يوسف النصف.. عقود من العمل السياسي والاقتصادي في الكويت

11 فبراير 2025   |  آخر تحديث: 22:15 (توقيت القدس)
رجل الأعمال الكويتي يوسف النصف (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- وُلد يوسف النصف في الكويت عام 1940، وشارك في تأسيس "جمعية الإرشاد الإسلامي" و"جمعية الإصلاح الاجتماعي"، المرتبطتين بحركة الإخوان المسلمين.
- تولى منصب وزير الشؤون الاجتماعية والعمل عام 1985، واستقال بعد 21 يومًا، مما أثار جدلاً سياسيًا في مجلس الأمة، وشارك لاحقًا في تأسيس مجموعة الوفاق الوطني.
- لعب دورًا بارزًا في أزمة انتقال الحكم عام 2006، وترأس مجلس إدارة صحيفة "القبس" من 2019 إلى 2023، محققًا تحولًا رقميًا للصحيفة.

ودّعت الكويت، اليوم الثلاثاء، أحد أهم الشخصيات العامة في البلاد، وهو رجل الأعمال يوسف النصف الذي توفي عن عمر ناهز الـ84 عاماً، بعد مسيرة سياسية واقتصادية حافلة. وُلد يوسف النصف عام 1940، وتلقى تعليمه الأساسي في مدرسة الأحمدية، ثاني مدرسة نظامية في الكويت، ثم انتقل إلى المدرسة الشرقية، قبل أن ينخرط في الحياة العامة التي زاوج فيها ما بين العمل السياسي والاقتصادي، خاصة أنه من أسرة تجارية تملك عدداً من كبرى الشركات المحلية في مختلف القطاعات.

ساهم النصف عام 1952 في تأسيس "جمعية الإرشاد الإسلامي"، التي تُعتبر أول جمعية ذات توجّه إسلامي في الكويت، قبل أن تُغلق في فبراير/ شباط عام 1959، ضمن جميع الأندية والهيئات التي أُغلقت في ذلك العام بقرار حكومي، وكانت الجمعية تُعتبر واجهة حركة "الإخوان المسلمين" في الكويت، قبل أن يصبح امتدادها رسمياً بعد ذلك في مطلع الستينيات "جمعية الإصلاح الاجتماعي" (الذراع الخيري لـ"الإخوان المسلمين" في الكويت اليوم)، التي ساهم في تأسيسها عدد من أقطاب الدعوة من المواطنين المنتمين لحركة الإخوان، وكانوا قبل ذلك جزءاً من جمعية الإرشاد الإسلامي في الخمسينيات.

تولّى الراحل يوسف النصف عام 1985، منصب وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، في الحكومة الثانية عشرة في تاريخ البلاد، برئاسة الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح، التي تلت الانتخابات النيابية مباشرة، لكنّه استقال من المنصب بعد 21 يوماً من تشكيل الحكومة، في حين أنه استمر في المنصب فعلياً 8 أيام فقط، وهي الاستقالة التي تُوصف بواحدة من أشهر الاستقالات في تاريخ الكويت السياسي، قبل أن يعود إلى نشاطه الاقتصادي من جديد.

وأثار قرار النصف حينها بالاستقالة من الحكومة، الذي سُرّب إلى الإعلام بأنه عائد لكون قناعاته وأفكاره لم تتماشَ مع نهج الحكومة آنذاك، زوبعة سياسية في أروقة مجلس الأمة (البرلمان)، الذي شهد جلسة صاخبة بعد بضعة أيام من إعلان قبول الاستقالة، وسجالاً عنيفاً، بين عدد من أعضاء المعارضة من جهة، على رأسهم أحمد الخطيب وجاسم القطامي وأحمد الربعي، والحكومة من جهة، تصدّرها وزير المالية آنذاك، جاسم الخرافي، ووزير العدل، الشيخ سلمان الدعيج الصباح.

وكان مجلس عام 1985 المُنتخب واحداً من أشرس المجالس النيابية المُعارضة في تاريخ البلاد، وشهد علاقة متوترة وخلافات عميقة بينه وبين الحكومة، ولم يدم سوى 16 شهراً فقط، بعد الإعلان في يوليو/ تموز 1986 عن حلّ مجلس الأمة وتعليق العمل ببعض مواد الدستور، وهو ما استمر إلى ما بعد تحرير الكويت من غزو العراق عام 1992.

