ولادة حكومة نتنياهو... غزة تتأهب لاحتمال عدوان جديد

ولادة حكومة نتنياهو... غزة تتأهب لاحتمال عدوان جديد

29 ديسمبر 2022
تؤكد "كتائب القسام" استعدادها لأي مواجهة (Getty)
+ الخط -

لم يكن عام 2022 عادياً بالنسبة لأكثر من 2.2 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة وضمن نطاق جغرافيته المحدودة، التي لا تزيد عن 365 كيلومتراً مربعاً، وتحت سطوة الحصار الإسرائيلي المشدد المفروض منذ العام 2006 براً وبحراً وجواً.

وشهد القطاع المحاصر للعام السادس عشر على التوالي مواجهة للعام الثاني على التوالي بعد مواجهة عام 2021. وانحصرت هذه المرة في معركة مع حركة الجهاد الإسلامي وذراعها العسكرية "سرايا القدس" واستمرت 56 ساعة.

وعلى الرغم من هذه المواجهة، إلا أن الظروف الميدانية في القطاع تبدو مهيأة في أي لحظة لاندلاع مواجهة جديدة في ظل المعطيات القائمة حالياً على الساحة السياسية الفلسطينية، سواء فيما يتعلق بالواقع في الضفة الغربية المحتلة أو الانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، فضلاً عما يجري في سجون الاحتلال من انتهاكات متصاعدة بحق قرابة 5 آلاف أسير وأسيرة.

تقديرات بحرب إسرائيلية على غزة

ويحضر حديث رئيس حركة "حماس" في غزة يحيى السنوار عن تقديرات جهاز الاستخبارات الخاصة بـ"كتائب القسام"، الذراع العسكري لـ"حماس"، بأن عام 2023 سيحمل في طياته مواجهة حقيقية مع الاحتلال مع صعود الحكومة اليمينية المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو إلى سدة الحكم في دولة الاحتلال.

رضوان: الحكومة الإسرائيلية الجديدة ستجر المنطقة إلى تصعيد خطير

وتبدو "حماس" وفصائل المقاومة متحضرة لمواجهة جديدة على غرار عدوان 2021 على القطاع، مع تصاعد الاحتمالات بارتكاب الحكومة الإسرائيلية الجديدة استفزازات محتملة في القدس المحتلة أو تنفيذ عمليات ترحيل جماعية لفلسطينيين أو ارتكاب عمليات تصفية ميدانية جماعية لمقاومين.

في غضون ذلك، يقول القيادي في "حماس" إسماعيل رضوان، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الحكومة الإسرائيلية الجديدة ستجر المنطقة إلى تصعيد خطير يتحمّل الاحتلال مسؤولياته وسيتحوّل معه الصراع إلى صراع ديني عبر الانتهاكات التي سينفذها". ويلفت إلى أن "تشكيل حكومة إسرائيلية، هي الأكثر تطرفاً في تاريخ الاحتلال، سيؤدي إلى زيادة وتيرة الاستيطان ومحاولة تغيير الواقع في المسجد الأقصى وتهويد القدس، بالإضافة إلى التهديدات المعلنة من (زعيم حزب القوة اليهودية) إيتمار بن غفير و(رئيس حزب الصهيونية الدينية) بتسلايل سموترتيش والتحريض على العرب والفلسطينيين".

ويُشير رضوان إلى أن "ملفات مثل الأسرى والتحريض على الفلسطينيين في مناطق 1948 ستكون ماثلة ضمن التحديات القائمة خلال عام 2023، إضافة إلى محاولة فرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، وهو ما من شأنه أن يجر المنطقة إلى المواجهة". ويؤكد القيادي في "حماس" أنّ "المطلوب لمواجهة هذه التحديات، تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام لمواجهة الاحتلال، وأن تتخذ السلطة خطوات عملية لوقف التنسيق الأمني، والتحلل من حقبة أوسلو، ورفع اليد عن المقاومين في الضفة الغربية المحتلة، والتوافق على استراتيجية وطنية شاملة للمواجهة مع الاحتلال".

أما عن المقاومة في غزة، فيشدد على "وجوب تعزيز وحدة التنسيق فيما بينها وصولاً إلى تعزيز التنسيق بين التشكيلات العسكرية في الضفة الغربية بما يخدم حالة المواجهة الشاملة". كما يوضح أن "المقاومة في غزة لن تسمح للحكومة الإسرائيلية المقبلة بتنفيذ مخططاتها".

وتبدو الفصائل متأهبة هذه الأيام لاحتمالية المواجهة المفتوحة مع الاحتلال، لا سيما مع الحديث الصوتي النادر لقائد أركان "كتائب القسام" محمد الضيف، الذي تحدث عن فتح الساحات للمواجهة وحشد كافة الطاقات ضد الاحتلال.

