وصل وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي يائير لبيد، اليوم الأربعاء، إلى الرباط، في أول زيارة رسمية منذ استئناف العلاقات بين إسرائيل والمغرب، وفق ما أعلنت خارجية الاحتلال عبر "تويتر".
وأفاد موقع "معاريف" الإسرائيلي، في وقت سابق صباح اليوم، بأنّ لبيد غادر متوجهاً إلى المغرب، في أول زيارة رسمية علنية لوزير خارجية إسرائيلي منذ عام 2003، ومن المقرّر أن يشارك غداً الخميس في افتتاح ممثلية رسمية لإسرائيل في المملكة، وأن يلتقي نظيره المغربي ناصر بوريطة اليوم الأربعاء.
ويرافق لبيد في زيارته كلّ من وزير الرفاه الاجتماعي مئير كوهين (من أصول مغربية) ورئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، ونائب رئيس الموساد سابقاً رام بن براك، والمدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية ألون أشبيز.
ووصف لبيد زيارته إلى المغرب بأنها "حدث تاريخي"، موجّهاً الشكر إلى العاهل المغربي محمد السادس على "القيادة التي أبداها في الدفع لتنظيم الزيارة واستئناف العلاقات. هذه الزيارة هي نقطة بداية لاتفاقيات سياحة وتجارة وتعاون اقتصادي وسياسي شامل" بين الطرفين.
وكانت صحف إسرائيلية قد أبرزت، أمس على خلفية هذه الزيارة، إبرام اتفاقية التعاون السيبراني يين الدولتين في شهر يوليو/ تموز الماضي.
وحظي لبيد والوفد المرافق باستقبال من طرف الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية محسن الجزولي، والمدير العام لوزارة الخارجية، فؤاد يزوغ.
ومن المقرَّر أن يدشن وزير خارجية إسرائيل زيارته إلى الرباط بإجراء مباحثات مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، بعد ظهر اليوم، ستنصب بدرجة أولى على سبل تعميق التعاون وتعزيز العلاقات بين البلدين، وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة، في حين ينتظر أن يتم يوم غد الخميس الافتتاح الرسمي لمكتب الاتصال الإسرائيلي بالعاصمة المغربية الرباط، بعد 20 سنة عن إغلاقه على خلفية تداعيات الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
ويرتقب أن يتم خلال زيارة وزير خارجية إسرائيل إلى المغرب التوقيع على 3 اتفاقيات لتعميق التعاون وتعزيز العلاقات بين البلدين، في حين يُنتظر أن تعرف الزيارة التي تأتي بعد 18 سنة على آخر زيارة لوزير خارجية إسرائيلي إلى المملكة المغربية عقد اجتماعات بين مسؤولين مغاربة وأعضاء في الوفد الإسرائيلي.
وبحسب مصادر حكومية مغربية، فإن برنامج الزيارة يتضمن عقد مباحثات بين مسؤولين إسرائيليين ووزيرة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي المغربية، ومسؤولين بوزارة الصحة المغربية، للتباحث بشأن مواجهة تداعيات فيروس كورونا. في حين تأكد أن الاجتماع الذي كان يفترض أن يجمع بين وزير الشغل، محمد أمكراز، المنتمي إلى حزب "العدالة والتنمية"، قائد الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب، ووزير الرفاه والخدمات الاجتماعية الإسرائيلي، سيقوده الكاتب العام للوزارة، بعد اعتذار الوزير عن الاجتماع بدعوى أنه في عطلة، في حين ربط مراقبون الاعتذار بتفادي الإحراج وبالموقف الذي عبر عنه رئيس الحكومة سعد الدين العثماني الذي كان قد كشف لـ"التلفزيون العربي" عن أنه لن يلتقي لبيد، وأن لقاءه معه "غير مبرمج".
وكان لبيد قد استبق زيارته إلى الرباط بوصفها بـ"التاريخية"، وبأنها "تترجم ما وصفه بالصداقة القديمة، والعلاقات القوية للجالية اليهودية في المغرب، والجالية الإسرائيلية، التي لها جذور من المغرب".
وقال لبيد، في تغريدة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" إن "الوقت حان لتفعيل العلاقات السياسية، والاقتصادية، وسنستمر في العمل على البحث عن اتفاقيات تساهم في تطوير بلداننا".
وتأتي الزيارة بعد أسابيع على إطلاق أول خط للربط الجوي المباشر بين البلدين، فيما ينتظر أن يتم تعزيزه بخطين آخرين بين إسرائيل ومدينتي الدار البيضاء ومراكش، سيتم تشغيلهما على التوالي من قبل شركة الخطوط الملكية المغربية، وشركة العربية للطيران منخفضة التكلفة، في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وفق ما أعلن، الأحد الماضي، مدير مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط دافيد غوفرين عبر حسابه على "تويتر".
