"يديعوت أحرونوت": واقع أمني واقتصادي صعب لسكان مستوطنات الشمال

12 فبراير 2025   |  آخر تحديث: 13:06 (توقيت القدس)
دمار في كريات شمونة جراء الصواريخ من لبنان، 28 نوفمبر 2024 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعيش أكثر من 64 ألف مستوطن إسرائيلي في الشمال حالة من القلق بسبب عدم وضوح الخطط الحكومية لمستقبلهم وأمنهم، مع تفاقم المخاوف بسبب الخسائر الاقتصادية وتضرر البنية التحتية.

- يواجه التعليم في مستوطنات الشمال تحديات كبيرة، حيث تضررت المدارس وتفتقر إلى الدعم النفسي، رغم تخصيص 200 مليون شيكل لترميمها، مما يعقد الوضع التعليمي.

- تركز السلطات على ترميم المباني التعليمية والبنية التحتية، بينما يبني الجيش نظام مواقع عسكرية جديد، مع مطالب بإقامة منطقة عازلة لضمان الأمن.

لا تزال المخاوف تساور أكثر من 64 ألف مستوطن إسرائيلي ممن نزحوا من سكان مستوطنات الشمال الحدودية مع لبنان، وعاد جزء منهم إليها، فيما يرفض آخرون العودة، وذلك في ظل عدم توفر خطط حكومية واضحة بشأن مستقبلهم وأمنهم، ما يتركهم في مواجهة "مشاعر صعبة"، على حد تعبير صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم الأربعاء.

وأعلن جيش الاحتلال، قبل أيام، أنه لا مانع أمني للعودة إلى 42 مستوطنة وبلدة قريبة من الحدود اللبنانية. وتحاول الحكومة التي وجّهتهم إلى مغادرة منازلهم، عند اندلاع الحرب قبل نحو 15 شهراً، إعادتهم إلى المنطقة رغم افتقادهم الشعور بالأمان، وعدم استقرار الأوضاع الأمنية بعد في المنطقة الشمالية، خاصة مع وجود قوات الاحتلال في الأراضي اللبنانية، ومواصلة دولة الاحتلال خرق اتفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله وضبابية المشهد.

يتعدّى الأمر الوضع الأمني إلى الخسائر الاقتصادية الفادحة في المنطقة الشمالية، خاصة في المستوطنات التي أُخليت، بسبب دمار في البنية التحتية، وعدم انتظام التعليم. ويبدو أن تطمينات جيش الاحتلال للمستوطنين، بأن حياتهم لن تكون في خطر، لا تقنع المعظم بالعودة، علماً أن عدد العائدين فعلياً ليس واضحاً بعد.

وتقول الصحيفة العبرية إنه بعد شهرين من تعيينه وزيراً مسؤولاً عن مديرية إعادة بناء الشمال، يحاول زئيف إلكين "سد الثغرات" في السفينة الغارقة والوفاء بتصريحاته بأنه يعمل لدفع الشمال قدماً، لكن يبدو أنه وحده في المعركة، كما أن الموظفين في المكاتب الحكومية أيضاً يديرون ظهورهم، وكثير منهم لم يعودوا يظهرون شفقة على الشمال الذي يحتاج الآن إلى إصلاح، وبعضهم يرون في النازحين مدللين يأكلون ويشربون مجاناً، بمعنى أنهم يعيشون بالمجان، على حساب "الدولة" التي سبق أن خصصت لهم أماكن معيشة من قبيل الفنادق وغيرها لدى نزوحهم، ومنحتهم مخصصات مالية وامتيازات عدة.

تعليم متعثّر

لا يزال التعليم متعثراً في معظم مستوطنات الشمال، وهو أحد المجالات التي تواجه مشاكل كثيرة، وفق الصحيفة، على الرغم من أن معظم السلطات المحلية في المستوطنات التي جرى إجلاؤها، تقول إن هناك استعداداً كبيراً لاستقبال الطلاب مرة أخرى في جهاز التعليم، وإن الحلول التقنية سيجري العثور عليها بحلول نهاية فبراير/شباط الجاري لتجاوز الأضرار الناجمة عن ضربات حزب الله. ووفق الصحيفة، جرى تخصيص 200 مليون شيكل (حوالي 60 مليون دولار) لترميم مؤسسات التعليم. لكن الطريق لتحقيق ذلك لا يزال طويلاً، وسيعود الطلاب إلى مدارس كثيرة بدون تحصين، أو إلى مبان متضررة لم تُرمم بالكامل بعد. كما تفتقر العديد من المدارس إلى الدعم النفسي اللازم للتعامل مع التلاميذ.

