وزيرة فلسطينية رداً على موقف الدنمارك: الاعتراف ليس رمزياً

21 اغسطس 2025   |  آخر تحديث: 22 أغسطس 2025 - 09:12 (توقيت القدس)
وزيرة الخارجية الفلسطينية فارسين أغابيكيان شاهين، 27 مايو 2025 (كارين ميناسيان/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تصر الحكومة الدنماركية على أن الاعتراف بدولة فلسطين يظل "رمزياً"، مما يثير رفضاً فلسطينياً، حيث تؤكد وزيرة الخارجية الفلسطينية على الأبعاد السياسية والاستراتيجية للاعتراف الدولي.
- رغم اعتراف 149 دولة بفلسطين، تبرر الدنمارك موقفها باستمرار النشاط الاستيطاني الإسرائيلي، بينما ترى الوزيرة الفلسطينية أن الاعتراف يعزز موقع السلطة الفلسطينية دولياً.
- تعترف النرويج بفلسطين، مما يضغط على إسرائيل، وتواجه الحكومة الدنماركية ضغوطاً متزايدة لإعادة النظر في موقفها، مع توقعات بفعاليات شعبية تطالب باعتراف رسمي.

في وقتٍ تتجه فيه عدة دول أوروبية إلى الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، تُصرّ الحكومة الدنماركية على أنّ هذه الخطوة تظل "رمزية" في الوقت الراهن. إلا أنّ موقف الدنمارك يلقى رفضاً قاطعاً من الجانب الفلسطيني الذي يؤكّد أن الاعتراف الدولي يحمل أبعاداً سياسية واستراتيجية لا يمكن تجاهلها. وشددت وزيرة الخارجية الفلسطينية فارسن أغابيكيان شاهين، اليوم الخميس، في مقابلة مع هيئة البث العام الدنماركية "دي آر"، على أنه اعتراف مهم وليس رمزياً بالنسبة إلى الفلسطينيين.

وكان وزير الخارجية الدنماركي، لارس لوكه راسموسن، قد صرّح أخيراً بأنّ الاعتراف بفلسطين "لن يغيّر الحرب قيد أنملة"، مضيفاً أنّ بلاده تدعم حل الدولتين، لكنها ترى أنّ الاعتراف في هذا التوقيت لن يغيّر شيئاً على أرض الواقع. ورداً على ذلك، قالت أغابيكيان شاهين إنّ الاعتراف ليس رمزياً على الإطلاق، بل يمثل "إشارة سياسية حاسمة لبقية العالم"، وأضافت: "هذا الاعتراف يُرسل رسالة واضحة للإسرائيليين بأن وهم الاحتلال الدائم للأراضي الفلسطينية غير قابل للاستمرار". كذلك انتقدت الوزيرة الفلسطينية الموقف الدنماركي، واصفة إياه بأنه يفتقر إلى الفعالية السياسية المطلوبة في هذا التوقيت الحاسم.

تزايد الاعترافات الدولية... رمزي أم واقعية سياسية؟

وتتمسّك الدنمارك بموقفها رغم ما تشهده الساحة الدولية من تحركات ملموسة تجاه الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وبحسب آخر المعطيات، اعترفت 149 دولة بفلسطين دولةً مستقلة، ومن المتوقع أن تعلن كل من فرنسا وبريطانيا وكندا اعترافها الرسمي في سبتمبر/ أيلول المقبل، خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وربطت بعض هذه الدول اعترافها بشروط معينة؛ إذ أشارت بريطانيا إلى أنها ستمضي بالاعتراف إلا في حال اتخاذ إسرائيل ما وصفته بـ"الخطوات الحاسمة" لإنهاء الأزمة الإنسانية والسياسية في غزة، بينما اشترطت كندا إجراء إصلاحات سياسية في السلطة الفلسطينية.

وترى الحكومة الدنماركية أن الاعتراف في هذه المرحلة لن يُفضي إلى تغيير جوهري، مستشهدة باستمرار النشاط الاستيطاني الإسرائيلي رغم اعترافات دولية سابقة. وكرّرت رئيسة الوزراء الدنماركية، ميتا فريدريكسن، الرسالة ذاتها، وأشارت إلى أن الاعتراف "لن يُساعد آلاف الأطفال في غزة على البقاء، مهما تمنى المرء ذلك". لكن الوزيرة الفلسطينية ردت بالقول إنّ الاعتراف الآن هو بالضبط ما يُبقي فكرة حل الدولتين حيّة، في وقتٍ يعتبره كثيرون الأكثر قتامة منذ سنوات، وأضافت: "الاعتراف يُعزز موقع السلطة الفلسطينية دولياً، ويُقرّبنا من عضوية كاملة في الأمم المتحدة، بعد أن بقينا منذ 2012 بصفة مراقب".

