هواجس عراقية ما بعد الانسحاب الأميركي: العقوبات أو إلغاء الامتيازات

20 اغسطس 2025   |  آخر تحديث: 22 أغسطس 2025 - 00:27 (توقيت القدس)
قوات أميركية في معسكر التاجي، شمال بغداد، 6 مارس 2017 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الانسحاب الأميركي من العراق يثير مخاوف من تحول السياسة الأميركية إلى نهج أكثر ندية، مع احتمالية فرض عقوبات أو شن ضربات ضد الفصائل المسلحة، مما قد يؤثر على استيراد الطاقة من إيران.

- هناك قلق من فراغ أمني قد تستغله الجماعات الإرهابية، مما يتطلب دعماً دولياً مستمراً للقوات العراقية في مجالات التسليح والتدريب والاستخبارات لتجنب انهيار المنجزات الأمنية.

- الانسحاب قد يؤثر سلباً على الاقتصاد العراقي، حيث يعتمد العراق على الاستقرار لجذب الاستثمارات، مما يتطلب تأمين بدائل وشراكات مالية جديدة لتجنب الأزمات الاقتصادية.

مع قرب موعد انسحاب القوات الأميركية العاملة تحت مظلة التحالف الدولي من العراق، يطرح مراقبون وسياسيون عراقيون مخاوف من سياسة أميركية جديدة ستنتهجها واشنطن، كانت إلى حد كبير مُعطّلة بفعل وجودها العسكري. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أكدت السفارة الأميركية في بغداد، خطوة الانسحاب العسكري، موضحة أن العلاقة بين العراق والولايات المتحدة ستتحول إلى "شراكة أمنية ثنائية". بينما كشف مستشار الحكومة العراقية، حسين علاوي، عن أن مهمة بعثة التحالف الدولي في بغداد وعين الأسد ستنتهي في شهر سبتمبر/ أيلول.

وبالتزامن مع تأكيدات فصائل حليفة لطهران، عدم تسليم سلاحها للحكومة حتى بعد انسحاب القوات الأميركية من البلاد، يؤكد مراقبون أن واشنطن قد تتعامل مع العراق بشكل أكثر ندية عن السابق بعد انسحاب قواتها.

عقوبات واحتمال شنّ ضربات

الخبير بالشأن الأمني العراقي أحمد النعيمي، يؤكد لـ"العربي الجديد"، أن الولايات المتحدة انتهجت سياسة احتواء مع العراق طوال السنوات الماضية، بفعل وجودها العسكري ومصالحها في البلاد، وفي حال الانسحاب قد تنتهج فرض عقوبات وإشهار أوراق ضغط تجاه ملفات مثل الفصائل أو التعامل التجاري مع إيران، الذي يخرق العقوبات الأميركية.

وأضاف النعيمي أنه "يتوقع عدم تجديد رخص الإعفاءات الأميركية للعراق في الاستيراد من إيران ببعض القطاعات مثل الطاقة والصناعات الثقيلة"، معتبراً أن سيناريو توجيه دولة الاحتلال الإسرائيلي ضربات لمواقع الفصائل المسلحة داخل العراق، سيكون أقرب للواقع، حيث كان الوجود العسكري الأميركي والتوازن الذي تمارسه واشنطن في هذا الإطار حاضراً، وبزواله سينتهي هذا التوازن".

لكن على الجانب الآخر، يقول الخبير بالشأن العسكري العميد الركن أعياد الطوفان، لـ"العربي الجديد"، إنه "يجب الحذر من التداعيات المحتملة للانسحاب الأميركي من العراق، فهذا التطور قد يفتح الباب أمام فراغ أمني تستغله الجماعات الإرهابية لإعادة تنظيم صفوفها وشن هجمات جديدة".

وبين الطوفان أن "القوات العراقية ما زالت تواجه تحديات كبيرة في مجال التسليح والتدريب والاستخبارات، وهو ما يجعلها بحاجة إلى دعم مستمر من المجتمع الدولي لتجنب انهيار المنجزات الأمنية التي تحققت خلال السنوات الماضية".

