استمع إلى الملخص
- رغم الأوامر بعدم التصوير، استمرت المواد في الظهور، مما أثار ضجة إعلامية، وأظهرت احتفالات الجنود ودعوات لعودة المستوطنين أو طرد الفلسطينيين.
- أشار خبراء إلى إمكانية استخدام المقاطع كأدلة على انتهاكات للقانون الدولي، واعتبر آسا كاشر أن هذه التصرفات تمثل انهياراً في الانضباط العسكري.
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، اليوم الثلاثاء، تحقيقاً حمل عنوان "انتقام، نيران ودمار: عام من أشرطة فيديو الجنود الإسرائيليين من غزة"، رصدت فيه الانتهاكات التي ارتكبها جنود الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، ونشروها بأنفسهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتأكدت الصحيفة من أكثر من 120 صورة ومقطع فيديو نُشرت بين أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وأكتوبر 2024، معظمها تم توثيقه بواسطة جنود أو شاركوه علناً عبر حساباتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي. كما قابلت الصحيفة 7 جنود إسرائيليين قالوا إن تلك الفظائع تمت في بعض الحالات بأوامر مباشرة من قادة الجيش.
وجاء في تحقيق الصحيفة أنه "خلال 14 شهرا من إطلاق القوات الإسرائيلية عملية الغزو في قطاع غزة، أظهرت المقاطع المصورة على منصات التواصل الاجتماعي الجنود وفي أكثر من مرة وهم يدمرون بنايات بأكملها، بما في ذلك المنازل والمدارس، فضلاً عن نهبها وإحراقها".
وبعد أن أثارت مقاطع مصورة ضجة إعلامية كبيرة، أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي أوامر بعدم تصوير ونشر مقاطع فيديو "انتقامية"، لكن حتى بعد الإعلان استمرت تلك المواد المصورة بالظهور على الإنترنت طوال فترة حرب الإبادة، وهو ما عملت الصحيفة الأميركية على تجميعه في حصيلة ضخمة توفر نظرة نادرة ومقلقة عن كيفية تصرف عناصر جيش الاحتلال الإسرائيلي "خلال واحدة من أكثر الحروب دموية ودماراً في التاريخ الحديث"، بحسب "واشنطن بوست".
وأظهرت المقاطع المصورة عدداً من الفظائع التي صورها جنود الاحتلال، بما يشمل أعمال نهب تترافق مع أجواء احتفالية من قبل جنود الاحتلال، وكذا أعمال تدمير واسعة للمباني السكنية والمدارس، وإحراق لها، بالإضافة إلى تدنيس جثث الفلسطينيين، إذ التقط جنود إسرائيليون صوراً تذكارية بجانب جثامين فلسطينيين، كما كتبوا شعارات تدعو لإبادة الفلسطينيين، وتهجيرهم من غزة.
ودعا جنود إسرائيليون، في بعض المقاطع المصورة، إلى عودة المستوطنين إلى غزة، أو طرد الفلسطينيين منها، إذ كشف مقطع مصور يعود تاريخ نشره إلى نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، عن قول جندي إسرائيلي إن كتيبته لن تتوقف حتى تكمل مهمتها في "الغزو والطرد والاستيطان". وبعد أيام قليلة من الدخول البري لقطاع غزة، أظهر مقطع مصور جندي وهو يسحب جثة خلف مركبة.
ومطلع العام الجاري، صور جندي إسرائيلي نفسه ساخراً بالقرب مما يبدو أنه جثث فلسطينيين، وكان الجندي يحمل لافتة لصالون حلاقة في تل أبيب في خطوة دعائية على ما يبدو، فيما توجد ثلاث جثث هامدة بملابس مدنية مبعثرة على الطريق بجواره؛ ولا تزال هوياتهم وظروف استشهادهم غير واضحة.
وقال خبراء في القانون الدولي، طلبت الصحيفة منهم الاطلاع على المقاطع المصورة، إن بعضها قد يُستخدم "أدلة على انتهاكات محتملة للقانون الدولي الإنساني"، وخاصة التحقيقات الجارية ضد إسرائيل وقادتها في المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية. وقال آسا كاشر، وهو أكاديمي ساهم في صياغة مدونة أخلاقيات الجيش الإسرائيلي: "هذا ليس مجرد انهيار في الانضباط العسكري، بل هو فقدان لفهم ما يتطلبه تمثيل الجيش الإسرائيلي وإسرائيل".
ومنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023، لم يُوفر جنود الاحتلال الإسرائيلي فرصة لإظهار احتقارهم للفلسطينيين أو اللبنانيين خلال الحرب على غزّة ولبنان. ففي كل مرّة اقتحم فيها هؤلاء الجنود القرى والمدن بعد طرد أهلها منها كانوا يعتدون على أملاكٍ ودور عبادة ويسرقون أغراضاً شخصية. غير أن الأمر تخطى كونه اعتداء، أو حتّى محاولة لـ"الانتقام"؛ إذ تعمد جنود الاحتلال في إحدى المرّات مثلاً التهكم على الفلسطينيات واحتقارهن من خلال سرقة ثيابهن الداخلية من خزائن البيوت المُعتدى عليها، ولبسها ثم توثيق ذلك في مقاطع مصوّرة ونشرها على شبكات التواصل.