وزير خارجية بريطانيا يُقر بمقتل المئات من عمال الإغاثة في قطاع غزة وسط انتقادات بحقه

02 ابريل 2025   |  آخر تحديث: 19:06 (توقيت القدس)
وزير خارجية بريطانيا ديفيد لامي خلال مؤتمر صحافي في كوسوفو، 2 إبريل 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- وصف وزير خارجية بريطانيا، ديفيد لامي، قطاع غزة بأنه "أخطر مكان في العالم" على عمال الإغاثة، داعيًا إلى إنهاء التحقيق في غارة أودت بحياة موظفي "وورلد كيتشن"، ومؤكدًا دعم الحكومة البريطانية لعائلات الضحايا.
- جددت عائلة جيمس كيربي دعواتها لتحقيق مستقل في الهجوم، منتقدةً الحكومة البريطانية لرفضها الكشف عن المعلومات، وسط إدانة عالمية للغارات الإسرائيلية.
- اتهمت منظمة العفو الدولية إسرائيل بعرقلة التحقيقات، مشددةً على ضرورة تحقيق مستقل ونزيه، ودعت إلى منح مراقبين مستقلين إمكانية الوصول إلى غزة.

وصف وزير خارجية بريطانيا ديفيد لامي قطاع غزة بأنه "أخطر مكان في العالم" على عمال الإغاثة، وذلك بعد مرور عام على مقتل سبعة عاملين في المجال الإنساني في غارة جوية إسرائيلية استهدفت قافلتهم التي تحمل علامات واضحة في غزة، في الوقت الذي دعت فيه منظمة العفو الدولية اليوم للتحقيق بقتل إسرائيل عمال الإغاثة الفلسطينيين.

وفي كلمته أمام مجلس العموم بمناسبة مرور عام على الاستهداف لعمال المطبخ العالمي، قال لامي مساء يوم الثلاثاء إنه حثّ وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على إنهاء التحقيق في الغارة التي أودت بحياة موظفي المطبخ. كما أكد لعائلات الضحايا البريطانيين أن الحكومة البريطانية ستواصل دعم مطالبهم بالعدالة. وأقرّ لامي، خلال حديثه أن "أكثر من 400 عامل إغاثة" قتلوا منذ بدء ما سماه "الصراع" منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، واصفاً غزّة بأنها "أخطر مكان في العالم على عمال الإغاثة".

في المقابل، جددت عائلة جيمس كيربي، أحد القتلى البريطانيين، دعواتها لإجراء تحقيق مستقل في الهجوم، قائلةً إنها تشعر بتجاهل الحكومة البريطانية لها. كما انتقدت العائلة الحكومة البريطانية لرفضها الكشف عن المعلومات التي جُمعت حول الهجوم الذي شنته طائرة تجسس تابعة لسلاح الجو الملكي.

وصرّحت وزارة الدفاع البريطانية لصحيفة التايمز بأنها حصلت على لقطات من الطائرة المسيرة التي كانت تحلق فوق غزة في ذلك الوقت، لكنها رفضت الكشف عنها، مُشيرةً إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي والدفاع. ومن بين القتلى السبعة في منظمة "وورلد كيتشن" كان ثلاثة بريطانيين، وأسترالي، وبولندي، وفلسطيني يحمل الجنسيتين الأميركية والكندية، قتلوا بغارات إسرائيلية بطائرات مسيرة.

وأثارت هذه الغارات إدانة عالمية شديدة، ودعوات للمساءلة، حيث نفى كثيرون، بمن فيهم مؤسس "وورلد كيتشن"، خوسيه أندريس، ادعاء إسرائيل بأن الهجوم كان "خطأً في تحديد الهوية". وقالت السفارة الإسرائيلية بعد تحقيق زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي إجراءه إن الهجوم كان "فشلاً ذريعاً... نتيجة خطأ في تحديد الهوية، بالإضافة إلى أخطاء في اتخاذ القرار".

وفي حديثها لصحيفة التايمز بعد عام من الحادثة التي أدينت على نطاق واسع مع دعوات لوقف تصدير السلاح لإسرائيل، قالت عائلة كيربي إن التحقيق كان "تستراً"، منتقدةً مزاعم عدم وجود تسجيل صوتي من لقطات الطائرة المسيرة، ومعربةً عن إحباطها لعدم تلقيها أي اتصال أو تعازٍ من السلطات الإسرائيلية.

"العفو الدولية" تتهم إسرائيل بعرقلة التحقيقات

إلى جانب ذلك، أكدت منظمة العفو الدولية في بيان لها اليوم الأربعاء، ضرورة إجراء تحقيق مستقل ونزيه في ملابسات مقتل ما لا يقل عن 15 مسعفاً وعامل إنقاذ فلسطينياً، توجهوا إلى جنوب غزة للقيام بعملية إنقاذ في 21 مارس/ آذار الماضي، بعد أن أطلقت القوات الإسرائيلية النار على سياراتهم، مجددة دعواتها إلى منح مراقبين مستقلين إمكانية الوصول الفوري إلى قطاع غزة المحتل.