تداخل السياسة والأمن في الاقتصاد

المختص في الشؤون الاقتصادية ناصر الكناني، أوضح لـ"العربي الجديد"، أن الجانب الاقتصادي لن يكون بعيداً عن ملف الانسحاب الأميركي وما قد ينتج عنه من حسابات تداخل السياسة والأمن في الاقتصاد. ويضيف الكناني أن "أي اهتزاز في الوضع الأمني سينعكس فوراً على الأسواق المحلية والاستثمار الأجنبي، وسيدفع رؤوس الأموال إلى الهروب خارج البلاد، مما سيضعف قيمة الدينار ويرفع معدلات التضخم والبطالة بشكل غير مسبوق".

وأكد أن "العراق يعتمد بشكل كبير على الاستقرار الإقليمي والدولي لجذب الاستثمارات وضمان استمرار تدفق الإيرادات النفطية، والانسحاب الأميركي في هذا التوقيت الحرج يضاعف من المخاطر المالية ويهدد بانكماش اقتصادي طويل الأمد إذا لم يتم التحرك سريعاً لتطمين الأسواق وإيجاد بدائل فاعلة للدعم الدولي".

وأضاف الكناني أنه "يجب الحذر من خطورة رفع الحماية الاقتصادية والمالية الأميركية عن العراق عقب الانسحاب العسكري، فالبلاد قد تواجه عزلة مالية خانقة تهدد استقرارها النقدي والاقتصادي".

وختم المختص في الشؤون الاقتصادية قوله إن "رفع المظلة الأميركية عن الأموال العراقية في الخارج، خصوصاً احتياطات البنك المركزي في الولايات المتحدة، سيجعلها عرضة للتجميد أو الضغوط الدولية، وهو ما قد ينعكس مباشرة على قيمة الدينار وقدرة العراق على تمويل استيراداته الحيوية، وهنا قد ندخل بمرحلة خطيرة من التضخم ونقص السيولة إذا لم يتم تأمين بدائل فورية وشراكات مالية جديدة مع دول ومنظمات دولية كبرى".

"مخاوف حقيقية"

في المقابل، يؤكد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي ياسر وتوت في تصريحات صحافية، وجود ما وصفه "مخاوف حقيقة"، من قضية قرب انسحاب التحالف الدولي من العراق، مضيفاً أنه "في ظل عدم وجود استقرار أمني في عموم المنطقة، فهذا الانسحاب ربما يدفع نحو زعزعة الأوضاع الأمنية الداخلية، فهناك مخاطر قريبة من العراق خاصة في الداخل السوري واللبناني".

وبين وتوت أنه "ليس من صالح العراق انسحاب التحالف الدولي بهذا التوقيت المهم والحساس، ونحن سوف نناقش هذه المخاوف مع الجهات المختصة الحكومية الأمنية والعسكرية، سيما أن أصل هذا القرار بيد القائد العام للقوات المسلحة العراقية، كما أن هناك مخاوف من هذا الانسحاب لدى بعض القيادات العسكرية والأمنية العراقية".

وكانت بغداد وواشنطن قد توصلتا، نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، إلى تحديد موعد رسمي لإنهاء مهمة التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في البلاد، لا يتجاوز نهاية سبتمبر 2025، بعد جولات حوار امتدت لأشهر بين الجانبين، على إثر تصاعد مطالب الفصائل المسلحة والقوى العراقية الحليفة لإيران بإنهاء وجوده، خصوصاً بعد الضربات الأميركية في حينها لمقار تلك الفصائل، رداً على هجماتها ضد قواعد التحالف في البلاد وخارجها، على خلفية حرب غزة.

 ويوجد نحو 2500 عسكري أميركي في العراق ضمن التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تقوده واشنطن منذ سبتمبر 2014. ويتوزع الجنود على ثلاثة مواقع رئيسية في العراق، هي قاعدة عين الأسد في الأنبار، وقاعدة حرير في أربيل، ومعسكر فيكتوريا الملاصق لمطار بغداد الدولي. وليست كلّ هذه القوات أميركية، إذ توجد أيضاً قوات فرنسية وأسترالية وبريطانية، تعمل ضمن قوات التحالف، وأخرى ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في العراق.