استمع إلى الملخص
- شاركت 11 فصيلاً عراقياً في القتال بسوريا منذ 2012، واستحوذت أربعة منها على مناطق استراتيجية، مثل دير الزور والبوكمال، وتلقت دعماً مالياً من الحكومة العراقية.
- أشار الباحث عبد الله الركابي إلى أن القرار كان بتوجيه إيراني، محملاً المالكي مسؤولية دمار الجيش العراقي واحتلال داعش لمناطق عراقية في 2014.
كشف وزير العدل العراقي الأسبق، حسن الشمري، معلومة جديدة حول مشاركة المسلحين والفصائل العراقية القتال في سورية دعماً لنظام بشار الأسد تحت شعارات دينية، ليفتح التساؤلات بخصوص دور رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي في المشاركة في قمع الثورة السورية وارتكاب انتهاكات إنسانية بحق المدنيين هناك، ومسؤوليته عن مقتل آلاف المتطوعين العراقيين في الحرب التي شنها النظام على الشعب السوري.
وقال الشمري، في مقابلة متلفزة أخيراً مع محطة عراقية محلية، إنه "عندما امتدت الجماعات السورية في مناطق سورية، اتبع العراق عامي 2012 و2013 استراتيجية القتال خارج الحدود، وأغلب الدول تتبع هذه السياسة بما فيها الولايات المتحدة التي تنشر قواتها في قواعدها العسكرية في دول العالم"، موضحاً أنه "في عام 2013 عُرضت فكرة قتال الفصائل العراقية في مجلس الوزراء".
وأضاف الوزير العراقي الأسبق، أنه "تمت مناقشة الفكرة (قتال الفصائل العراقية)، وكان الموقف هو أن القوات الأمنية العراقية تعاني من هشاشة، بالتالي لا بد من التوجه لدعم التشكيلات التي قاتلت في سورية عبر الفصائل العراقية، وذلك لحماية أمن العراق من الخارج"، مستكملاً حديثه بأن خروج الفصائل العراقية وقتالها في سورية تمّا تحت غطاء حكومة المالكي الثانية". وزعم أنه "لا ضير في ذلك، إذا كان الهدف هو الدفاع عن العراق وسلامة بلادنا، والنتائج التي ظهرت عقب ذلك أثبتت صحة القرار العراقي في القتال بسورية".
حسن الشمري وزير العدل في حكومة المالكي الثانية : في ٢٠١٣ ارسلت الفصائل إلى سوريا بقرار من مجلس الوزراء في ذلك الوقت ..! pic.twitter.com/945EdkFg1C
— Hussam Alhaj (@HussamAlhaj4) February 3, 2025
وكان لنحو 11 فصيلاً عراقياً مسلحاً تمثيل عسكري في سورية منذ مطلع العام 2012، لكن قبيل انهيار نظام بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، انحسبت كل تلك الفصائل مصطحبة معها خيبة كبيرة وخسائر أكبر، بعدما كانت ذات نفوذ حظيت به بعد دعم قوات النظام السوري.
ومن بين الفصائل العراقية في سورية استحوذت أربعة منها على غالبية مناطق الانتشار المحددة لها في الشرق السوري المحاذي للعراق بمحافظة دير الزور وبلدة البوكمال ومحيط منطقة التنف، وعلى حدود المنطقة الشمالية المتاخمة لإدلب، وفي مناطق من البادية السورية، إلى جانب مقار لا نشاط عسكرياً لها حالياً في ضواحي دمشق وحلب. وكانت أبرزها "كتائب حزب الله"، التي كان يتخطى تعداد عناصرها عتبة 18 ألف مقاتل، بواقع أكثر من ضعف ما كانت عليه عام 2017، وحركة "النجباء" بزعامة أكرم الكعبي، وهي الأخرى مدرجة في لائحة الإرهاب الأميركي على غرار "كتائب حزب الله"، ويبلغ تعداد عناصرها نحو 10 آلاف مسلح، وتمتلك اللواء رقم 12 في "الحشد الشعبي". ويندرج المسلحون العاملون في سورية تحت هذا اللواء، من ناحية تسلم الرواتب الشهرية المدفوعة من الحكومة العراقية لـ"هيئة الحشد الشعبي".
