أصدر مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين بياناً في ختام دورته غير العادية، الاثنين، يدين فيه تجاهل إسرائيل، بوصفها القوة القائمة بالاحتلال، دعوات ومطالبات المجتمع الدولي بوقف تطبيق القوانين الباطلة التي أقرها الكنيست بحظر عمل وكالة أونروا ونشاطاتها في الأرض الفلسطينية المحتلة. وقال مجلس الجامعة إن إصرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ القوانين الباطلة يعيق عمل أونروا الحيوي في الأرض الفلسطينية المحتلة، سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية والقدس الشرقية، الأمر الذي تترتب عليه تبعات كارثية على اللاجئين الفلسطينيين في ظل عدم قدرة أي جهة أو وكالة أممية أخرى على تقديم الخدمات والمساعدات التي تقدمها الوكالة.
وأضاف المجلس أن حظر الكنيست الإسرائيلي عمل أونروا في القدس الشرقية، استناداً إلى تعريفها الباطل للأراضي السيادية الإسرائيلية، هو إجراء باطل ولا أثر قانونياً له، إذ لا تملك تل أبيب السيادة في القدس الشرقية، ولا على أي جزء من الأرض التي احتلتها في الخامس من يونيو/حزيران 1967، وليس لها الحق في ممارسة الصلاحيات السيادية عليها بموجب القانون الدولي. وتابع أن جميع إجراءات إسرائيل بحق مقار وموجودات وكالة أونروا في القدس الشرقية باطلة، ولا ترتب أي أثر قانوني، لأنها لا تمتلك شرعية أو سلطة اتخاذ إجراءات لمصادرة الممتلكات الخاصة أو العامة التابعة للدولة المحتلة، أو تغيير الطابع القانوني والإداري لها، وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، ولوائح لاهاي لعام 1907.
وذكر المجلس أن أونروا وكالة أممية تأسست بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 لعام 1949، بهدف تقديم الدعم الإنساني والتنموي للاجئين الفلسطينيين، وأن محاولات ثنيها عن أداء دورها وفق منطوق تكليفها الأممي يمثل انتهاكاً جسيماً لقرار دولي يعكس التزام المجتمع الدولي بحل قضية لاجئي فلسطين. وأكمل أن سعي إسرائيل المحموم لتقويض شرعية أونروا، ومنعها من أداء عملها بموجب تفويضها الأممي، يهدف إلى تقويض أسس حل الدولتين المتفق عليه دولياً، وتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، وحقهم في العودة والتعويض، بموجب قرارات الشرعية الدولية.
وزاد المجلس أن حظر عمل وكالة أونروا يؤدي إلى إخضاع الفلسطينيين المستهدفين بخدماتها عمداً في قطاع غزة إلى أحوال معيشية تؤدي إلى هلاكهم الفعلي كلياً أو جزئياً، وإلى إلحاق أضرار جسدية وعقلية بهم، وهي أفعال تتحقق بها جريمة الإبادة الجماعية بحسب نص المادة السادسة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، لا سيما أن أونروا هي الجهة الأساسية لتقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين، وليس لدى أي جهة أو وكالة أخرى الإمكانيات أو البنى التحتية اللازمة حتى تحل محلها.
وواصل بأن تشكيك إسرائيل في حياد ومصداقية أونروا عار من الصحة، ومحاولة بائسة لاغتيال الوكالة سياسياً، ضمن أجندتها الخبيثة الهادفة إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، مستطرداً بأن تقرير المراجعة المستقلة لأونروا، الصادر في 5 إبريل/نيسان 2024، أشار بوضوح إلى وضعها إطار عمل للحياد منذ عام 2017، وتمتعها بالحوكمة والشفافية من قبل المجتمع الدولي.
وطالب مجلس الجامعة العربية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتهم بموجب القانون الدولي في ما يخص الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ودعوته إلى العمل على إعمال حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وإنهاء أي عوائق ناجمة عن الوضع غير القانوني في الأرض المحتلة. وحذر المجلس من الآثار الكارثية التي سيتسبب بها تطبيق التشريعات على اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، وفي قطاع غزة حيث تكافح الأسرة الدولية وتسابق الزمن لاستغلال وقف إطلاق النار في إدخال المساعدات الإنسانية، وإيصالها إلى سكان القطاع الذين يعانون من سوء التغذية نتيجة للجرائم الإسرائيلية بحقهم على مدى 471 يوماً.
وبين المجلس أن أونروا هي الجهة الوحيدة القادرة على إيصال المساعدات إلى قطاع غزة بكفاءة، وإعادة الأمل إلى سكانه، نظراً إلى تفويضها الأممي، وأعداد العاملين فيها على الأرض، وخبراتها المتراكمة، وإمكاناتها اللوجستية في الأرض الفلسطينية المحتلة. وحث المجلس الدول المانحة على الاستمرار في الإيفاء بالتزاماتها تجاه الوكالة، وتأكيد أهمية مبادرة الالتزامات المشتركة تجاه أونروا التي أطلقتها الكويت والأردن وسلوفينيا في مايو/أيار الماضي، وانضمت إليها 123 دولة، ومثلت اعترافاً دولياً واسع النطاق بدور الوكالة باعتباره عاملاً إيجابياً للاستقرار الإقليمي، وشريان حياة للملايين من اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس.
وأوضح أن القوة القائمة بالاحتلال حاولت تقويض الوكالة من خلال تدمير 205 من مبانيها، وقتل 272 من موظفيها منذ بداية عدوانها على غزة، وهي جرائم حرب مدانة مكتملة الأركان، علماً أنها لا زالت تشكل العمود الفقري لعمليات الإغاثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في غزة، إذ تقدم الدعم والمأوى لأغلبية سكان القطاع البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة، بما في ذلك توفير الغذاء وتقديم لقاحات شلل الأطفال والرعاية الصحية.
ودعا مجلس الجامعة، في ختام بيانه، إلى تعميمه على جميع البعثات ومجالس السفراء العرب، ونقل مضامينه إلى الدول والهيئات والمؤسسات الدولية المعتمدة لديها، ودعوة المجموعة العربية في نيويورك إلى التحرك لاتخاذ الخطوات الضرورية لبحث إمكانية استصدار قرار من مجلس الأمن، أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، يتماشى مع ما ورد فيه من مضامين حول أونروا.