ّ"بوليتيكن" الدنماركية: 10 سنوات على حمام الدم السوري وأوهام الأسد

ّ"بوليتيكن" الدنماركية: 10 سنوات على حمام الدم السوري وأوهام الجلاد بشار الأسد

14 مارس 2021
وصفت الصحيفة بشار بـ"أمير حرب متعطش للدماء" (تيموثي كلاري/فرانس برس)
+ الخط -

خصصت "بوليتيكن" الدنماركية مساحة واسعة، في عددها الصادر اليوم الأحد، لتغطية موسعة لذكرى الثورة السورية، وخصصت غلافها للملف الذي تناولته على عدد من صفحاتها. 

وتحت عنوان: "الجلاد يقطر دما"، كان كاريكاتير الرسام رولد ألس يختصر الكثير، ففيه يظهر فيه رأس النظام في دمشق، بشار الأسد، ببذلة رسمية وكفيه ممدودان أمامه بدم يقطر حتى قدميه، وعلى كتفه اليمنى ينتصب نسر الجيف برأس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

باشرت الصحيفة في رسم تسلسل للأحداث (كرونولوجيا الثورة السورية)، قائلة إنه "في مثل هذه الأيام (مارس/ آذار) من 2011 كانت استجابة الديكتاتورية لمطالب شعبية بالحرية بمواجهة وحشية وشراسة، نتيجتها خراب أجزاء كبيرة من البلاد، واقتصاد في حالة فوضى، وتهجير 12 مليوناً، وقتل 500 ألف، وسجن أو إخفاء النظام لنحو 150 ألفاً".

تحت عنوان: "الجلاد يقطر دما"، كان كاريكاتير الرسام رولد ألس يختصر الكثير، ففيه يظهر فيه رأس النظام في دمشق، بشار الأسد، ببذلة رسمية وكفيه ممدودان أمامه بدم يقطر حتى قدميه، وعلى كتفه الأيمن ينتصب نسر الجيف برأس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

وأوضحت أن كل ذلك "حدث بسبب أطفال رسموا على جدران درعا السورية مقولة (حان دورك الآن يا دكتور)، وهي رسالة واضحة، واستفزت رئيس أمن المدينة عاطف نجيب، ابن عمة الديكتاتور. وقبل ذلك أجبرت الحشود الغاضبة في تونس الديكتاتور زين العابدين بن علي على الهرب إلى المنفى، وطردت حشود القاهرة ديكتاتور مصر حسني مبارك من السلطة. والأطفال الذين كتبوا (يسقط النظام) عُذبوا وكسرت أصابعهم واقتلعت أظافرهم".  

وزادت "بوليتيكن" أن أهالي الأطفال "ذهبوا إلى نجيب مطالبين بإطلاقهم، وكان رده فجّاً بقوله: انسوا أطفالكم. إذا كنتم تريدون غيرهم أنجبوا، وإذا لم تعرفوا أجلبوا نساءكم، فنحن ننجبهم لكم".  

الصورة
سياسة/غلاف بوليتيكن بشأن وسرية/(تويتر)
استعرضت الصحيفة مسار الثورة السورية وقمع النظام النظام للشعب (بوليتيكن)

واستعرضت كيف جابه التظاهرات التي اندلعت في حوران، وأن الأسد أرسل جيشه "ليقوم بوحشية ودموية بقمع محتجين مدنيين"، وأشارت إلى أنه "لم تكن هذه المواجهة الأولى بين الديكتاتورية ومدنيي المجتمع السوري، فقد بدأت مبكراً وقبل غرافيتي أطفال درعا، فمنذ انقلاب الأب حافظ الأسد في عام 1970، وبعد وراثة ابنه بشار للسلطة، واجه النظام المدنيين دوماً بالتعذيب والرقابة ومنع الحريات السياسية".  

خداع شاركت فيه صحافة الغرب

وعددت الصحيفة في تغطيتها ما أسمته مسيرة "السلالة الأسدية الحاكمة، فهي استمرت بعد أن قُتل ابن الديكتاتور حافظ الأسد، باسل، في حادث سيارة عام 1994، استعيد طبيب العيون بشار من بريطانيا، وبعد وفاة الأب كان لا يزال في الـ34 عاماً، فاجتمع البرلمان ليعدّل الدستور عام 2000، بما يتوافق مع سنّه". 

