وزير الدفاع الأميركي يترنّح بعد فضيحة تسريب خطط حربية سرية لمهاجمة الحوثيين عبر سيغنال

25 مارس 2025
وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث في واشنطن، 14 يناير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تسريب معلومات حساسة حول خطط حربية للهجوم على الحوثيين أثار جدلاً في واشنطن بعد إضافة جيفري غولدنبرغ عن طريق الخطأ إلى مجموعة مراسلة على سيغنال، مما أدى إلى كشف تفاصيل المحادثة وإنكار وزير الدفاع حدوث التسريب.
- ردود فعل سياسية قوية ودعوات للتحقيق، حيث طالب بعض الديمقراطيين باستقالة مسؤولين، وأكد الجمهوريون على ضرورة إحاطات سرية لتحديد مدى الحاجة لتحقيق أوسع.
- مخاوف قانونية وأمنية من استخدام سيغنال لمشاركة معلومات حساسة، حيث اعتبره مسؤولون سابقون انتهاكاً لقانون التجسس، مشيرين إلى ضرورة استخدام وسائل اتصال آمنة.

تواصلت ردات الفعل في واشنطن حول تسريب مسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترامب معلومات حسّاسة حول خطط حربية سرية للهجوم على الحوثيين وموعده، لرئيس تحرير مجلة ذا أتلانتك جيفري غولدنبرغ عن طريق الخطأ، وذلك بإضافته إلى مجموعة مراسلة على تطبيق سيغنال لمناقشة الهجوم.

وفي أول تعليق لوزير الدفاع الأميركي بيتر هيغسيث للصحافيين خارج طائرة في هاواي أنكر حدوث تسريب، وذلك بعد ساعات من اعتراف البيت الأبيض بالواقعة، وقال "لم يرسل أحد خطط حرب عبر الرسائل النصية، هذا كل ما لديّ لأقوله عن هذا الأمر". وهاجم هيغسيث، غولدنبرغ، ووصفه بأنه "صحافي مخادع وفاقد المصداقية، امتهن نشر الأكاذيب مراراً وتكراراً". وأشار إلى أنه نشر قصصاً سلبية ضد الرئيس ترامب في فترات سابقة حول التدخل الروسي في الانتخابات وأن ترامب وصف المحاربين القدامى بأنهم "حمقى وفاشلون". وأشاد وزير الدفاع بالغارات الجوية التي تشنها إدارته على الحوثيين. جاءت هذه التعليقات بعد ساعات من تأكيد مجلس الأمن القومي أن الرسالة التي كشف عنها بالخطأ لرئيس تحرير المجلة "تبدو أصلية".

وكان رئيس تحرير "ذا أتلانتك" قد نشر مادةً مفصّلةً يوم الاثنين، كشف فيها تفاصيل تجربة إضافته إلى دردشة جماعية تضمّ مسؤولين رفيعي المستوى في إدارة ترامب، من بينهم نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، ووزير الدفاع بيت هيغسيث ومستشار الأمن القومي مايكل والتز، لمناقشة خطط الإدارة للهجوم على الحوثيين في اليمن. وقال الصحافي "إذا كان العالم قد "عرف قبيل الساعة 2 ظهراً بتوقيت العاصمة واشنطن في 15 مارس/ آذار أن الولايات المتحدة تقصف أهدافاً للحوثيين في اليمن، فقد كنت أعلم قبل ساعتين من انفجار القنابل باحتمالية وقوع الهجوم"، وأن السبب في معرفته بذلك هو أن "وزير الدفاع بيت هيغسيث أرسل إليّ رسالة نصية تتضمّن خطة الحرب الساعة 11:44 صباحاً، والتي تضمّنت معلومات دقيقة عن حزم الأسلحة والتوقيت والأهداف"، مضيفاً أنه أثناء كتابته مادته الصحافية "لم ينشر رسائل وزير الدفاع التي تتضمن تفاصيل عملياتية للضربات القادمة على اليمن، بما في ذلك معلومات حول الأهداف والأسلحة وتسلسل الهجمات".

