واشنطن تربط شراكتها مع تونس بـ"التزام الديمقراطية وحقوق الإنسان"

31 اغسطس 2022   |  آخر تحديث: 19:32 (توقيت القدس)
سعيّد يلتقي نائبة وزير الخارجية الأميركية باربرا ليف (فيسبوك)
+ الخط -

قالت نائبة وزير الخارجية الأميركية باربرا ليف، اليوم الأربعاء، أنها أبلغت الرئيس التونسي قيس سعيد إن الشراكة بين الولايات المتحدة وتونس "تتخذ أقوى وأمتن صورها عندما يكون هناك التزام مشترك بالديمقراطية وحقوق الإنسان". 

وشددت المسؤولة الأميركية، في بيان مقتضب على صفحة السفارة الأميركية، على أهمية تحقيق إصلاحات اقتصادية في تونس.

وكانت الرئاسة التونسية قد قالت، أمس الثلاثاء، إن اللقاء مع المسؤولة الأميركية "مثّل فرصة أوضح فيها رئيس الجمهورية عديد المسائل المتصلة بالمسار الذي تعيشه تونس، وطالب السلطات الأميركية بأن تستمع إلى نظيرتها التونسية لمعرفة حقيقة الأوضاع".

وجدّد سعيّد تمسّك تونس بـ"سيادتها ورفض التدخل في شؤونها الداخلية"، معرباً عن الاستياء من التصريحات التي أدلى بها عدد من المسؤولين الأميركيين في الآونة الأخيرة.

وتشير نبرة الرئاسة التونسية إلى أن هناك سوء تفاهم واضحاً بين الطرفين، ما دفع سعيّد إلى تفنيد "الادعاءات التي تُروّج لها أطراف معلومة"، وإعلان التمسك بالسيادة. 

والتقت المسؤولة الأميركية في ذات اليوم أيضاً وزير الداخلية، توفيق شرف الدين، لمناقشة التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب، وشددت مساعدة الوزير على "أهمية حقوق الإنسان وحماية سيادة القانون وحرية التعبير"، بحسب السفارة.

كذلك التقت المسؤولة الأميركية أيضاً وزير الدفاع الوطني، عماد مميش، وتناول اللقاء "جملة من المسائل الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها التهديدات العابرة للقارات والتهديدات المباشرة في المنطقة"، وفق بلاغ صادر عن وزارة الدفاع الوطني.

وكان وفد من الكونغرس الأميركي، يتكون من أعضاء مجلس الشيوخ والنواب، قدم إلى تونس يومي 21 و22 أغسطس/ آب، والتقى الرئيس قيس سعيّد، وممثلين عن منظمات من المجتمع المدني التونسي.

وبحسب السفارة، فقد أعرب المسؤولون الأميركيون عن "دعمهم القوي للديمقراطية في تونس ولتطلعات الشعب التونسي إلى حكومة ديمقراطية شفافة تتجاوب وحاجاته، وتخضع للمساءلة وتحترم حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وتولي مستقبل البلاد الاقتصادي أولويتها".

كذلك أعرب أعضاء الوفد عن "اهتمامهم بشأن مسار تونس الديمقراطي، وحثوا على أن تسارع تونس إلى اعتماد قانون انتخابي بشكل تشاركي ييسّر أوسع مشاركة ممكنة في الانتخابات التشريعية المقبلة". وشدد الوفد على أهمية وجود "قضاء مستقل ومجلس نيابي نشط فعال حتى يستعيد الشعب التونسي ثقته بالنظام الديمقراطي".

ويعتبر مدير مركز الدراسات الاستراتيجية حول المغرب العربي، عدنان منصر (شغل منصب مدير الديوان الرئاسي مع الرئيس منصف المرزوقي)، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الموقف الأميركي من الملف التونسي هو نفسه تقريباً ولم يتغير، حيث "هناك سعي من السلطات الأميركية لإقناع قيس سعيّد بوجهة نظرهم، بينما يتمسك سعيّد بموقفه ويطالبهم بتفهم الوضع في تونس". 

