وقف "الكردستاني" إطلاق النار في تركيا: ارتداداته سورياً

01 مارس 2025   |  آخر تحديث: 16:36 (توقيت القدس)
امرأة كردية سورية تلوح بعلم يحمل صورة أوجلان، 27 فبراير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعلن حزب العمال الكردستاني وقفاً فورياً لإطلاق النار في تركيا استجابة لدعوة زعيمه المسجون عبد الله أوجلان، مما قد يؤثر إيجابياً على الأوضاع في سورية.
- تسعى الإدارة الجديدة في دمشق لحل سياسي مع "قسد" لتحديد مصير المناطق التي تسيطر عليها، بينما تتلقى "قسد" دعماً من التحالف الدولي لمحاربة "داعش".
- يرى المحللون أن وقف إطلاق النار قد يسهم في تهدئة الأوضاع وسحب الذرائع من يد الأتراك لقصف الشمال الشرقي من سورية.

أعلن حزب العمال الكردستاني، اليوم السبت، وقفاً فورياً لإطلاق النار في تركيا، وذلك استجابة لدعوة زعيمه المسجون عبد الله أوجلان إلى التخلي عن السلاح، في خطوة من المتوقع أن تنعكس على الأوضاع في الشمال الشرقي من سورية،؛ المناطق التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) والتي يُنظر إليها على أنها جناح سوري لهذا الحزب.

وكان أوجلان المسجون منذ عام 1999 قد وجّه نداء عُدّ "تاريخياً" من سجنه الخميس طلب منه من الحزب الذي أسسه في عام 1978 حل نفسه وإلقاء السلاح، مؤكداً أنه يتحمّل "المسؤولية التاريخية عن هذه الدعوة". ويُنظر إلى "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) التي تشكل وحدات "حماية الشعب" الكردية (YPG) ثقلها الرئيس، وخاصة لجهتي القيادة والتوجيه، على أنها نسخة سورية من حزب العمال كونها تتبنى فكره وعقيدته.

وتنتمي أغلب قيادات هذه القوات، بما فيها قائدها مظلوم عبدي إلى هذا الحزب، الذي بدأ حرباً ضد الجيش التركي منذ عام 1984، ما خلّف آلاف القتلى من الجانبين. وتتعامل أنقرة مع هذه القوات كما تتعامل مع حزب العمال على حد سواء، وشنّت أكثر من عملية واسعة النطاق ضدها في سورية، فضلاً عن القصف المتواصل بالطيران المسيّر الذي يستهدف قياديين ومعسكرات ومنشآت حيوية شمال شرقي سورية، منذ عدة سنوات. وما تزال هذه القوات ترفض مبدأ تسليم السلاح للإدارة الجديدة في دمشق، والاندماج في الجيش الجديد بشكل انفرادي، وتطالب ببقائها كتلة عسكرية واحدة ضمن هذا الجيش وهو ما ترفضه وزارة الدفاع السورية.

ومنذ تسلمها مقاليد الأمور في البلاد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول من العام الفائت، اختارت الإدارة الجديدة طريق التفاهم السياسي مع قوات "قسد" لحسم مصير هذه القوات والمناطق التي تقع تحت سيطرتها في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور وجانب من ريف حلب وحيين داخل حلب. وتحاول هذه الإدارة تجنّب الخيار العسكري شمال شرقي سورية، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها.

وتتلقى "قسد" دعماً كبيراً من التحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة والتي أسست هذه القوات في عام 2015 لمحاربة تنظيم "داعش". ومن المتوقع أن تنعكس التطورات في تركيا، بما يخص حزب العمال، على الأوضاع شمال شرقي سورية، رغم اعتبار قائد قوات "قسد" مظلوم عبدي النداء الذي وجّهه زعيم "حزب العمال الكردستاني" عبد الله أوجلان "لا علاقة له بنا في سورية". وتتخذ هذه القوات من تنظيم "داعش" ذريعة لعدم التخلي عن السلاح، ولكن الوقائع تشير إلى أنها تريد الاستمرار في ممارسة نفوذ عسكري على المناطق الأغنى في سورية، وسياسي على الشارع الكردي في عموم سورية، فتأثير التنظيم تراجع إلى الحدود الدنيا، ولم تعد لديه القدرة على ممارسة نشاط فاعل شمال شرقي سورية.

وتعليقاً على إعلان حزب العمال وقفاً لإطلاق النار في تركيا، رأى المحلل السياسي عبد الحليم سليمان، في حديث مع "العربي الجديد"، أن حل القضية الكردية، سواء في تركيا أو في سورية، "يأتي من وجود دولة ديمقراطية تحفظ حقوق الكرد". وتابع: "أعتقد أن أي عملية سلام في تركيا بين "العمال الكردستاني" والحكومة التركية، سيكون لها تأثير إيجابي على المشهد العام في سورية، وسوف تؤدي إلى توقف الهجمات على الشمال الشرقي من سورية". ورجّح سليمان أن تشهد المفاوضات الجارية بين الإدارة في دمشق، وبين "قسد" تقدماً نتيجة التطورات في تركيا، مضيفاً "هناك تغيّر جيوسياسي في المنطقة وتبدل في خرائط النفوذ، لذا تحاول أنقرة التخلص من عبء المسألة الكردية، وإذا تصرفت تركيا بشكل عقلاني سوف تتجاوز هذا التحدي".

من جهته، يرى سكرتير حزب اليسار الكردي في سورية، محمد موسى، أن النداء الذي وجهه زعيم حزب العمال الكردستاني سيكون له انعكاس "إيجابي على الأوضاع العامة في المنطقة"، مضيفاً "هو بمثابة بداية جديدة على المستويات كافة". واعتبر الباحث السياسي المقرب من الإدارة الذاتية لشمال شرقي سورية إبراهيم مسلم، في حديث مع "العربي الجديد"، أن النداء الذي أطلقه أوجلان "سحب الذرائع من يد الأتراك لقصف الشمال الشرقي من سورية بحجة وجود حزب العمال". وتابع "أعتقد أن التطورات في المشهد الكردي بتركيا سيكون تأثيرها إيجابياً على الشمال الشرقي من سورية، وعلى إقليم كردستان العراق".

المساهمون