أبرز التحديات التي تواجه الفلسطينيين

من جهته، يؤكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي نافذ عزام، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "خطة الشعب الفلسطيني واضحة وهي استمرار المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي والتصدي لكافة أشكال العدوان وتعزيز المواجهة على مختلف الساحات والجبهات". ويلفت إلى أن "المشكلة الكبرى بالنسبة للفلسطينيين تتمثل في الانقسام الداخلي، ما يستدعي تعزيز الجهود للخروج من هذه الحالة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وتبنّي برنامج عمل وطني مشترك بين مختلف القوى والفصائل".

ويشير عزام إلى أنّ "وجود حكومة تضم شخصيات استيطانية متطرفة لن يحمل الخير بالنسبة للفلسطينيين كغيرها من الحكومات السابقة". ويلفت إلى أن ذلك "سيعزز احتمالات المواجهة، وهو ما يتطلب رؤية وطنية فلسطينية مشتركة تتصدى لها وتعمل على مواجهة العدوان".

ويرى القيادي في "الجهاد الإسلامي" أن "الحكومة الإسرائيلية الجديدة ستسير على ذات النهج الذي سارت عليه الحكومات السابقة". كما يؤكد أن هذه الحكومات "ستعزز من ممارساتها على الأرض في ظل وجود الشخصيات الاستيطانية المتطرفة بداخلها".

مزهر: عام 2023 سيكون عام التحديات الكبيرة بالنسبة للفلسطينيين

ويخشى الفلسطينيون في قطاع غزة على وجه الخصوص من اندلاع حرب جديدة مع الاحتلال كنتيجة لوجود حكومة إسرائيلية تقودها شخصيات معروفة بسلوكها الاستيطاني وممارستها المتطرفة بحق الفلسطينيين والمقدسات.

ويقول عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ماهر مزهر، لـ"العربي الجديد"، إن "عام 2023 سيكون عام التحديات الكبيرة بالنسبة للفلسطينيين والقضية الفلسطينية بشكل عام". ويُشير إلى أن هذه التحديات تأتي "في ظل ما تم تحقيقه خلال عام 2022 من مراكمة القوة للمقاومة وتعزيز صمود الحاضنة الشعبية في مواجهة الحصار وسياسة التوجيه التي يقوم بها الاحتلال".

ويوضح مزهر أن "المقاومة نجحت خلال العام 2022 في إعادة تشكيل التشكيلات العسكرية التابعة لها، سواء عرين الأسود أو كتيبة جنين وكتيبة بلاطة وغيرها من المجموعات، وهو الأمر الذي يؤكد أن المقاومة في الضفة أمام انعطافة جديدة". ويشدد القيادي في "الجبهة الشعبية" على "حاجة الفلسطينيين إلى مصالحة مبنية على الشراكة وإعادة إصلاح منظمة التحرير بحيث تصبح ممثلة لكل الفلسطينيين مع التحلل من اتفاقية أوسلو وجميع الاتفاقيات المترتبة عليها، وسحب الاعتراف بالاحتلال والضغط على النظام العربي لوقف كافة أشكال التطبيع مع الاحتلال".

ويعتقد مزهر أن "في العام 2023 سيكون المشهد الفلسطيني أمام تحديات جمة في ظل وجود بن غفير وسموترتيش على رأس الحكومة الإسرائيلية الجديدة، في الوقت الذي ترى فيه المقاومة المشهد مثل برميل البارود الذي يمكن أن ينفجر في أي لحظة".

وفي السياق نفسه، يرى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "2023 سيكون عام اتساع المقاومة وتأثير اتساعها على الاحتلال في ظل حالة العنصرية والإرهاب والتطرف التي عليها الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نتنياهو". ويعتبر الصواف أن "المقاومة ستشكل حالة الانتفاضة الحقيقية في الضفة الغربية، وستواصل غزة لعب دور الإسناد للحالة الفلسطينية عبر مراكمة القوة استعداداً لأي حماقة قد يرتكبها الاحتلال خلال العام الجديد".

ويشير إلى أن "عام 2023 قد يكون عام المواجهة بين المقاومة في غزة وإسرائيل، في ظل المعطيات القائمة على الساحة الفلسطينية وما قد تحمله الحكومة المقبلة من انتهاكات في الميدان، لا سيما الملفات التي تعتبرها المقاومة خطوطاً حمراء". ويستبعد الصواف "فرضية التوصل إلى اتفاق مصالحة فلسطينية أو تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه برعاية جزائرية في ظل تبني الرئيس الفلسطيني محمود عباس للسياسة المعلنة منه، في الوقت الذي تتفق فيه غالبية الفصائل على برنامج المقاومة".