وتُضاف إليها مليشيا "عصائب أهل الحق"، بزعامة قيس الخزعلي، ويبلغ إجمالي عناصرها نحو 16 ألف عنصر، وتمتلك ثلاثة ألوية في "الحشد الشعبي"، وكذلك حركة "أنصار الله الأوفياء"، بزعامة حيدر الغراوي، التي أدرجت أيضاً في قوائم المنظمات الإرهابية من قبل الخارجية الأميركية.
وكانت جماعات عراقية مسلحة أخرى تشارك في القتال مع النظام السوري السابق، وتُتهم بضلوعها في أنشطة تجارية من بينها التهريب على الحدود العراقية السورية، وأبرزها "كتائب الإمام علي"، بزعامة شبل الزيدي، تليها "كتائب سيد الشهداء" بزعامة أبو آلاء الولائي، و"حركة الأبدال" بزعامة جعفر الموسوي، وأجنحة مسلحة لـ"لواء الطفوف"، و"كفيل زينب"، و"سرايا الخراساني"، و"ذو الفقار".
ومع فرار بشار الأسد من سورية إلى روسيا في ديسمبر/كانون الأول الماضي، شددت هيئة الحشد الشعبي، المظلة الجامعة لأكثر من 70 فصيلاً مسلحاً في العراق، على عدم تدخلها في الشأن السوري، مؤكدة الالتزام بتوجيهات وقرارات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني. وقال رئيس الهيئة فالح الفياض، إن "سورية بلد عزيز وجار قريب، والعراق من حقه أن يتكلم في الشأن السوري، وإن رأي العراق لم يؤخذ بما جرى في سورية طيلة السنوات السابقة".
فاضل موّات، وهو عضو في ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه نوري المالكي، قال لـ"العربي الجديد"، إن "ما تحدث عنه وزير العدل الأسبق حسن الشمري يحتاج إلى معلومات أكثر، وعلينا أن نعرف هذه المعلومات من المالكي نفسه، لكن في الحقيقة وكما هو معروف فإن الفصائل العراقية تؤمن بالمقاومة، وهي تفكر وتخطط أحياناً خارج أطر التفكير الحكومي، وأحياناً تكون قراراتها منفردة ولا تعود بها لرئيس الحكومة". وقال في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "فصائل المقاومة مارست أدواراً كثيرة، والقتال في سورية كان هدفه الدفاع عن المراقد الدينية، ضمنها مقام السيدة زينب في ريف دمشق".
المالكي نفذ قراراً إيرانياً
بدوره، أشار الباحث في الشأن السياسي العراقي عبد الله الركابي، إلى أن "قرار قتال العراقيين والأفغان واللبنانيين في سورية لإخماد الثورة السورية، كان قراراً إيرانياً، حتى وإن جرت مناقشة دخول الفصائل العراقية إلى سورية في مجلس الوزراء العراقي، لكنها تندرج ضمن الأوامر الإيرانية"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "اعتراف الوزير الأسبق حسن الشمري يدل على أن الحكومة آنذاك كان تعرف انهيار المنظومة الأمنية والعسكرية العراقية قبل دخول داعش إلى العراق، وفي ذلك أسئلة كثيرة".
وأكمل الركابي: "يتضح أن المالكي هو المسؤول عن منح الكارت الأخضر للشباب العراقيين وقتالهم في سورية، وأنه المسؤول عن دمار الجيش العراقي، والمؤكد أنه المسؤول عن احتلال المناطق العراقية من قبل تنظيم داعش عام 2014"، مشيراً إلى أن "ما تحدث عنه الشمري لا بد ألا يمر مرور الكرام، بل لا بد من دفع العوائل التي خسرت أبناءها في القتال بسورية إلى أن ترفع الدعاوى القضائية ضد المالكي، لأنه المسؤول الأول عن مقتل واختفاء الكثير من الشباب العراقيين"، على حد تعبيره.