ومن بين القتلى ثمانية من العاملين الصحيين في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وموظف واحد في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وستة من أفراد الدفاع المدني الفلسطيني. ولا يزال مسعف آخر من الهلال الأحمر الفلسطيني في عداد المفقودين. 

وأشارت المنظمة الدولية ومقرها لندن، في بيان، إلى أن جهود التحقيق في الانتهاكات والجرائم بموجب القانون الدولي في غزة تتعرض للإعاقات الشديدة "بسبب الحصار الإسرائيلي الشامل لقطاع غزة، بما في ذلك رفضها السماح لمحققي حقوق الإنسان، بمن فيهم خبراء الطب الشرعي، بالوصول إلى المنطقة". 

وقالت إريكا جيفارا روزاس عن العفو الدولية: "إن استمرار إسرائيل في منع خبراء الطب الشرعي والمحققين المستقلين، بمن فيهم من المحكمة الجنائية الدولية ومنظمات حقوق الإنسان الدولية مثل منظمة العفو الدولية، من دخول غزة سيعزز الإفلات من العقاب ويشجع مرتكبي جرائم الحرب من جميع الأطراف". وتشير أبحاث منظمة العفو الدولية إلى أن إسرائيل مسؤولة عن جرائم حرب وإبادة جماعية في غزة. واعتبرت المنظمة استمرار إسرائيل في عرقلة التحقيقات في الجرائم الفظيعة على أنه "تحدٍّ للأوامر الملزمة قانونيًا الصادرة عن محكمة العدل الدولية". 

اتهامات للحكومة البريطانية بالتقصير

وفي سياق متصل، لفت وزير شؤون الشرق الأوسط هاميش فالكونر اليوم الأربعاء، أن المملكة المتحدة لا تدعم توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية، قائلًا: "استمرار القتال وإراقة المزيد من الدماء ليس في مصلحة أحد. يجب على جميع الأطراف، بما في ذلك إسرائيل، الالتزام بالقانون الإنساني الدولير"، لكنه رفض الدعوات الموجهة إلى المملكة المتحدة بتعليق جميع مبيعات الأسلحة لإسرائيل ردًا على خططها لتوسيع عملياتها العسكرية في غزة.

وقالت النائبة ليلى موران، عن الحزب الليبرالي الديمقراطي، خلال جلسة للبرلمان، إنه يمكن لحكومة المملكة المتحدة أن تمارس نفوذًا على الحكومة الإسرائيلية إذا "علقت جميع مبيعات الأسلحة للجيش الإسرائيلي". ورداً على ذلك، قال فالكونر إن القرار الذي اتُخذ في سبتمبر/أيلول الماضي بتعليق 30 ترخيصاً لتصدير الأسلحة البريطانية كان "قراراً مبدئياً"، مضيفاً أن هناك مبدأين يؤكدان موقف الحكومة، أحدهما يتعلق بالقلق إزاء انتهاكات القانون الدولي، والآخر يُقرّ بحاجة إسرائيل للدفاع عن نفسها ضد التهديدات لأمنها. بالمقابل دعت الزعيمة المشاركة في حزب الخضر النائبة كارلا دينير إلى أن تتبنى الحكومة البريطانية أن "ما يحصل في غزة هو إبادة جماعية"، فيما قال فالكونر إن ذلك من اختصاص المحاكم.

والشهر الماضي، صرّح ديفيد لامي أمام مجلس العموم بأن تصرفات الحكومة الإسرائيلية تُعدّ "خرقًا للقانون الدولي" بمنعها وصول المساعدات إلى غزة. ومع ذلك، نأى رئيس الوزراء كير ستارمر بنفسه عن ادعاء لامي بعد أقل من 24 ساعة، قائلاً إن أي مخالفة للقانون من اختصاص المحاكم الدولية.  واتُهم لامي بالتقصير في "الوفاء بوعوده" بعد غيابه عن الإجابة على استفسارات حول تطبيق العقوبات على إسرائيل في وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية أمس الثلاثاء، إذ اكتفى بقراءة بيانه ثم أرسل بدلًا منه وزيرًا مساعدًا إلى منصة الإدلاء بالبيان، فاتهمه ستيفن غيثينز، عضو الحزب الوطني الأسكتلندي، بالتهرب من الإجابة على السؤال. واعتبر غيثينز أن التقاعس المتعمد من جانب المملكة المتحدة سيبعث برسالة إلى إسرائيل مفادها أنها لن تواجه عقوبات رغم انتهاكها للقانون الدولي.

وقال النائب غيثينز "إن محاولات وزير الخارجية المحرجة اليوم للتهرب من سؤال بسيط حول العقوبات تُظهر أن ديفيد لامي مولع بخطابه الخاص، ولكنه في النهاية لا يأخذ وظيفته على محمل الجد". وأضاف أن اتخاذ إجراء فوري "يزداد أهمية" بعد انتهاك إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار الهش في غزة الشهر الماضي. وقال: "إن فرض عقوبات على إسرائيل الآن سيكون بمثابة رسالة مهمة مفادها أن من ينتهك اتفاقات وقف إطلاق النار سيواجه عواقب".

المساهمون