غضب في صفوف مناهضي التطبيع
إلى ذلك، أثارت زيارة رئيس الدبلوماسية الإسرائيلية إلى الرباط غضب مناهضي التطبيع في المملكة، حيث اعتبر رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع مع إسرائيل، أحمد ويحمان، الزيارة "سقطة أخرى من السقطات التي ميّزت الديبلوماسية المغربية تحت إشراف الوزير ناصر بوريطة، منذ إعلانه في لقائه مع منظمة "إيباك" بأنه سيذهب بالعلاقات مع الكيان الصهيوني إلى أبعد الحدود، وهو ما يخالف موقف الشعب المغربي قاطبة، الذي عبّر عنه مراراً في مسيرات مليونية في العاصمة المغربية وفي مدن أخرى، بأن فلسطين أمانة والتطبيع خيانة".
وقال ويحمان، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "محاولة فرض التطبيع على الشعب المغربي أمر خطير جداً، قد يؤدي إلى حدوث شرخ بين الدولة والشعب، وفي حال استمراره، لا قدّر الله، سترشح عنه عواقب وخيمة جراء الانقلاب على الثوابت الوطنية والإجماع الوطني، وهو الانقلاب الذي يقوده الوزير بوريطة وثلة من السفراء، في وقت تشير الوقائع التاريخية إلى أنه كلما حل التطبيع في منطقة تبعته مصائب".
وتابع: "الزيارة المشؤومة تأتي وجنود وشرطة الكيان الصهيوني يدخلون من باب المغاربة المحتل ليدنسوا في طقس يومي بأحذيتهم القذرة مقصورات مسرى رسول المغاربة ويعتدوا ويهينوا المصلين والمتعبدات اللواتي يجرهن من أرجلهن البوليس وقطعان المستوطنين. هل معنى هذا أن هؤلاء المسؤولين لا تعني لهم مقدسات المغاربة وكرامة المسلمين شيئاً؟! إننا أمام مسخ غير مسبوق ينذر بالكارثة القادمة لا محالة حفظ الله بلادنا من هولها".
من جهتها، وصفت السكرتارية الوطنية لمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين الزيارة بأنها "مشؤومة" و"مرفوضة وتعد إساءة في حق المغرب والمغاربة وطعناً في حق فلسطين وشعبها الصامد".
واعتبرت، في بيان وصلت إلى "العربي الجديد" نسخة منه، أن "أي ربط لقضيتنا الوطنية، الصحراء المغربية، بكيان الاحتلال الصهيوني العنصري يُعدّ إساءة لها ولتضحيات المغاربة لتحريرها وتنميتها وإهانة لشهداء الجيش المغربي في الصحراء وفي مختلف الجبهات مع العدو الصهيوني، وعلى رأسهم الشهيد العقيد عبد القادر"، مشيرة إلى أنه "لا يمكن لأي لغو، أيّاً كان، أن ينطلي على المغاربة الذين اعتبروا دوماً قضية فلسطين ومسرى رسولهم قضية وطنية مثلها مثل الصحراء تماماً".
وكان المغرب وإسرائيل قد رسما، من خلال "الإعلان المشترك" الذي تمّ التوقيع عليه في 22 ديسمبر/ كانون الأول الماضي في الرباط، مسار التطبيع المعلن بينهما في العاشر من الشهر ذاته، من خلال الاتفاق على "مواصلة التعاون في مجالات عدة"، و"إعادة فتح مكتبي الاتصال في الرباط وتل أبيب"، و"الاستئناف الفوري للاتصالات الرسمية الكاملة"، و"إقامة علاقات أخوية ودبلوماسية كاملة".
وتضمن الإعلان الثلاثي ثلاثة محاور، أولها الترخيص للرحلات الجوية المباشرة بين البلدين، مع فتح حقوق استعمال المجال الجوي، وثانيها الاستئناف الفوري للاتصالات الرسمية الكاملة بين مسؤولي البلدين و"إقامة علاقات أخوية ودبلوماسية كاملة"، وثالثها "تشجيع تعاون اقتصادي ديناميكي وخلّاق، ومواصلة العمل في مجال التجارة والمالية والاستثمار وغيرها من القطاعات الأخرى"، مع التوقيع على أربع اتفاقيات بين المغرب وإسرائيل تهمّ الطيران المدني وتدبير المياه والتأشيرات الدبلوماسية وتشجيع الاستثمار والتجارة بين البلدين.
وعلى الرغم من التوقيع على إعلان استئناف البلدين العلاقات، إلا أن مراقبين يسجلون أن الرباط تسير ببطء في العلاقات مع إسرائيل، إذ إلى حدّ الساعة لم تعلن عن علاقات دبلوماسية كاملة، مكتفية بفتح مكاتب اتصال في البلدين.
وفي 16 يونيو/ حزيران الماضي، استقبل المغرب وفداً رفيع المستوى لقيادة حركة "حماس"، ترأسه رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، في خطوة اعتبرها المراقبون إشارة من أعلى سلطة في البلاد على أن استئناف العلاقات مع تل أبيب لن يكون على حساب القضية الفلسطينية، وأنه حالة معزولة عن اتفاقيات إبراهام.