وحشية الاحتلال ضد أسرى غزة: إجبار على شرب الخمر ودفعٌ للانتحار
استمع إلى الملخص
- تضمنت الشهادات تفاصيل مروعة مثل سكب الماء الساخن، والضرب المبرح، وتجريد المعتقلين من ملابسهم، وهجمات كلاب بوليسية، وإصابة بأمراض بسبب الظروف غير الصحية.
- لم تتمكن المؤسسات الحقوقية من تحديد عدد المعتقلين بدقة بسبب الإخفاء القسري، لكن العدد يُقدّر بالآلاف، ويعيشون في معسكرات جديدة بظروف قاسية وتفتيش واعتداءات يومية.
نشرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية ونادي الأسير الفلسطيني، اليوم الخميس، شهادات جديدة لمجموعة من معتقلي قطاع غزة الذين جرت زيارتهم خلال شهر تموز/ يوليو 2025، عكست مجددًا مستوى الجرائم غير المسبوقة التي تعرّضوا لها خلال اعتقالهم والتحقيق معهم، بالإضافة إلى ظروف احتجازهم الحالية، وما يواجهونه من جرائم طبية، وتجويع ممنهج، وحرمان وسلب مستمر داخل المعتقلات والمعسكرات، فيما حاول أحد الأسرى الانتحار بسبب التعذيب، وآخر أجبر على شرب الخمر.
وبحسب بيان صادر عن هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير، فقد حصلت الطواقم القانونية على هذه الشهادات المقتضبة خلال زيارات إلى معتقلات: النقب، عوفر، سديه تيمان، المسكوبية. وأكدت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير أن هذه الشهادات المستمرة تمثّل جزءًا من مئات الإفادات التي وثّقها معتقلو غزة، ممن تعرّضوا لجرائم تعذيب وتنكيل وإذلال، بما في ذلك الاعتداءات الجنسية، ما أسفر عن استشهاد العشرات، بينما لا يزال عدد آخر منهم رهن الإخفاء القسري.
ووفق الهيئة والنادي، فإن إحدى الشهادات تضمنت قيام السجّانين بسكب الماء الساخن على جسد أحد المعتقلين، وأخرى تحدثت عن إجبار معتقلين على خلع ملابسهم والاعتداء عليهم بالضرب المبرّح. كما أفاد معتقل بتعرضه للإجبار على شرب الخمر، وآخر تعرّض لتعذيب نفسي دفعه لمحاولة الانتحار بعد أن أبلغه المحقق باستشهاد أفراد عائلته، ليتبيّن خلال زيارته أن عائلته بخير. كما تعرّض معتقل آخر لهجوم من كلب بوليسي تسبب بإصابته.
وقال المعتقل (م.ي): "اعتُقلت في فبراير 2024، وتعرّضت لتحقيق ميداني، ثم نُقلت إلى معسكر سديه تيمان لمدة 25 يومًا، ثم إلى معسكر قرب القدس، ولاحقًا إلى سجن "عوفر"، ثم إلى سجن "النقب"، وطوال هذه الفترة تعرّضت لجميع صنوف التعذيب، وحتى عند نقلي إلى سجن "النقب"، سُكب الماء الساخن على جسدي. أنا حاليًّا محتجز في قسم الخيام داخل سجن النقب، حيث يُحتجز 27 معتقلًا في كل خيمة في ظروف غاية في القسوة".
وأضاف في هذا السياق: "نعاني من اعتداءات مستمرة، وتجويع وإذلال يومي. الطعام غير صالح للأكل، فنضطر إلى الصوم وجمعه في وجبة واحدة مساءً. كما نُحرم من العلاج، حتى من مرض الجرب الذي أصيب به المعتقلون وتفاقم بسبب انعدام النظافة وعدم توفّر سبل الوقاية والعلاج". ولفت إلى أنه في غلاف غزة "ضُربت بأداة حادة، واحتاج جرحي إلى غرز معدنية بقيت في رأسي 119 يومًا، ما تسبب بالتهاب في فروة الرأس. وفي المعسكر قرب القدس، عُريت بالكامل وأُجبرت على شرب الخمر".