شارك يوسف النصف مع مطلع الألفية الجديدة في تأسيس مجموعة الوفاق الوطني، التي انطلقت بدافع مواجهة الأزمات السياسية في البلاد آنذاك، وضمّت في عضويتها عدداً من الشخصيات التي تحظى بقبول اجتماعي وسياسي، وحرصت على عدم خلط نشاطها بأهداف انتخابية، وهو ما التزم به أعضاؤها، وعملت على مدار سنوات في التنسيق بين القوى السياسية الوطنية، كان أبرزها تشكيل لجنة تنسيقية عام 2005 بشأن تعديل تقسيم الدوائر الانتخابية، والذي جمع عدد من القوى السياسية والنوّاب في البرلمان، وهو ما شهد بعد ذلك خلال عام 2006 انطلاق واحدة من أهم الحركات الاحتجاجية في البلاد عُرفت باسم "نبيها خمس"، في إشارة إلى تعديل الدوائر الانتخابية من نظام الـ25 دائرة إلى الـ5 دوائر، وهو ما أُقرّ بعد ذلك في ذات العام داخل أروقة البرلمان إثر تصاعد زخم الحراك.

لعب النصف دوراً فاعلاً خلال أزمة انتقال الحكم في الكويت عام 2006، بعد خلاف حاد بين أبناء الأسرة الحاكمة، وانقسامها إلى جناحين، إثر تمسّك وليّ العهد آنذاك، الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح بتنصيبه حاكماً للبلاد على الرغم من حالته الصحية، وتزعّم هذا الجناح ابن عمه، الشيخ سالم العلي السالم الصباح (توفي في 12 أغسطس/ آب الماضي)، حيث كان النصف ضمن وفد زاره ضمّ عددا من وجهاء البلاد من الأسر التجارية العريقة.

ودعاه إلى ضرورة تولّي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح منصب الإمارة، وهو ما كان بعد لقاء شهير في "قصر البدع" الذي يعود إلى الشيخ سالم العلي، جمعه مع رئيس مجلس الوزراء حينها، الشيخ صباح الأحمد، في الليلة التي سبقت تصويت البرلمان بالإجماع على عزل الشيخ سعد العبد الله، وتنصيب الشيخ صباح حاكماً للبلاد، وهو ما اعُتبر مباركة من عميد الأسرة الحاكمة (الشيخ سالم العلي) والقطب الأوحد في فرع "السالم".

ويتحدر الراحل من عائلة النصف التي تُعتبر إحدى العوائل الكويتية العريقة، التي قدمت إلى الكويت منذ نشأتها، وتنتمي إلى عائلة "الجلاهمة" التي نزحت مع العتوب (أسرة الحكم)، وتعود تسميتها (النصف) إلى نشاطها في تجارة اللؤلؤ والغوص، وهو اللقب الذي مُنح للرجل الخبير بمواصفات وأوزان وجودة اللؤلؤ عندما يُستدعى للفصل في الخلافات بين البحّارة والتجّار.

وزاوجت عائلة النصف تاريخياً بين النشاط السياسي والاقتصادي، حيث تقلّد العديد من أبنائها مناصب حيوية طوال تاريخ الكويت الحديث، ما بين المناصب العامة والوزارية، أو في القطاعات المالية والخاصة، وحتى في عضويات المجالس النيابية المختلفة.

وساهمت عائلة النصف عام 1972، ضمن خمس عوائل تجارية عريقة، وهم الصقر والخرافي والشايع والبحر، في تأسيس صحيفة "القبس" واسعة الانتشار في البلاد، حيث كان الراحل يوسف محمد النصف يتقلّد أخيراً، منصب رئيس مجلس إدارة الصحيفة، منذ يونيو/ حزيران 2019، وحتى مايو/ أيار الماضي. وشهدت الصحيفة خلال ترأسه لها في هذه الفترة تحولاً رقمياً ضخماً، وتحقيقها أرقاماً قياسية على منصات التواصل الاجتماعي.

المساهمون