وتشير المعطيات إلى أن حوالي 40% من النازحين من الشمال، هم من سكان كريات شمونة. وعلى عكس بقية المستوطنات التي جرى إجلاؤها، فإن سكانها منتشرون في مئات البلدات، وأنشئت أربع مدارس مؤقتة لنحو نصفهم، في إيلات، وتل أبيب وطبريا. لكن وزارة التربية والتعليم قررت إغلاق المدارس المؤقتة في منتصف العام، لأنها غير مستعدة لتشغيل جهازي تعليم بالتوازي، في إشارة إلى الجهاز الذي يستأنف العمل في كريات شمونة وأيضاً المدارس المؤقتة. وبذلك، جرى إجبار حوالي نصف تلاميذ المدينة على العودة إلى الشمال، أو البقاء بدون إطار تعليمي حتى نهاية العام.

أمن منقوص في مستوطنات الشمال

على مستوى الأمن، من المتوقع أن يوفّر نظام المواقع العسكرية الجديد الذي يبنيه جيش الاحتلال في هذه الأيام على طول الحدود، الحماية للمناطق الشمالية من الاختراق، ما تعتبره الأجهزة الأمنية للاحتلال، عاملاً مهماً لاستعادة ثقة مستوطني الشمال في الجيش. مع هذا، لم يُلبّى طلب جزء من السكان إقامة منطقة عازلة داخل الأراضي اللبنانية، من خلال "شريط أمني" بعرض مئات الأمتار داخل لبنان، في مسعى لضمان عدم عودة قوات حزب الله إلى المنطقة الحدودية. ويتوقّع جيش الاحتلال أنه على المدى الطويل، وبدعم مالي إيراني، سيعود نشطاء حزب الله لبناء منازلهم على الحدود، فيما يعد بالمقابل، بضمان ألا يتمكّنوا من استخدامها في المستقبل لغزو الجليل في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.

في توصيفه للوضع، يقول غيورا زيلتس، رئيس المجلس الإقليمي للجليل الأعلى للصحيفة العبرية: "كلنا أردنا في الأسابيع الأولى للحرب أن يحدث شيء آخر على الجانب الآخر من الحدود. في نهاية المطاف، تحقق هنا مستوى أمان عالٍ نسبياً في الوقت الراهن، لكننا ندرك أن كل شيء يمكن أن يحدث. الشعور بالأمان هو شعور شخصي، والعديد من السكان يترددون في العودة بسبب ذلك".

إعادة البناء

بقيت قوات جيش الاحتلال في معظم المباني العامة في المستوطنات التي جرى إجلاؤها لأكثر من عام. وتعرضت العديد من المباني لأضرار بسبب إطلاق النار من قبل حزب الله، أو استخدام الجنود لها، أو بسبب المغادرة المفاجئة للمنطقة الشمالية. وتركّز السلطات جهودها حالياً على ترميم مباني التعليم، وبعد ذلك ستجري إعادة تعبيد الطرق التي دمّرتها المركبات المدرّعة التي سارت عليها. وتضررت البنية التحتية للصرف الصحي التي لم تُستخدم. وفي كريات شمونة، على سبيل المثال، لم تكتمل حتى الآن مراجعة الأضرار وإعداد خطط العمل لإصلاحها. ويذكر رئيس بلدية كريات شمونة آفيحاي شتيرن، أن "الجيش قرر أنه يمكن العودة من الناحية الأمنية، وكل الحكومة تتبع ذلك دون أن تلتفت إلى الجوانب الأخرى. ليس لدى الدولة حتى الآن أي خطة لتوفير حلول للاقتصاد المحلي الذي جرى محوه في المدينة".

من زاوية أخرى، فإنه بعد أكثر من عام من تلقيهم مساعدات مالية من "الدولة"، سيتعين على النازحين الآن إعالة أنفسهم. ووفق الصحيفة، سيُطلب منهم العودة وإعادة بناء حياتهم، بعد أن تذوّقوا طعم ومزايا الحياة في المنطقة الوسطى، خاصة منطقة تل أبيب، حيث وجدوا رعاية صحية متطورة، وثقافة غنية، وسهولة في الوصول إلى كل مكان، وجودة حياة مرتفعة، فيما سيتعين عليهم العودة للاعتياد على الحياة التي عاشوها قبل الحرب. وسبق أن أشارت تقارير إسرائيلية سابقة إلى أن عدداً كبيراً من النازحين الإسرائيليين قد لا يعودون بتاتاً إلى الشمال.