وضع مأساوي في السويداء: لا خدمات والطرق إلى المدينة مقطوعة

24 يوليو 2025   |  آخر تحديث: 19:57 (توقيت القدس)
إدخال قافلة مساعدات ثانية إلى السويداء، 23 يونيو 2025 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الوضع الإنساني في السويداء يتدهور بعد وقف إطلاق النار، حيث قُتل 814 شخصاً، بينهم نساء وأطفال، مع استمرار انقطاع الكهرباء والمياه وغياب المساعدات الكافية.
- السويداء تواجه حصاراً مع قطع الطرقات، مما يعيق دخول المساعدات الإنسانية، رغم وصول قافلتين من الهلال الأحمر السوري، إلا أن الاحتياجات الأساسية لا تزال غير متوفرة.
- نفت مصادر سورية فرض حصار، مؤكدة أن الانتشار الأمني لحماية المدينة، بينما دعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان والولايات المتحدة والأردن إلى الحوار وحماية المدنيين.

الأوضاع بعد توقف الاشتباكات في السويداء كشفت عن واقع مأساوي

وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل ما لا يقل عن 814 شخصاً

لا تتوفر الأشياء الأساسية في المدينة حالياً من ماء وكهرباء ووقود

لا يدل المشهد في السويداء جنوبي سورية على أن المحافظة خرجت من الصراع الذي شهدته منذ 13 يوليو/تموز الحالي وانتهى فعلياً يوم الاثنين الماضي بوقف لإطلاق النار، فالأوضاع داخل المدينة خصوصاً تكشف عن واقع صعب جداً، فالأهالي بدأوا يفيقون من صدمة الاشتباكات ليكتشفوا هول الوضع مع بقاء مصير العديد من الأشخاص مجهولاً، واستمرار انقطاع الكهرباء والمياه عن المدنيين. لكن الأخطر يبقى ما يجري تداوله ويؤكده ناشطون وإعلاميون في مدينة السويداء عن حصار تتعرض له المدينة، بقطع الطرقات المؤدية إليها.

واقع مأساوي في السويداء

وبعدما كانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد قالت في وقت سابق إن الاشتباكات المسلحة والانتهاكات في محافظة السويداء تسببت في أزمة إنسانية خطيرة، فإن الأوضاع بعد وقف الاشتباكات كشفت عن واقع مأساوي، خصوصاً لجهة الخسائر البشرية. وفي حين تحدث ناشطون من داخل مدينة السويداء عن مقتل نحو 1500 شخص، أعلنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير لها اليوم الخميس أنه خلال الفترة ما بين 13 و24 يوليو/تموز الحالي، وثّقت مقتل ما لا يقل عن 814 شخصاً، بينهم 34 سيدة و20 طفلاً و6 من الطواقم الطبية، بينهم 3 سيدات، و2 من الطواقم الإعلامية، وأُصيب ما يزيد عن 903 بجروح متفاوتة وخطيرة في محافظة السويداء. وأوضحت أن الحصيلة تشمل ضحايا مدنيين، بينهم أطفال وسيدات وطواقم طبية، إضافة إلى مقاتلين من المجموعات العشائرية المسلحة من البدو، وأخرى محلية خارجة عن سيطرة الدولة من أبناء المحافظة، إلى جانب عناصر من قوى الأمن الداخلي ووزارة الدفاع التابعة للحكومة السورية. وقال التقرير إن هذه الحصيلة "تخضع لعمليات تحديث مستمرة وهي أولية".

وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل ما لا يقل عن 814 شخصاً خلال الفترة ما بين 13 و24 يوليو/تموز الحالي

وشددت الشبكة على أن منهجيتها مبنية على قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، وهي لا تقوم بتوثيق حالات مقتل المسلحين المنتمين إلى المجموعات الخارجة عن سيطرة الدولة، في حال قضوا خلال الاشتباكات. ودعت الشبكة في 10 توصيات الحكومة السورية إلى الالتزام بالقانون الدولي عبر ضبط استخدام القوة، وضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وشددت على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة، وتأمين الدعم الطبي والنفسي للضحايا، خصوصاً النساء والأطفال. كما طالبت بفتح تحقيقات مستقلة في الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها، إلى جانب تفعيل دور المؤسسات المحلية في حل النزاعات، ومكافحة الخطاب التحريضي والطائفي. وتوجّهت الشبكة بتوصيات للأطراف المنخرطة في النزاع في المحافظة، ومنها ضرورة احترام القانون الدولي لحقوق الإنسان، والتوقف الفوري عن الأعمال الانتقامية واستهداف المدنيين أو المرافق المدنية. ودعت إلى وقف شامل لإطلاق النار، وضبط النفس، واعتماد الحوار سبيلا لحل الخلافات. كما طالبت بالتعاون مع جهود التهدئة والمصالحة، وتسهيل وصول المساعدات والطواقم الطبية، والابتعاد عن الخطابات التحريضية والطائفية.

حصار على السويداء؟

على الأرض يبدو المشهد صعباً. ويقول الناشط المدني في السويداء علاء القاضي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إنه لا تتوفر الأشياء الأساسية في المدينة حالياً، من ماء وكهرباء ووقود، أما المستشفى المركزي فيعمل بالحد الأدنى، فيما فتحت بعض المحال التجارية أبوابها وتبيع ما لديها بشكل مقنن للأهالي. وعن وضع المدنيين، يوضح أن بعض الأشخاص لا يزال مصيرهم مجهولاً "فيما يحكى عن أن عدد القتلى وصل إلى 1500 حتى الآن". ويضيف أن الأهالي لم يروا شيئاً من المساعدات حتى الآن، والناس لا ثقة لها بالقوى الأمنية ولا تأمن لها.

