واشنطن وباريس تدعوان إلى تشكيل حكومة "ذات مصداقية" في لبنان

واشنطن وباريس تدعوان إلى تشكيل حكومة "ذات مصداقية" في لبنان وإبعاد "التدخل السياسي" عن تحقيقات انفجار المرفأ

04 فبراير 2021
لا تزال التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت "مُعتقَلَة" ورهينة التجاذبات السياسية (حسين بيضون)
+ الخط -

دعا وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ونظيره الفرنسي جان-إيف لودريان، الخميس، لبنان إلى المسارعة في تشكيل حكومة، وهو الشرط المسبق لتوفير "دعم هيكلي وطويل الأمد" من المجتمع الدولي لبيروت.

وفي بيان مشترك، أوردته "فرانس برس"، شدد الوزيران على "الضرورة الملحة والحيوية لأن يقوم المسؤولون اللبنانيون أخيراً بتنفيذ التزاماتهم بتشكيل حكومة ذات مصداقية وفاعلية وبالعمل على تحقيق إصلاحات ضرورية تتوافق مع تطلعات الشعب اللبناني".

وقال الوزيران: "تبقى تلك الإجراءات الملموسة ضرورةً مطلقة لكي تلتزم فرنسا والولايات المتحدة وشركاؤهما الإقليميون والدوليون تقديم دعم إضافي وهيكلي وطويل الأمد إلى لبنان".

وبعد انفجار المرفأ، زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بيروت مرتين. وأعلن في الزيارة الثانية، في سبتمبر/ أيلول، مبادرة قال إنّ كل القوى السياسية وافقت عليها، ونصت على تشكيل حكومة خلال أسبوعين تتولى الإصلاح في مقابل حصولها على مساعدة مالية. وفشلت القوى السياسية في ترجمة تعهداتها. ولم تؤدِّ مساعي زعيم "تيار المستقبل"، سعد الحريري، الذي كُلِّف في 22 أكتوبر/ تشرين الأول تشكيل الحكومة، إلى أي نتيجة حتى الآن، وسط انقسامات سياسية لطالما عرقلت وأخرت تشكيل الحكومات في لبنان. ومنذ وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، تأمل باريس حصول تعاون إضافي مع واشنطن في هذا الملف.

وبمعزل عن الدعم الهيكلي طويل الأمد، "ستواصل فرنسا والولايات المتحدة تقديم دعم طارئ إلى الشعب اللبناني، ولا سيما في قطاعات الصحة والتعليم والسكن والمساعدة الغذائية" ليتمكن من مواجهة نتائج تلك الكارثة، وفق الوزيرين.

وأضافا أنّ "فرنسا والولايات المتحدة تنتظران نتائج سريعةً للتحقيق في أسباب انفجار" المرفأ، داعيين القضاء اللبناني إلى "العمل بشفافية وبعيداً عن أي تدخل سياسي".

وفي وقت سابق اليوم الخميس، اعتبرت سفيرة فرنسا في بيروت في ذكرى مرور ستة أشهر على انفجار مرفأ بيروت أنّ من "غير المقبول" عدم التزام القوى السياسية تعهداتها بتشكيل حكومة تقرّ إصلاحات ضرورية، فضلاً عن غياب تقدم في التحقيق في المأساة المروعة.

وقالت سفيرة فرنسا آن غريو، في بيان: "بعد مرور ستة أشهر على الانفجار، من غير المقبول أن يكون اللبنانيون لا يزالون ينتظرون أجوبة من قادتهم" في قضية الانفجار.

وتحقق السلطات اللبنانية في الانفجار الذي وقع في 4 أغسطس/ آب الماضي، وأدى إلى مقتل 200 شخص ودمار هائل في العاصمة، وقد عزته إلى تخزين كميات هائلة من "نترات الأمونيوم" لسنوات في أحد عنابر المرفأ من دون إجراءات وقاية. وتبيّن أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزينها من دون أن يحركوا ساكناً.

إلا أن التحقيق في الانفجار لم يثمر أية نتيجة حتى الآن، برغم توقيف أكثر من 20 شخصاً. وقد دخلت السياسة على خط التحقيق، وأسهمت في عرقلته، وخصوصاً بعدما ادعى قاضي التحقيق على مسؤولين.

وأضافت آن غريو أنّ "الالتزامات التي اتُّخِذَت أمام رئيس الجمهورية ما زالت حبراً على ورق".

وبعد ستة أشهر على انفجار مرفأ بيروت وبطء إعادة الإعمار ودفع التعويضات للمتضررين، لا تزال التحقيقات "مُعتقَلَة"، ورهينة التجاذبات السياسية والخطوط الحمراء التي تُكبِّل السلطة القضائية. والأغرب أن أحداً لم يُقدّم حتى اليوم رواية متكاملة لما حصل، بل في كل فترة تصدر معلومة جديدة لا يؤكدها أحد، من لغز "نترات الأمونيوم" والكمية التي انفجرت فعلاً، ومن الذي استقدمها، إلى السؤال عن علاقة النظام السوري، وهل ستنتهي القضية إلى أجوبة صريحة عن كل هذه الأسئلة؟

تقارير عربية
التحديثات الحية

اللبنانيون الذين يحاولون في تحرّكاتهم الشعبية، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، إبقاء القضية حيّة، ويحرصون بشكل شبه يومي وفي الرابع من كل شهر، على نشر فيديوهات وصور من المجزرة، باتوا شبه مقتنعين بأنَّ سيناريو دفن الملف تُكتَب صفحاته الأخيرة، عبر رفض مدعى عليهم المثول أمام القضاء، وعلى رأسهم رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، بالتوازي مع تجميد القضية منذ 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بعد طلب نقل الدعوى للارتياب المشروع الذي تقدّم به الوزيران السابقان النائبان غازي زعيتر وعلي حسن خليل، ومحاولات أخرى سابقة ولاحقة، هدفها التنصّل من العقاب.

أمام هذا الواقع، تتصاعد الدعوات إلى فتح تحقيق دولي في القضية، مع تأكيد عدم الثقة بالقضاء اللبناني.

وتحدثت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير نشرته أمس الأربعاء، عن تقاعس السلطات اللبنانية عن إحقاق العدالة خلال الأشهر الستة الماضية، لافتة إلى أن التحقيقات المحلية المتوقفة مليئة بالانتهاكات الجسيمة للإجراءات القانونية، ومحاولات الزعماء السياسيين لوقف التحقيق تعزز الحاجة إلى تحقيق دولي مستقل.