تصديرها لإسرائيل. ولدى شركة "رافائيل" الإسرائيلية أيضاً وجود في بريطانيا، خاصّة من خلال الشراكات وبيع أنظمتها المتطورة.