أسامة أبو ديكار: السويداء لا تزال بدون كهرباء ولا ماء أما الاتصالات فمتقطعة، وهناك حصار على السويداء

من جهته، يؤكد الإعلامي السوري في السويداء أسامة أبو ديكار، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن المدينة لا تزال بدون كهرباء ولا ماء أما الاتصالات فمتقطعة، والناس بدأت تستيقظ على الكارثة التي حلت عليها، مشيراً إلى أن هناك حصاراً على السويداء من كل المحاور، فطريق دمشق السويداء لا يزال مقطوعاً من قبل "عصابات الإرهابيين" وفق قوله، ومن الناحية الغربية للسويداء لا تزال الطريق مقطوعة، وبالتالي فإن لا مخرج من المنطقة، بحسبه. ويقول إن قافلة مساعدات واحدة دخلت السويداء، مضيفاً أن القوافل لا تدخل إلى السويداء بسبب السلطة السورية. مع العلم أن السلطات السورية كانت قد أعلنت يوم الأحد الماضي رفض أحد مشائخ عقل الموحدين الدروز حكمت الهجري دخول وفد حكومي سوري يوم الأحد الماضي مع قافلة مساعدات كانت مرسلة للمدينة، إذ لم يسمح يومها سوى بدخول السيارات التابعة للهلال الأحمر السوري. ويلفت أبو ديكار إلى أن المستشفى المركزي خارج الخدمة والأوضاع كارثية، معلناً أنه تم أمس الأربعاء دفن عشرات الجثث مجهولة الهوية. وعن رحيل بعض السكان البدو من محافظة السويداء، يقول إنه فُتح المجال لمن يرغب منهم بالخروج ولم يطلب أحد إخراجهم ولا محاولات لتهجيرهم، ولكن التساؤل لماذا يخرجون من مناطقهم؟

وفي حين جرى تداول فيديو على منصة إكس يظهر مسلحين من العشائر يتحدث فيه أحدهم أنهم على جبهة قرية أم الزيتون شمال محافظة السويداء اليوم الخميس ويقول إنهم يمنعون دخول أي شيء إلى مدينة السويداء، فإن المساعدات التي دخلت المدينة لا تزال شحيحة، وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أمس الأربعاء أن قافلة ثانية من الهلال الأحمر العربي السوري دخلت محافظة السويداء، الأربعاء، حملت مجموعة من الدعم الحيوي، بما في ذلك الغذاء ودقيق القمح والوقود والأدوية والإمدادات الصحية. وأضاف أن القافلة ضمت 25 شاحنة محملة بسلل معلبات ومواد غذائية تغطي نحو 17 ألف شخص، وأدوية ومواد طبية ومستلزمات جراحية وإسعافية، وأكياس لحفظ الجثامين، وطحين، إضافة إلى 14 ألف ليتر مازوت.

الأمن السوري ينفي فرض حصار على المحافظة

في المقابل، نفت مصادر أمنية في قوى الأمن الداخلي التابعة لوزارة الداخلية السورية، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، صحة الأنباء المتداولة على وسائل إعلام محلية في محافظة السويداء جنوب سورية، حول فرض حصار على المدينة ومنع دخول المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والصحية.

وقال مصدر أمني في قوى الأمن الداخلي التابعة لوزارة الداخلية السورية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن انتشار القوات الأمنية على الحدود الإدارية لمحافظة السويداء الهدف منه هو حماية المدينة وتأمين محيطها، ومنع أي تصادم أو توتر، وذلك في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه قبل أيام.

وأضاف المصدر أن قوى الأمن تعمل على تأمين دخول قوافل المساعدات الإنسانية إلى المدينة، إضافة إلى تأمين خروج القوافل التي تضم العائلات المغادرة، وذلك ضمن خطوات تهدف إلى تهدئة الأوضاع وضمان سلامة المدنيين.

وفي السياق، قال الناشط محمد غازي، المنحدر من محافظة درعا، لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة السورية سمحت بدخول قافلتين من المساعدات الإنسانية إلى محافظة السويداء عبر الهلال الأحمر السوري، تتضمن سللاً غذائية وطحيناً ومساعدات طبية، إلى جانب دخول قافلة محروقات".

من جهته، أشار الناشط محمد فهد، وهو أيضاً من محافظة درعا، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "لا يوجد أي حصار مفروض على السويداء من قبل القوات الحكومية، لكن هناك انتشاراً أمنياً مكثفاً لقوات الأمن الداخلي والجيش السوري على طول الحدود الإدارية للمحافظة، بهدف حماية المنطقة ومنع دخول أي مجموعات مسلحة، سواء من العشائر العربية أو غيرها".

وأضاف أن "المساعدات لا تزال تدخل إلى السويداء من جهتي بصر الحرير وبصرى الشام التابعتين لمحافظة درعا"، مشيراً إلى أن "قوافل المهجرين من العائلات البدوية والعائلات المسيحية ما تزال تغادر مدينة السويداء باتجاه محافظة درعا".

وكان الوضع في السويداء قد حضر خلال لقاء جمع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ونظيره الأردني أيمن الصفدي في واشنطن الأربعاء، وخلاله أكّد روبيو ضرورة اعتماد الحوار سبيلاً لحل الأزمة في جنوب سورية وحماية جميع المدنيين. من جهته، شدّد الصفدي على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في محافظة السويداء، وإدخال المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين، وبسط سيادة الدولة السورية والقانون على جميع الأرض السورية.