في حين، أفاد المعتقل (ح.ن): "اعتُقلت في ديسمبر 2024، عبر حاجز الإدارة المدنية، وتعرّضت للضرب المبرّح، وجرى تجريدي من ملابسي. أخبرني المحقق بأن جيش الاحتلال قتل جميع أفراد عائلتي، مما سبب لي أزمة نفسية حادة دفعتني لمحاولة الانتحار داخل الزنزانة، لولا تدخل زملائي. خلال زيارتي، أخبرني المحامي أن عائلتي بخير، فانهرت بالبكاء ولم أصدق ما سمعته".
من جانبه، قال المعتقل (ه.د): "اعتُقلت في أكتوبر 2024، عبر حاجز الإدارة المدنية، وتعرّضت لتحقيق ميداني، ثم احتُجزت في البركسات في غلاف غزة لمدة 110 أيام، قبل نقلي إلى سجن "النقب". لا نزال نعيش ظروفًا قاسية للغاية، ونتعرض يوميًّا للتفتيش، والاعتداء، والإذلال. يُجبرونا على الجلوس على الركبتين وأيدينا إلى الخلف خلال ما يسمى "بالعدد- الفحص الأمني". الأمراض منتشرة، والخوف والرعب لا يفارقاننا، إلى جانب حرماننا من العلاج وتجويعنا المتعمّد".
وفي شهادة تعذيب مماثلة أوضح المعتقل (أ.و): "اعتُقلت في فبراير 2024، من مدرسة في خانيونس، حيث اعتقل جيش الاحتلال أكثر من 100 مواطن. نُقلت إلى البركسات لمدة 23 يومًا، ثم إلى معتقل قرب القدس، ثم إلى سجن "عوفر"، ولاحقًا إلى سجن "النقب". خلال عملية نقلي من "عوفر" إلى "النقب"، ضُربت بالقيود على رأسي، ما أدى إلى ضعف حاد في نظري بالعين اليسرى، وصداع دائم، وفقدان للتوازن. كما أُصبت بمرض الجرب، وعاد إليّ بعد شفائي بسبب الظروف غير الصحية".
بدوره، أفاد المعتقل (خ.ي) بالقول: "اعتُقلت ديسمبر 2023، من مدرسة في حي الشجاعية بعد النزوح. نُقلت إلى البركسات في غلاف غزة، ثم إلى سجن "النقب". خلال الاعتقال، تعرّضت للضرب المبرّح ما تسبب بكسر في مفصل ساقي اليمنى، ولم أتلقّ أي علاج رغم الأوجاع الشديدة، حتى المسكنات لم تُعطَ لي. أعاني من صعوبة بالمشي وألم دائم".
تعتبر شهادات معتقلي غزة من الشهادات الأشد قسوة
وقال المعتقل (ه.ر): "اعتُقلت في أكتوبر 2024، من رفح، وتعرّضت للتحقيق الميداني، ثم جُردت من ملابسي. هاجمني كلب بوليسي ونهش قدمي. نُقلت لاحقًا إلى غلاف غزة، حيث تعرضت لتحقيق "الديسكو" وتحقيقات أخرى من قبل المخابرات، ثم إلى معسكر عوفر، ثم إلى زنازين "المسكوبية"، حيث جرى عزلي انفراديًّا لمدة أربعة أشهر، وتعرضت لتحقيقات عسكرية في "عسقلان". قبل أسبوع فقط، تعرّضت للضرب الوحشي بالهراوات".
ومنذ بدء حرب الإبادة، لم تتمكن المؤسسات الحقوقية من الحصول على رقم دقيق لعدد من جرى اعتقالهم في غزة نتيجة لجريمة الإخفاء القسري، إلا أن العدد يُقدّر بالآلاف. وتعتبر شهادات معتقلي غزة من الشهادات الأشد قسوة، نظرًا لحجم الجرائم المرتكبة بحقهم. وأقام الاحتلال معسكرات جديدة خاصة لاحتجاز معتقلي غزة، أبرزها: سديه تيمان، عناتوت، معسكر عوفر، نفتالي، وقسم ركيفت تحت سجن الرملة.