وزير خارجية باكستان لـ"العربي الجديد": "طالبان" لا تعارض حكومة شاملة

وزير خارجية باكستان لـ"العربي الجديد": "طالبان" لا تعارض من حيث المبدأ حكومة شاملة

21 سبتمبر 2021
وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي (Getty)
+ الخط -

قال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي، في تصريحات لـ"العربي الجديد" في نيويورك، إن "طالبان" لا تعارض من حيث المبدأ حكومة أفغانية شاملة، محذرا من إمكانية تدهور الأوضاع في أفغانستان، ووصفها بـ"السيولة"، و"قد تتطور في أي اتجاه سلبي إذا كان هناك سوء إدارة"، ما قد يؤدي إلى نزوح واسع النطاق، وأزمة إنسانية خطيرة أوسع مما تعيشه أفغانستان الآن، وفوضى.

وعبّر وزير الخارجية الباكستاني عن مخاوف بلاده، المجاورة لأفغانستان، من سيناريو من هذا القبيل، وتحدث عن "الثمن الباهظ الذي دفعته باكستان على المستوى الإنساني، بسقوط 80 ألف ضحية، والاقتصادي، حيث تكبدنا خسائر تفوق 150 مليار دولار، ونستضيف أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ في العقود الأربعة الأخيرة، من دون أي دعم دولي".

وجاءت تصريحات وزير الخارجية الباكستاني على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وأكد في الوقت ذاته أن "هناك فرصة حقيقية لتحقيق السلام والأمن إذا تمت إدارة الوضع في أفغانستان بشكل حكيم".

وأشار إلى أن بلاده ترى أن الأولوية القصوى حاليا هي تجنب تدهور الأوضاع الإنسانية. وأضاف: "ستعاني باكستان بشكل كبير إذا تدهورت الأوضاع الإنسانية في أفغانستان، حيث سنرى نزوح (لاجئين) بشكل واسع. وبصراحة، لا توجد لدينا مقدرات لاستيعاب عدد أكبر، حيث يوجد أكثر من ثلاثة ملايين أفغاني في باكستان. وإذا كانت هناك فوضى في أفغانستان، فإن منظمات إرهابية، كالقاعدة وغيرها، ستستغل ذلك، ونحن في المقدمة باعتبارنا جيراناً". 

قرشي: ستعاني باكستان بشكل كبير إذا تدهورت الأوضاع الإنسانية في أفغانستان، حيث سنرى نزوح (لاجئين) بشكل واسع. وبصراحة لا توجد لدينا مقدرات لاستيعاب عدد أكبر، حيث يوجد أكثر من ثلاثة ملايين أفغاني في باكستان

وأشار إلى أن بلاده قدمت كل المتوقع منها في ما يخص عمليات الإجلاء (للأميركان والأجانب والأفغان بعد استيلاء "طالبان" على الحكم) عن طريق البر والجو. وأضاف: "الآن التحدي التالي هو الوضع الإنساني. وتجميد الأصول الأفغانية (في بنوك الولايات المتحدة والدول الغربية) لا يساعد على مواجهته. من ناحية، يتم تجنيد الأموال (مساعدات) لتجنب تدهور الأوضاع، ولكن في الوقت ذاته يتم تجميد الأموال الأفغانية، ولا يمكنهم الوصول إلى أموالهم. وتجب معالجة ذلك". وحذّر من انهيار اقتصادي في أفغانستان، وقال إن بلاده ستعاني من تبعات ذلك بشكل فوري.

وعبّر عن أمله أن تحتوي الحكومة الأفغانية جميع أطياف الشعب الأفغاني، وقال إن قادة "طالبان" لم يعارضوا الفكرة من الناحية المبدئية، مؤكدا أنه "لا يمكن فرض أي تمثيلات (خارجية) في الحكومة عليهم، ولكن من الضروري أن تكون هناك حكومة مصالحة".

وحول تصريحات رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان بأنه يتوسط من أجل انخراط "طالبان" في حكومة جامعة، قال قريشي: "ما قاله رئيس الوزراء إنه من أجل التوصل للسلام والاستقرار في أفغانستان، نقترح أن تكون هناك حكومة تشمل جميع الأفغان".

وحول الاعتراف بحكم "طالبان"، أكد وزير الخارجية الباكستاني أن بلاده تنظر إلى تطور الأحداث على الأرض. ثم أضاف: "لا أعتقد أن هناك أحداً في عجلة للاعتراف بـ"طالبان". على "طالبان" أن يفهموا أنه إذا أرادوا اعترافا دوليا والحصول على مساعدات، وهم برأيي يريدون ذلك، فعليهم أن يكونوا أكثر حساسية وتقبلا للآراء الدولية والملاحظات".

ولفت الانتباه إلى أن أفغانستان ستكون "الموضوع الساخن" خلال اجتماعات الجمعية العامة رفيعة المستوى في نيويورك، خاصة أن للتطورات فيها تبعات ليس على المنطقة فحسب، بل دوليا كذلك.

وأشار في هذا السياق: "لقد كان العالم مذهولا لما آلت إليه الأمور. والانطباع عند الكثير من الدول كان أن تقدما كبيرا حدث في أفغانستان". وأضاف: "عندما كنا نقول لأصدقائنا إن الحكومات التي يدعمونها، في الكثير من الأحيان، لم تعد تحظى بدعم شعبي، لم يستمعوا إلينا. ولم نكن ندافع عن أي أحد ولسنا متحدثين باسم (طالبان)... ولكن ما لاحظناه كجيران هو وجود توترات داخلية، وفساد، وسوء إدارة".

 ثم أضاف: "عندما تم اتخاذ القرار بالانسحاب واستوعب الناس أنهم سيغادرون (القوات الأجنبية)… بدأت القوات الأمنية الأفغانية بالتواري عن الأنظار. وهذه قوات مدربة ومعدة بأحسن الأسلحة الممولة بأموال غربية. أين ذهب 300 ألف جندي؟ لماذا لم يقاوموا؟ لأنهم فقدوا إيمانهم بالقيادة التي كانت تحكم أفغانستان".

وأضاف: "الناس في أفغانستان منهكون ويريدون سلاما واستقرارا، وأي شخص أو حكومة يمكنها أن تحقق ذلك سيبحثون عنها. ومن دون شك، فإن الحقوق مهمة لنا جميعا، ولأي مجتمع متحضر، ولكن الأولويات الأساسية هي النجاة والسلام والأمن".

وأكد الوزير الباكستاني ضرورة أن يتعامل المجتمع الدولي مع "طالبان" لأنهم من يحكمون البلاد فعليا ويسيطرون عليها. وأضاف: "اليوم لا توجد حرب أهلية في أفغانستان، والآخرون هربوا... هذه أموال أفغانية ويجب صرفها على الشعب الأفغاني، وأعتقد أن استمرار تجميدها لن يساعد. وأحثهم (الدول الغربية) على إعادة النظر في هذه السياسات. وأعتقد أنه من الضروري وضع معايير لبناء الثقة، لأن ذلك سيساعد، ومن الممكن أن يؤدي إلى تحفيز تصرفات إيجابية (من قبل "طالبان")".