الموقف النرويجي

أحد أبرز الأمثلة على التحوّل في شمال أوروبا، موقف النرويج، التي غيّرت موقفها واعترفت بفلسطين مع إسبانيا وأيرلندا. وقال وزير الخارجية النرويجي، إسبن بارث إيدي، إنّ بلاده انتقلت من انتظار المفاوضات إلى اتخاذ خطوة تعزز فرص استئنافها، مضيفاً: "ما نراه الآن غياب تام لأي مفاوضات. لذلك قررنا أن نُقدِم على الاعتراف لنُساهم في إطلاق العملية السياسية، وليس نتيجة لها".

وأكد إيدي أنّ الاعتراف لا يُنتج دولة من العدم، لكنه يخلق "موجة سياسية" تُمارس ضغطاً متصاعداً على إسرائيل. وقبل أيام قليلة وجه إيدي انتقادات للموقف الدنماركي المتردد، إذ للمفارقة يُعد الحزب الحاكم في كوبنهاغن من المعسكر نفسه ليسار الوسط الاجتماعي الديمقراطي الذي يحكم في أوسلو، ممثلاً بحزب العمال.

إسرائيل تردّ بخطط استيطانية

وفي ردّ مباشر على موجة الاعترافات الدولية، كشف وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، عن خطة لبناء أكثر من 3 آلاف و400 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين، في محاولة واضحة لـ"دفن فكرة الدولة الفلسطينية"، كما وصفها بنفسه. وتصاعدت التوترات الدبلوماسية بين الاحتلال ودول عدة، حيث أغلقت إسرائيل مكتب التمثيل النرويجي في الأراضي الفلسطينية، وطردت عدداً من الدبلوماسيين الأجانب، بمن فيهم دبلوماسيون من أستراليا.

ودخلت رئيسة الحكومة الدنماركية في ملاسنة إعلامية مع ساسة الاحتلال، رافضة الاتهامات التي وُجهت إليها بعد انتقادها لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث قالت إنّ "إسرائيل كان سيكون وضعها أفضل من دونه"، ورفضت خطط الاستيطان وخطة اجتياح مدينة غزة واحتلالها. وشددت فريدركسن، اليوم الخميس، على أنّ "إسرائيل ليست في وضع يسمح لها بالتعبير عن الامتعاض". وكانت قد وجهت في النشرة الرئيسية للتلفزيون الدنماركي، مساء أمس الأربعاء، انتقادات غير مسبوقة لتل أبيب، ردّ عليها بعض ساسة دولة الاحتلال ومواقع إخبارية عبرية عبر سيل من الانتقادات.

ضغوط على حكومة الدنمارك

من جهتها، رأت وزيرة الخارجية الفلسطينية أنه رغم استمرار الاحتلال الإسرائيلي وتزايد الاستيطان، فإن الاعتراف الدولي لا يزال إحدى أقوى الأدوات السياسية المتاحة في ظل انسداد الأفق السياسي. وشددت الوزيرة على أنه "لا يمكننا أن نستسلم فقط، لأن التغيير لم يحدث بعد. الاعترافات المتتالية تخلق زخماً حقيقياً وتزيد الضغط على إسرائيل لاحترام القانون الدولي".

وفيما تتهيأ الجمعية العامة للأمم المتحدة لاستقبال قرارات اعتراف جديدة بدولة فلسطين خلال سبتمبر المقبل، تبقى الأنظار موجهة نحو الدنمارك التي تواجه ضغوطاً متزايدة لإعادة النظر في موقفها، الذي تصفه فلسطين بأنه "اعتراف ضروري، لا رمزي". وتتعرض حكومة فريدريكسن لضغط متصاعد من قِبل أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني وقطاعات من الرأي العام.

ومن المتوقع أن تشهد نهاية الأسبوع المقبل سلسلة من الفعاليات والاحتجاجات الشعبية، من أبرزها تظاهرة حاشدة أمام البرلمان الدنماركي، يوم الأحد المقبل، تهدف إلى توجيه رسالة واضحة تطالب الحكومة بالتحرك نحو اعتراف رسمي بدولة فلسطين، وتبنّي سياسة خارجية أكثر وضوحاً وأقل تردداً في هذا الملف.