استمع إلى الملخص
- أجرت فرنسا 57 تجربة نووية بين 1960 و1966، منها 17 تفجيرًا، مما أدى إلى كارثة بيئية وبشرية، وارتفاع معدلات السرطان والأمراض التنفسية، وتأثيرات سلبية على الموارد الطبيعية والمجتمعات المحلية.
- دعت الهيئات الدولية لإنشاء لجنة متابعة مشتركة تضم ممثلين عن الجزائر وفرنسا، وإعلام السكان بالمخاطر، وضمان مشاركة المجتمع المدني في معالجة تداعيات الكارثة.
طالبت 30 منظمة وهيئة دولية نشطة في مجال نزع السلاح وحظر انتشار السلاح النووي وحماية البيئة، وحقوق الإنسان وتعزيز السلام، الحكومتين الجزائرية والفرنسية ببدء خطوات عملية لتنظيف مناطق التفجيرات النووية التي أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية في فبراير/شباط 1960، فيما اقترحت الجزائر تخصيص يوم عالمي لضحايا التفجيرات النووية.
وطالبت المنظمات والهيئات الدولية في "نداء عالمي للمساءلة وتحقيق العدالة" صدر في الذكرى الـ65 لأول تفجير نووي فرنسي في الجزائر نفذ في 13 فبراير 1960، في منطقة رقان جنوب غربي الجزائر، الحكومة الفرنسية بـ"الاعتراف الكامل بالجرائم النووية التي ارتُكبت في الجزائر، وتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية عنها، مع تقديم التعويضات العادلة للضحايا، ورفع السرية عن جميع الملفات المتعلقة بالتجارب النووية، بما في ذلك مواقع دفن النفايات النووية، والكف عن التستر خلف مبررات الأمن الوطني".
وحمّلت الهيئات الدولية فرنسا "المسؤولية التاريخية والقانونية عن آثار تجاربها النووية في الجزائر"، وطالبتها "باتخاذ إجراءات عملية لمعالجة الأضرار الناجمة عنها، بما في ذلك الكشف عن جميع الوثائق المتعلقة بالتجارب النووية، وتحديد مواقع النفايات المشعة، وتنظيف المناطق المتضررة، وتعويض الضحايا وضمان حصولهم على الرعاية الصحية المناسبة". ودعت إلى ضرورة أن تضمن باريس "وصول الجزائر إلى المعلومات الدقيقة حول المناطق الملوثة.. يجب على فرنسا تسليم نسخة من أرشيفها للجزائر، ومعالجة الآثار الكارثية لهذه التجارب وضمان إحقاق الحقيقة والعدالة للسكان المتضررين".
وأعلنت الهيئات الدولية "إنشاء الجمعية الوطنية لجنة تحقيق جديدة لمتابعة تداعيات التجارب النووية، والتي تم إطلاقها بمبادرة من نواب مقتنعين بضرورة تعديل القانون الفرنسي لجعله أكثر إنصافًا لضحايا التجارب النووية التي أجرتها فرنسا"، في الصحراء الجزائرية.
وفي 13 فبراير 1960، قامت فرنسا بتفجير أول قنبلة ذرية، عرفت باسم "اليربوع الأزرق" في سماء رقان جنوبي الجزائر، مما تسبب في كارثة طبيعية وبشرية، ويعادل هذا التفجير الذي تتراوح قوته بين 60 ألف و70 ألف طن من المتفجرات خمسة أضعاف قنبلة هيروشيما باليابان، حسب العديد من الخبراء في هذا المجال. ويؤكد المؤرخون أن فرنسا الاستعمارية قامت خلال الفترة الممتدة بين 1960 و1966 بـ57 تجربة نووية وانفجارا في مناطق مختلفة من الصحراء الجزائرية، شملت أربع تفجيرات جوية بمنطقة رقان و13 تفجيرا تحت الأرض بعين إيكر، بالإضافة إلى 35 تفجيرا إضافيا بالحمودية وخمس تفجيرات على البلوتونيوم بعين إيكر، حيث أجريت التفجيرات تحت الأرض.
وشددت هذه الأطراف على ضرورة أن "تتخذ الحكومتان الفرنسية والجزائرية خطوات ملموسة لإنهاء هذا الفصل المؤلم من التاريخ، والعمل المشترك لضمان حقوق الضحايا وحماية الأجيال القادمة من مخاطر مماثلة"، ودعت إلى "إنشاء لجنة متابعة مشتركة لتداعيات التجارب النووية والتجارب الأخرى على الصحة والبيئة، تضم ممثلين عن حكومتي البلدين، وبرلمانيين، وجمعيات الضحايا".
وفي نفس السياق حث النداء العالمي لهذه الهيئات وأبرزها منظمة شعاع لحقوق الإنسان والحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية، ومركز توثيق وأبحاث السلام والصراعات، والأطباء الدوليون لمنع الحرب النووية والمسيحيون المناهضون للأسلحة النووية، ومركز روكي ماونتن للسلام والعدالة، الحكومة الجزائرية إلى اتخاذ ما يكفي من "الإجراءات الواضحة لإعلام السكان بالمخاطر المستمرة بسبب هذه التجارب، وتحديد التدابير المتخذة لمنع وقوع ضحايا جدد، مع ضمان مشاركة المجتمع المدني في الجهود المبذولة لمعالجة تداعيات الكارثة، واتخاذ إجراءات فورية لحماية الصحة العامة في المناطق المتضررة، ووضع خطة لمعالجة الآثار البيئية والصحية، وإعادة تأهيل مواقع التجارب النووية الفرنسية في جنوب الجزائر".
وفي 13 سبتمبر/أيلول 2024، طالب ثلاثة مقررين أمميين الحكومتين الفرنسية والجزائرية باتخاذ إجراءات عاجلة لخطة تطهير مناطق التفجيرات النووية. وقبل أسبوعين شدد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في حوار لصحيفة فرنسية على ضرورة أن تتحمل باريس المسؤولية في تطهير منطقة التفجيرات ومنح الجزائر خرائط دفن النفايات النووية والكيميائية في الصحراء الجزائرية.
وعلى الرغم من مرور عقود من الزمن، لا تزال آثار هذه التجارب قائمة، حيث تشهد المناطق المتضررة ارتفاعًا مقلقًا في معدلات الإصابة بالسرطان والأمراض التنفسية المزمنة، إلى جانب التدهور البيئي المستمر، الذي أثر بشدة على الموارد الطبيعية، وعطل سبل العيش، وأضعف النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمجتمعات المحلية.
وفي السياق، أعلن رئيس البرلمان إبراهيم بوغالي، خلال مؤتمر دولي نظمه البرلمان اليوم، حول آثار التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر، عن تخصيص يوم عالمي لضحايا التفجيرات النووية، وقال إن "هذه الجريمة الإنسانية لا تزال جراحها مفتوحة، وإن التفجيرات والتي بلغ عددها 17 تفجيرًا نوويًا، لا تزال تأثيراتها الكارثية مستمرة على الإنسان والبيئة، حيث يعاني السكان من أمراض سرطانية وتشوهات خلقية ناجمة عن الإشعاعات"، كما أعلن عن المضي في خطوات "تجريم تلك الممارسات غير القابلة للتقادم"، في إشارة إلى مسعى البرلمان إلى إصدار قانون لتجريم الاستعمار، وهي خطوة ظلت معطلة منذ 41 عاما.