واشنطن تفرض عقوبات على قائد الجيش السوداني

16 يناير 2025
عبد الفتاح البرهان خلال إحدى الفعاليات في بورتسودان، 25 نوفمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- فرضت الولايات المتحدة عقوبات على عبد الفتاح البرهان بسبب استهداف القوات المسلحة السودانية للمدنيين والبنية التحتية، واستخدام أسلحة كيميائية، ورفض محادثات السلام.
- استنكر الجيش السوداني ووزارة الخارجية العقوبات، واعتبروها غير عادلة، مؤكدين دعم الشعب السوداني للبرهان كرمز للسيادة الوطنية.
- تتواصل التوترات العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع، مع استمرار القصف المدفعي في الفاشر ودعم أجنبي لقوات الدعم السريع عبر ليبيا.

أعلن موقع وزارة الخزانة الأميركية، اليوم الخميس، أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وذلك بعد أسبوع واحد فقط من فرض عقوبات على محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية التي تتحارب مع الجيش منذ أكثر من عامين.

وقال مصدر دبلوماسي لوكالة "رويترز" إن سبب هذه الخطوة "هو استهداف القوات المسلحة السودانية المدنيين والبنية الأساسية المدنية ومنع وصول المساعدات، وكذلك رفض المشاركة في محادثات السلام العام الماضي".

ويأتي ذلك بينما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن أربعة مسؤولين أميركيين كبار قولهم إن الجيش السوداني استخدم أسلحة كيميائية على الأقل في مناسبتين ضد قوات الدعم السريع التي يتحارب معها. وأضافت أنه جرى نشر أسلحة كيميائية في الآونة الأخيرة في مناطق نائية بالسودان، واستهدفت أفراداً من قوات الدعم السريع. وذكرت أيضاً أن المسؤولين الأميركيين تساورهم مخاوف من لجوء الجيش قريباً إلى استخدام الأسلحة الكيميائية في أجزاء من العاصمة الخرطوم المكتظة بالسكان.

وفي ما يخص العقوبات بحق البرهان، قالت "نيويورك تايمز" إنه جرى إخطار الأمم المتحدة والدول المتحالفة مع واشنطن والمنظمات الإنسانية بشأنها ليلة الأربعاء، معتبرة القرار الأميركي خطوةً كبيرةً ضد شخصية ينظر إليها على أنها رأس الدولة في السودان وتمثل بلادها في الأمم المتحدة. من جهة أخرى، قالت الصحيفة الأميركية إن المنظمات الإنسانية تساورها مخاوف من ردة فعل الجيش السوداني على قرار العقوبات، لجهة فرض قيود أكثر على العمليات الإنسانية في المناطق التي تعاني من المجاعة أو على حافة الوصول إلى ذلك.

ولفتت "نيويورك تايمز" إلى أنه لم تتضح على الفور نوعية الأسلحة الكيميائية التي استُخدمت، مضيفة أن مجموعة صغيرة داخل الجيش السوداني هي التي تمتلك الخبرة في برنامج الأسلحة الكيميائية. وأوردت نقلا عن مسؤولين أميركيين مطلعين أنه من الواضح أن البرهان هو من سمح باستخدامها.

الجيش السوداني يرفض العقوبات: "قرار جائر"

في هذه الأثناء، استنكر الجيش السوداني، في بيان منفصل، ما وصفه بـ"القرار الجائر" من قبل الخزانة الأميركية بفرض عقوبات ضد قائده العام عبد الفتاح البرهان، الذي وصفه البيان بـ"زعيم الأمة السودانية وقائد حرب الكرامة الوطنية التي تخوضها القوات المسلحة والشعب ضد مرتزقة ومليشيا آل دقلو الإرهابية"، بحسب تعبيرها. واستهجن البيان الإشارة إلى أي إجراءات يمكن أن تمس أياً من قادة الجيش، وأكد أن تلك الإجراءات الظالمة لن تثني الجيش عن الاضطلاع بواجبه القانوني والدستوري في الدفاع عن البلاد وشعبها وتأمين سلامة أراضيها ضد من سماهم "المرتزقة والعملاء" وداعميهم بالداخل والخارج، وأضاف: "يدفعنا عزم أكيد وتصميم وإرادة وطنية لن تلين، ويعززها دعم شعبنا اللامحدود حتى القضاء على آخر متمرد ومرتزق وعميل".

