وثيقة مسربة تكشف انخراط أوروبا في سباق "النفوذ العسكري" في ليبيا

وثيقة مسربة تكشف انخراط أوروبا في سباق "النفوذ العسكري" في ليبيا

19 يوليو 2021
الوضع يراوح مكانه في ليبيا (فاضل سنا/ فرانس برس)
+ الخط -

ذكر موقع "إي يو أوبزيرفر" أخيراً أن الاتحاد الأوروبي يرتب لتعزيز خطط إرسال مهمة عسكرية إلى ليبيا، واضعا ذلك في سياق التنافس على النفوذ مع القوى الأجنبية فيها، وفقا لوثيقة مسربة حصل عليها الموقع وقال إنها تعود لخارجية الاتحاد الأوروبي.

وعبرت الوثيقة، التي قال الموقع إنها صدرت في الأول من يوليو/ تموز الجاري، عن رغبة الاتحاد الأوروبي في تعزيز عملية السلام في ليبيا، التي تتطلب "نزع سلاح وتسريح وإعادة دمج على نطاق واسع للمقاتلين، بالإضافة إلى إصلاح أساسي لقطاع الأمن".

وأضاف أن الوثيقة أكدت أن الاتحاد الأوروبي يرغب في الوجود في ليبيا لـ"موازنة القوى العسكرية المتدخلة في البلاد"، من خلال "النظر في مشاركة عسكرية تابعة للاتحاد الأوروبي من أجل عدم ترك مجال النشاط بأكمله في المجال العسكري لدولة ثالثة".

واعتبر الموقع أن التقرير يعني بـ"الدولة الثالثة" تركيا، التي أشار التقرير إلى أنها لا تزال "ترفض عمليات التفتيش لشحنات الأسلحة" التي تنقلها إلى ليبيا، في "انتهاك واضح لقرارات الأمم المتحدة بشأن حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا". وأوضح أن وجود "الدولة الثالثة" خلق ما يمكن وصفته بـ"الوضع التنافسي" في ليبيا.

ورغم إقرار الوثيقة، بحسب "إي يو أوبزيرفر"، بأن كلاً من تشاد، ومصر، والأردن، وروسيا، والمملكة العربية السعودية، وتركيا، والإمارات العربية المتحدة، شاركت في الحرب الأهلية في ليبيا، فإنها عكست انزعاج الاتحاد الأوروبي من أن تركيا (من دون أن يسميها التقرير) "تحافظ على وجود عسكري قوي في ليبيا وتوفر التدريب لقوات مسلحة مختارة في غرب ليبيا، لا سيما خفر السواحل والبحرية الليبيين".

وأكد الموقع أن الوثيقة الأوروبية رسمت وضعا مقلقا في ليبيا، متحدثة عن أن "المقاتلين الأجانب لا يزالون ينشطون في تجارة النفط والأسلحة والبشر (بلا هوادة)".

وحول الدور التركي في ليبيا، عبرت الوثيقة عن انزعاجها من إعلان وزارة الدفاع التركية عن اعتراض مهاجرين غير شرعيين قبالة السواحل الليبية، ما أشعر الاتحاد الأوروبي بالانزعاج من توسع النفود التركي وسعيه للمزيد من السيطرة على طريق الهجرة في البجر المتوسط، الذي تنشط فيه عملية "إيريني" الأوروبية وتحاول كبح جماح نشاط الهجرة غير الشرعية.

وحثت الوثيقة الاتحاد الأوروبي على ضرورة "بذل المزيد من الجهد لتوريد المعدات الخاصة بمقاومة نشاط الهجرة وتدريب خفر السواحل الليبي بالتنسيق الكامل مع السلطات الليبية، بالإضافة إلى التعاون مع الأخيرة من أجل مساعدتها على بسط نفوذها على حدودها الجنوبية الصحراوية، التي يسيطر عليها رجال القبائل والمليشيات القبلية التي قد تكون مرتبطة بجماعات متطرفة إرهابية، لتقليل نسبة المخاطر الأمنية على أوروبا".

وقالت الوثيقة، بحسب "إي يو أوبزيرفر"، إن "السلطات الليبية أعربت عن حاجتها إلى دعم الاتحاد الأوروبي لتأمين حدود ليبيا، بما في ذلك في الجنوب"، مضيفة أنه "في حالة موافقة السلطات الليبية، فقد يفتح ذلك إمكانية الحصول على حقوق التحليق للمراقبة الجوية التابعة للاتحاد الأوروبي فوق الأراضي الليبية"، في الصحراء الجنوبية.

ولفت الموقع إلى أن ممثلي الاتحاد الأوروبي كان المقرر أن يناقشوا الوثيقة خلال الأسبوعين الماضيين، لكن رئاسة الاتحاد لم توضح ما إذا كان ممثلو دول الاتحاد لا تزال لديهم الرغبة في مناقشتها، مشيرة إلى أن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان ردد مضمون الوثيقة خلال كلمته في رئاسته جلسة مجلس الأمن الخاصة بليبيا، الخميس الماضي.

ونقل الموقع عن لودريان قوله: "حان الوقت لتطبيق جدول زمني تقدمي ومتناسق ومتسلسل لرحيل العناصر الأجنبية من كلا الجانبين"، مؤكدا أن دول الاتحاد، بما فيها فرنسا وإيطاليا، مستعدة لبذل جهود إضافية لتدريب خفر السواحل الليبي.

ووفقا لقراءة الباحث الليبي في شأن العلاقات الدولية مصطفى البرق، فإن مضمون الوثيقة يكشف وقوف باريس بثقلها وراء هذا التوجه بالتنسيق مع روما، التي أكدت وسائل إعلامها عزم وزير خارجيتها لويجي دي مايو إجراء زيارة رسمية لطرابلس الأسبوع المقبل.

ويرى البرق، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن زيارة دي مايو ستناقش مضمون هذا التوجه الأوروبي، الذي يعكس استمرار التوتر مع تركيا رغم الحديث عن خفض حدة التوتر بين باريس وأنقرة ولقاءات تمت على مستوى وزراء الخارجية بينهما في الآونة الأخيرة.

ولفت البرق إلى أن "نية أوروبا عدم ترك الساحة للمتنافسين في ليبيا وإرسالها بعثة عسكرية ستعزز عمق مشكلة القوات الأجنبية والمرتزقة في البلاد، وسيتؤجل حلها"، معتبرا أن الوثيقة الأوروبية تؤكد فشل مؤتمر برلين الثاني في حسم ملف القوات الأجنبية في البلاد.

ورجح البرق أن "الوثيقة تعكس استعداداً أوروبياً لسيناريوهات فشل الأطراف الليبية في التقدم باتجاه الانتخابات وإمكانية حدوث انقسامات داخلية بينها، خصوصا مع إصرار مجلس النواب، الذي عاد لموالاة ودعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، على سعيه لحصار الحكومة التي أصبحت هي الأخرى قريبة من الأهداف والمصالح التركية".

المساهمون