وأشار منصر إلى أن "البيان الأميركي يدل على نوعية المهمة التي جاءت بالمسؤولية الأميركية والرسالة المراد نقلها"، موضحاً أن "كل طرف يكتب من وجهة نظره، وفي بيان الرئاسة لم تتم الإشارة لما قاله الأميركيون، وفي المقابل، فإن البيان الأميركي لم يشر أيضاً إلى ما قاله سعيّد، وبالتالي فإن قراءة متقاطعة تبين ما دار من نقاش، ولا يُتوَقع أن اللقاء نجح، ففي كلا البيانين لا توجد وعود بشيء، بل هو مجرد تبادل للحديث ووجهات نظر، والخلاف بينهما برأيي لا يزال قائماً منذ 25 يوليو/ تموز 2021" .

وأضاف أن "هناك تركيزاً أميركياً بخصوص الملف التونسي، مرده وجود انزعاج أميركي من المواقف التونسية، ومخاوف من أن تصطف تونس وراء محور تعتبره أميركا معادياً لها، وهو المحور الروسي، وهذا الأمر قاله الأميركيون صراحة في الكونغرس".

وتابع: "أتصور أيضاً أن يكون الموقف التونسي من الملف الصحراوي المغربي قد أزعجهم، وهذا قد يكون أيضاً عنصر توجس، لأن موقف تونس الحيادي من هذه الأزمة تقليدي ومعروف في السابق، والتحول كان مفاجئاً، وتبقى لتونس دائماً أهمية كبيرة في استقرار المنطقة بقطع النظر عن إمكاناتها".

وأشار في المقابل إلى أنه "يبدو أن هناك قبولاً أميركياً بما حدث في تونس، وبالأمر الواقع الجديد: الدستور والاستفتاء وحل البرلمان، وهي مراحل أصبحت من تحصيل الحاصل، وربما انتهت، وهم يتحدثون اليوم عن الحريات والمجتمع المدني وعن المراحل القادمة، أي الانتخابات والقانون الانتخابي ومشاركة طيف واسع من الأحزاب، لأن هناك مخاوف من أن يقصي سعيّد الأحزاب من خلال القانون المنتظر".

وأوضح منصر أن "الأميركيين يبحثون عن مصالحهم ولا يتحدثون باسم المعارضة التونسية، ويعتبرون أن البلاد أصبح لها اليوم في نهاية الأمر دستور جديد، والمعارضة إن لم تستطع إضعاف قيس سعيّد، فلا يمكنها مطالبة غيرها بذلك". 

وأفاد بأن "قيس سعيّد فرض الأمر الواقع، والبلاد لها اليوم دستور جديد"، مبيناً أن "التقييمات المختلفة للاستشارة الوطنية والاستفتاء لا تنفي أن هناك واقعاً جديداً يتجه سعيّد لتركيزه وترسيخه أكثر عبر القانون الانتخابي والمجالس الجهوية والمجلس النيابي". 

وأضاف: "لا يوجد أي شيء يمكنه إيقاف ذلك في المدى المنظور، إلا أنه عندما تصل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية إلى ذروتها، وذلك سيكون المحرك الحقيقي الذي قد يفشل سعيّد، وهو الذي أفشل التجربة الماضية ومن قبلها الترويكا ومن قبلها نظام بن علي، والناس يبحثون في الحقيقة عن التنمية، وقد لا يزعجهم إن وجدوها في الاستبداد، وإن وجدوها في الديمقراطية فسيقبلون ذلك طبعاً".

وذكّر المتحدث ذاته بأن "الغرب كان داعماً لبن علي رغم استهدافه للمعارضة، والمهم بالنسبة إليهم استقرار المنطقة لتلافي تداعيات الاضطراب من تنامي الهجرة وتصاعد العنف والإرهاب في المنطقة وغيرها، ولذلك فإن قطع الدعم الاقتصادي تماماً عن تونس أمر مستبعد".