بدورها، أعلنت وزارة الخارجية السودانية رفضها واستنكارها العقوبات التي فرضتها واشنطن على البرهان. وقالت في بيان إن "قرار فرض العقوبات على البرهان يفتقد لأبسط أسس العدالة والموضوعية، ويستند إلى ذرائع واهية لا صلة لها بالواقع، كما ينطوي على استخفاف بالغ بالشعب السوداني الذي يقف بأسره خلف الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بصفته رمزاً لسيادته وقواته المسلحة". وأضافت الوزارة أنه من الغريب أن يأتي ذلك القرار الذي وصفته بـ"المشبوه" بعد أن "خلصت الإدارة الأميركية إلى أن مليشيا الدعم السريع ترتكب جرائم إبادة جماعية في السودان". واعتبرت "قرار الإدارة الأميركية، قبيل انتهاء تفويضها بأيام.. لا يعبر إلا عن التخبط وضعف حس العدالة".

"المعارك في نهاياتها"

وعلى صعيد المواجهات العسكرية، قال البرهان الذي يترأس مجلس السيادة إن معركة الجيش مع قوات الدعم السريع "في نهاياتها"، وإن الجيش سينتصر على ما وصفها بالمليشيا الإرهابية المتمردة. حديث البرهان جاء خلال زيارته اليوم إلى مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، وسط السودان، وهي الزيارة الأولى له بعد بسط الجيش سيطرته على المدينة السبت الماضي. وذكر بيان من مجلس السيادة أن البرهان "تفقد سير العمليات العسكرية على الخطوط الأمامية بولاية الجزيرة، واطمأن على سير العمليات في كافة محاور القتال، مشيداً بالروح المعنوية العالية لضباط وضباط صف وجنود القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى والمستنفرين الذين يبذلون الغالي والنفيس في معركة الكرامة من أجل دحر التمرد والقضاء عليه"، طبقا لما جاء في البيان.

وميدانياً، ذكر شهود عيان من مدينة الفاشر غربي البلاد، لـ"العربي الجديد"، أن القصف المدفعي المتبادل بين الجيش والقوة المشتركة من جهة وقوات الدعم السريع من جهة أخرى استؤنف، اليوم الخميس، بعد هدوء نسبي في الأيام الماضية، وأن عدداً من المدنيين تضرروا جراء ذلك. وأوضحت تنسيقية لجان المقاومة في مدينة الفاشر أن قوات الدعم السريع قصفت معسكر نيفاشا للنازحين، كما قصفت أحياء سكنية ومستشفيات وأسواقاً، ولم يذكر بيان من التنسيقية وقوع ضحايا من المدنيين.

وفي منشور له على صفحته في فيسبوك، قال حاكم إقليم دارفور مني أركو ميناوي إن "‏الدعم الأجنبي لمليشيا الدعم السريع يتواصل عبر محور ليبيا"، مشيرا إلى دخول متحرك من مليشيا "الجنجويد" بنحو 400 مركبة قتالية متنوعة عن طريق ليبيا إلى دارفور. إلى ذلك، أصدرت قوات الدعم السريع بيانا، دانت فيه ما عدته "انتهاكات عنصرية فظيعة وعمليات قتل وتنكيل" تقول إنها طاولت المئات من مواطني دولة جنوب السودان بمدينة ود مدني ومناطق أخرى بولاية الجزيرة على يد الجيش.