وأوضحت في السياق كيف أن "الوريث بشار ظل في مقابلات صحافية غربية يحاول الظهور بمظهر عصري خداع، وأنه اختار طب العيون لأنه ليس فيه دماء كثيرة، فيما هو في الواقع غارق في دماء السوريين". 

الصورة
سياسة/غلاف بوليتيكن بشأن سورية/(بوليتيكن)
الصحيفة: بشار خدع الصحافة الغربية (بوليتيكن)

وعن أساليب الخداع، عددت "بوليتيكن" كيف أسهمت صحف ومجلات أوروبية وأميركية في تلميع صور الحكم في سورية، بما فيه إطلاق لقب "زهرة الصحراء" على زوجته أسماء (الأسد)، وأن ""الغارديان" أسهمت في وصف الديكتاتور عام 2008 بأنه (متواضع وحكيم وحساس ويتحدث بجاذبية). وعلى غير تعاطي صحف الغرب مع الطغاة الآخرين حول العالم، بقيت الصحافة الغربية تضفي صورة إيجابية على الرجل، حتى عام 2013" (لقاء مع "دير شبيغل").

واستحضرت "بوليتيكن" بعضاً من خدع الحكم، "ففي عام 2000 أوحى أنه عصري، فكان يشجع الكومبيوتر، أغلق سجن المزة المرعب، وترك ما سمي (ربيع دمشق) ومنتديات الحوار يمضيان حتى انقض عليهما وعلى كل ما أشيع عن أنه سيجلب الديمقراطية، وتحول الربيع إلى خريف في 2001 عندما شدد قبضته الأمنية، وزجّ في السجون الصحافيين وأصحاب الرأي النقديين، وأغلق كل المنتديات، ورغم ذلك حافظ على تقديم نفسه للغرب، على خلاف الطغاة، بعبارات إيجابية، حتى صارت دمشق محجاً للدبلوماسيين، بمن فيهم وزير خارجيتنا الأسبق، بيير ستي مولر، والأميركي جون كيري، والعين على سلام مع إسرائيل". 

وفي السياق ذاته، استرجعت الصحيفة "الدور الذي لعبته زوجته أسماء الأسد في خلق أوهام عن القائد العصري والحداثي، حتى ذهبت "نيويورك تايمز" في 2005 إلى إطلاق اسم (الأميرة ديانا السورية) على أسماء، بعد افتتاح أوبرا جديدة في دمشق". 

أمير حرب متعطش للدماء

تحت عنوان فرعي "أمير حرب متعطش للدماء"، خاضت "بوليتيكن" في تفاصيل القمع الذي جوبه به الشعب السوري منذ 2011. واعتبرت أن "بشار الذي قدم نفسه بصورة الخجول، وطبيب العيون الذي لا يحب الدماء، سرعان ما انكشفت حقيقته الدموية، وأزال الشكوك حول أنه لن يستطيع إلا أن يكون مثل أبيه الذي دمر مدينة حماة، وقتل نحو 20 ألف إنسان في 1982، ليثبت خطأ من راهن على تحول سورية نحو الديمقراطية، وثبت أنه ورث ظل أبيه وسمعته الديكتاتورية حول العالم، رغم جهود تلميعه". 

وأشارت الصحيفة إلى كل أساليب القمع، مع تقديم وصف دقيق، مرفق بغرافيك وصور، من إطلاق النار على الاحتجاجات السلمية، إلى حشو البراميل المتفجرة وضرب المدن عشوائياً، "حيث أثبت الأسد استعداده لاستخدام كل الوسائل، كلها حرفياً، من التعذيب إلى التجويع والتهجير تحت البراميل المتفجرة، والقصف بالأسلحة الكيماوية، حفاظاً على السلطة".  