ومن جانبه، ردّ الصحافي، في تصريحات تليفزيونية على شبكة "إم إس إن بي سي" نيوز، على تعليق وزير الدفاع الأميركي، قائلاً "يبدو أنه لم يرَ هذا السلوك غير المسؤول من قبل.. ووزير الدفاع يحاول التغاضي عن حقيقة أنه شارك في محادثة على تطبيق لم يكن يجب أن يشارك فيها على الإطلاق، وهذه كذبة، فقد كان يرسل رسائل نصية لخطة الحرب وخطة الهجوم وما هي الأهداف وكيف سيتم استهدافهم وما هو التسلسل التالي من الهجمات، ولم أنشر هذا لأنني شعرت بأنه سري للغاية".

رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ: إحاطات سرية حول الأمر

من جانبه، علّق السيناتور الجمهوري روجر ويكر؛ رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، على مشاركة المعلومات الحساسة على مجموعة سيغنال، قائلاً "إنه بالتأكيد مصدر قلق، ويبدو أنه جرى ارتكاب أخطاء"، مضيفاً أنه "من المرجّح أن تكون هناك إحاطات سرية حول هذا الأمر"، في حين قال زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ جون ثون "بدأنا في معرفة ما حدث ويجب أن نتابعه".

أما النائب الجمهوري برايان فيتزباتريك؛ عضو لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، فقال لشبكة سي أن أن إن لجنته ستُحدّد لاحقاً ما إذا كان الأمر يستدعي إجراء تحقيق أشمل، بعد إحالتها طلباً للتحقيق إلى مكتب مدير الاستخبارات الوطنية، بينما تحاشى رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون توجيه انتقادات في ما يخصّ هذه الحادثة، ورفض في تصريحات للصحافيين بالكونغرس فكرةَ إجراء تحقيقات إضافية أو طلب معاقبة مسؤولين، وقال: "ما رأيته رغم ذلك، أنّ كبار المسؤولين يقومون بعملهم بشكل جيد وينفذون الخطة بدقة"، مضيفاً أنه "قيل لي إنهم يجرون تحقيقاً لمعرفة كيف أُضيف هذا الرقم إلى المجموعة، ولست متأكداً، الأمر يتطلّب اهتماماً إضافياً".

ديمقراطيون يدعون لاستقالة وزير الدفاع ومسؤولي الأمن القومي

وجّه الديمقراطيون انتقادات حادة إلى إدارة ترامب، ودعا بعضهم لاستقالة وزير الدفاع. وقال عضو مجلس النواب آدم شيف ورئيس لجنة الاستخبارات السابق إن أكثر ما أثار قلقه هو وجود مديري الاستخبارات الوطنية (دي إن آي) والاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، "ولم يقل أي منهما هل يجب أن نتحدث عن هذا هنا على سيغنال"، معتبراً أن ذلك يظهر مستوى من "عدم الكفاءة" و"الغطرسة".

السيناتور الديمقراطي البارز في لجنة القوات المسلحة جاك ريد وصف تبادل المعلومات عن الهجوم عبر تطبيق سيغنال بأنه "يمثل أحد أكبر الإخفاقات الأمنية"، مضيفاً أنه يجب "التعامل مع العمليات العسكرية بأقصى درجات السرية والدقة، باستخدام خطوط اتصال آمنة معتمدة، لأن أرواح الأميركيين في خطر". فيما علّق وزير النقل الأميركي خلال فترة الرئيس جو بايدن، في تصريحات لـ"سي أن أن" أنه يجب طرد المسؤولين عن ذلك، وأن هذا الخطأ "من المفترض أن يقود إلى السجن"، داعياً إلى مساءلة مسؤولي إدارة ترامب. وقال إن "حياة القوات الأميركية والأميركيين تعتمد على الأشخاص المسؤولين الذين يأخذون مهام وظائفهم على محمل الجد، إلا أنّ المسؤولين في الإدارة الحالية يُظهرون عكس ذلك".

