وقف نار ملتبس يعمّق الشكوك حول دور ترامب في الحرب

24 يونيو 2025
ترامب في خطاب إلى الأمة بعد قصف إيران، 21 يونيو 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت السياسة الأميركية تقلبات بين التصعيد العسكري والدبلوماسية، حيث قصف ترامب المفاعلات الإيرانية ثم أعلن وقف إطلاق النار، مما أثار تساؤلات حول جديته وشروطه المعقدة.
- زعم ترامب أن وقف إطلاق النار جاء بناءً على طلب الجانبين، لكن الشروط الغامضة تثير الشكوك، خاصة مع قبول إيران له كتكتيك مؤقت واحتياج إسرائيل لوقف النزيف.
- البيت الأبيض يسعى لتقديم ترامب كصانع للسلام، وسط خلافات في الكونغرس حول صلاحياته العسكرية، مما يعكس التوترات السياسية الداخلية.

خطوات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وسرديته بخصوص حرب إسرائيل وإيران بدت سوريالية بامتياز، خلال الـ48 ساعة الماضية، وبالتحديد الاثنين. تقلّب بين الساخن والبارد بسرعة قياسية. السبت، دخل الحرب إلى جانب إسرائيل بقصف المفاعلات النووية الأساسية الثلاثة في إيران. وبعد ساعات، ألمح إلى احتمال " تغيير النظام" الإيراني، لكن نائبه جي دي فانس سارع إلى التشديد على أن الإدارة "ليست في حرب مع طهران، بل مع مشروعها النووي". تحييد النظام كان على ما بدا لاحقاً، بمثابة تمهيد لإعلان الهدنة التي كانت طبختها على النار. وثمة من يرى أن ضربة السبت كانت من جملة دوافعها، إنضاج هذه الطبخة.

فالرئيس الذي لجأ إلى الخيار العسكري ليل السبت، لم يتخلَّ عن الخيار الدبلوماسي، وإعلانه المفاجئ في وقت متأخر الاثنين عن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، جاء ليترجم هذه الرغبة، لكن الملابسات التي رافقت هذا الإعلان، أثارت الكثير من اللغط والشكوك لدى مختلف الأوساط في واشنطن. بل ذهب البعض إلى طرح علامات استفهام حول مدى جدية وقف للنار جرى حبكه بهذه العجلة، ومدى قدرته على الصمود. وزاد من التساؤلات أن الرئيس ترامب كشف عنه بصيغة ملتوية لجهة بدء العمل به وسريانه بصورة تدريجية تفتتحها إيران، على أن تلحق بها إسرائيل بعد 6 ساعات.

ثم تكاثرت الأسئلة بعد أن زعم الرئيس أن مبادرته جاء تلبية "لطلب الجانبين" منه القيام بهذا المسعى، فيما تشير الوقائع إلى أن العملية كانت أكثر تعقيداً بشروطها وإخراجها، بما جعل منها "تحولاً غير عادي للأحداث"، وإلى حد لا يُستبعد معه أن يكون الرئيس ترامب قد حسم فيها "قبل ابلاغ الجانبين"، وربما تيسرت له شروط الصفقة التي طالما تحدث عنها، فالتقطها في اللحظة المناسبة. إيران بحاجة إلى "التقاط أنفاسها"، وإسرائيل بحاجة إلى وقف نزفها الذي لم يسبق أن مرت بمثله، فضلاً عن عدم قدرتها على رفض مخرج يريده ترامب، الذي كان قد سلّفها قرار دخوله الحرب إلى جانبها، السبت الماضي.

طهران "تخوض معركة بقائها"، بحسب الباحث المتخصص في الشأن الإيراني في مؤسسة كارنيغي للدراسات والأبحاث بواشنطن كريم سادجادبور، لكن قبولها بوقف النار لا ينطوي على "تحول استراتيجي، بقدر ما هو تكتيك" فرضته تطورات الميدان، خصوصاً الأخيرة منها. مع ذلك بقي وقف النار محاطاً بالشكوك لجهة شروطه غير المعروفة، كما لجهة مهلته. والأهم لناحية التسوية حول الملف النووي الذي يشكل بيت القصيد. نائب الرئيس فانس، عاد وجدد تمسك الإدارة بمطلب "صفر تخصيب"، وثمة تلميحات إلى ضرورة "إزالة البرنامج النووي" برمته.

في تقديمه لوقف النار، تجاهل الرئيس ترامب هذا الموضوع الذي يشكل جوهر المشكلة. المراهنة في ذلك على صياغات ومخارج مبهمة، تراوح بين "التجميد" المؤقت والحلول "بالتقسيط"، على الأقل في البداية، وبما يضمن صمود وقف النار، لكنها معالجة لا يستهين المراقبون بتعقيداتها وصعوباتها، وما تختزنه من تهديد للهدنة التي ما زالت هي الأخرى مهددة.

البيت الأبيض حرص على إبراز هذا التطور المفاجئ، وربطه بصورته "صانعاً للسلام"، ولو أن هذا التصنيف ما زال سابقاً لأوانه، فالالتباسات تجعل من وقف النار أحجية مفتوحة على أكثر من سيناريو، كذلك قد يكون عملية "ملغومة" مثلما كانت فترة الأسبوعين التي اختبأ ترامب وراءها للقيام بمفاجأة السبت الماضي، التي فاقمت الخلافات في الكونغرس حول صلاحيات الرئيس العسكرية، التي يجري إعداد مشروع قانون لتضييق نطاقها، بما يؤدي إلى تقييد حرية الرئيس ترامب في هذا الخصوص.