تحت عنوان فرعي "أمير حرب متعطش للدماء"، خاضت "بوليتيكن" في تفاصيل القمع الذي جوبه به الشعب السوري منذ 2011. واعتبرت أن "بشار الذي قدم نفسه بصورة الخجول، وطبيب العيون الذي لا يحب الدماء، سرعان ما انكشفت حقيقته الدموية"

واعتبرت الصحيفة أن "المفارقة بقاء الديكتاتور، كبقية الطغاة، يردد أن شعبه يحبه كثيراً، وأنه هو بنفسه يحب شعبه وبلده، كما قال لـ"دير شبيغل" (الألمانية في 2013)، لكنه أظهر حبه لشعبه بتلك القسوة والدموية التي حوّل فيها البلد إلى مذبحة فوضوية في مواجهة انتفاضة سلمية". 

إطلالة من القصر على بلد دمره برعاية خارجية

وبالنسبة إلى النتيجة، بحسب الصحيفة في نسختيها الورقية والإلكترونية، رأت أن "ذلك القمع لم يكن كافياً، فجيشه لم يكن قوياً كفاية، فراح يعتمد على تحالفات مع إيران وروسيا، بعد أن استدعى قوات قمع من مرتزقة خارجيين، و"حزب الله" اللبناني، وبعد أن فقد السيطرة على البلاد استعاد حوالى الثلثين بفضل روسيا وإيران". 

ورغم ذلك، رأت "بوليتيكن" أن القمع أدى إلى حرب أهلية، "حيث سُحقت سورية السابقة، وانهار اقتصادها، ولا يستطيع 60 في المائة من السكان تحمّل تكاليف الطعام، وانهارت العملة، وأصبح لبنان المجاور، الذي كان عادة نوعاً من العازل الاقتصادي، على وشك الإفلاس، وخزائن الدولة فارغة، ويعمل الموظفون كسائقي سيارات أجرة، وتبيع النساء شعرهن. فالنقص في كل شيء، وهذا كله لأنه وزوجته، كما ذكر في "دير شبيغل" في 2013، متسائلاً بتهكم: "من هم السوريون الذين يريدون إبعادي عن الحكم؟ لا يزالان يعيشان في أرض الأحلام الغريبة".  

ومضت في الختام توضح أن "سورية القديمة خسرت، بفضل القمع ومواجهة الثورة الشعبية وتمسكه بالكرسي، كل مكانتها الإقليمية، وتحولت من لاعب كان يحتل لبنان ويملك نفوذاً إقليمياً، إلى ساحة يلعب فيها الغير، وارتهن الأسد لمن حمى سلطته، ويعيش رغم ذلك أوهاماً في قصره الفاره الذي يطل من الجبل، وقد عمل على تحويل بلده إلى أنقاض".

وأضافت: "قبل إعلان أنه أصيب وزوجته بكورونا، التقى صحافييه الموالين في عزلته الحقيقية عن العالم وبلاده ليقول لهم: "أوقفوا برامج الطبخ حتى لا يشعر الجمهور بالإحباط". وراح يتحدث عن وعود بعدم تقنين المثلية الجنسية في سورية".

وواصلت الصحيفة تستعرض نتائج حالة الانفصام بالقول إن "الرجل يعيش وهمه مع زوجته، حيث وجدت  أسماء الأسد الحل أخيراً: التعليم عبر الإنترنت.. بيد أن الحقيقة أن غالبية السكان لا يملكون ثمن الطعام، ولا تياراً كهربائياً في البلاد، رغم أن الكهرباء لا تنقطع عن القصر، ويتوافر الطعام الفاخر لهم، فأهم شيء بقاء سلالة الأسد في السلطة، وهو بقاء محكوم بحماية خارجية، ويخيم على رأسه خطر الملاحقة الدولية". 

وأشارت الصحيفة في الاتجاه ذاته إلى محاكمات جلادي الأسد في الخارج، ودراسة فتح تحقيق في محاكم باريس بحق الأسد لارتكابه هجمات بالسلاح الكيماوي، واعتبرت أن "المكان الوحيد الذي يشعر فيه الأسد بأمان هو في سورية مع أقرب الحلفاء، ولا يعرف إلى متى سيظل الروس والإيرانيون ممسكين بيده، وما إذا كان، مثل العديد من الطغاة، ينهي أيامه الأخيرة غارقاً بمزيد من الدماء أو في زنزانة أحد السجون".  

المساهمون