ودعا عضو مجلس النواب الديمقراطي إيريك سوالويل لاستقالة وزير الدفاع وجميع مسؤولي إدارة ترامب الذين كانوا في المحادثة، وقال "هل لا يزال هيغسيث وزيراً للدفاع؟ هذا الأحمق يرسل خططنا الحربية ويعرّض جنودنا للخطر. كل شخص في تلك الدردشة يجب أن يُطرد.. إنهم يرسلون الرسائل ولا يعرفون من معهم"، داعياً طردهم وسحب تصاريحهم الأمنية.

تسريب يمثل "اختراقاً للأمن القومي"

طبقاً لصحيفة نيويورك تايمز، فقد وصف مسؤولون سابقون في مكتب التحقيقات الفيدرالي، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، الأمر بأنه "اختراق مدمّر للأمن القومي". وقال مسؤولون في وزارة الدفاع إن إجراء هذا النوع من المحادثات في مجموعة دردشة سيغنال يشكّل بحد ذاته انتهاكاً لقانون التجسس الذي ينظّم التعامل مع المعلومات الحسّاسة. فيما أفادت مجلة ذا أتلانتك أن مستشار الأمن القومي مايكل والتز ربما يكون قد انتهك بنوداً عديدة من قانون التجسس الذي يحكم آلية التعامل مع المعلومات التي تمسّ الأمن القومي، وذلك طبقاً لما قاله عددٌ من محامي الأمن القومي لمحرّر المجلة، والذين أكدوا أنه لا ينبغي لمسؤول أميركي إرسال رسائل تتضمّن معلومات سرية على تطبيق سيغنال من الأساس، وأن تطبيق سيغنال غير معتمد من الحكومة لمشاركة المعلومات السرية، وأن الحكومة لديها أنظمتها الخاصة لهذا الغرض. وأضاف المحامون أنه إذا أراد المسؤولون مناقشة النشاط العسكري فعليهم استخدام الوسيلة الآمنة المخصصة المعروفة باسم "منشأة المعلومات الحساسة SCIF"، إذ يمتلك معظم مسؤولي  الأمن القومي واحدة في منازلهم، أو التواصل عبر معدات حكومية معتمدة فقط، وأشار المحامون إلى أن الأمر سيكون أسوأ حال استخدام الهواتف المحمولة الشخصية لا المعدات الحكومية المعتمدة.

وكشفت المجلة عن أن والتز ضبط إعدادات الرسائل لتُحذف تلقائياً بعد أسبوع واحد، وبعض منها بعد أربعة أيام، بما قد يشكّل انتهاكاً لقانون السجلات الفيدرالية الذي ينصّ على أن تعتبر الرسائل النصية المتعلقة بالأعمال الرسمية سجلّات يجب حفظها. وعلّق الأستاذ بجامعة ماريلاند والمدير السابق للتقاضي في الإدارة الوطنية للأرشيف والسجلات جيسون بارون للمجلة بأنه "بموجب قوانين السجلات المطبقة على البيت الأبيض والهيئات الفيدرالية، يُحظر على جميع موظفي الحكومة استخدام تطبيقات المراسلة الإلكترونية، مثل سيغنال، في الأعمال الرسمية ما لم يُعد توجيه هذه الرسائل أو نسخها إلى حساب حكومي رسمي فوراً".

وقال رئيس تحرير ذا أتلانتك "كان والتز ومسؤولون آخرون على مستوى مجلس الوزراء ينتهكون بالفعل القانون وسياسة الحكومة حول عملية الهجوم على الحوثيين، ولكن عندما أضاف مستشار الأمن القومي صحافياً، ربما عن طريق الخطأ، إلى المجموعة، فقد أثار ذلك مشاكل قانونية وأمنية جديدة، وأصبحت هذه المجموعة تنقل معلومات إلى شخص غير مصرّح له باستلامها، وهذا هو التعريف التقليدي للتسريب حتى لو كان غير مقصود".