هل يُعول على إعلان المليشيات العراقية وقف هجماتها ضد واشنطن؟

هل يُعول على إعلان المليشيات العراقية وقف هجماتها ضد المصالح الأميركية؟

12 أكتوبر 2020
التشديد الأمني لليوم الثالث ببغداد (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -

لا يشير استمرار تعزيز الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي لأمن المنطقة الخضراء وسط بغداد، إلى اطمئنان لإعلان المليشيات المسلحة الموالية لإيران عن هدنة أكدت خلالها وقف استهداف المصالح الأميركية.
وأكدت مصادر عراقية لـ"العربي الجديد"، استبدال جزء جديد من القوات الموجودة في محيط المنطقة الخضراء، اليوم الاثنين، بأخرى، وإنشاء حواجز جديدة على بوابات المنطقة من جهة الجسر المعلق، وكذلك البوابة المواجهة لمبنى وزارة التخطيط.
ويأتي ذلك وسط استمرار التشديد الأمني لليوم الثالث في بغداد، وتحليق طائرات المراقبة التي كثفت حضورها في أجواء العاصمة منذ تصاعد الهجمات الصاروخية على مطار بغداد والمنطقة الخضراء.
وأمس الأول السبت، أعلنت مجموعة من المليشيات العراقية، المدعومة من إيران، أطلقت على نفسها "الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية"، أنها قررت منح "فرصة مشروطة" للولايات المتحدة لتنفيذ قرار إخراج قواتها من العراق، مبررة خطوتها تلك بأنها جاءت استجابة للجهود التي قامت بها بعض الشخصيات في هذا الإطار.
ووفقاً لبيان منسوب لها تداولته وسائل إعلام محلية عراقية، فإنه تقرر إعطاء القوات الأجنبية في العراق "فرصة مشروطة احتراما للجهود التي قامت بها بعض الشخصيات". ويؤكد مراقبون أن ما تسمى "الهيئة التنسيقية للمقاومة" تضم مليشيات "حزب الله و"النجباء" و"العصائب" و"الخراساني" و"سيد الشهداء" و"الطفوف"، وفصائل مسلحة أخرى تتلقى دعماً من إيران، وتتبنى علناً التصعيد ضد الوجود العسكري الأميركي في العراق.
وأكد البيان أن الفرصة مقرونة بوضع جدول زمني لتنفيذ قرار البرلمان بإخراج تلك القوات من العراق، محذرة في الوقت نفسه مما اسمه "المراوغة والتسويف في الانسحاب". 
إلى ذلك، قالت وكالة "رويترز"، إن مجموعة من المليشيات العراقية المدعومة من إيران وافقت على وقف الهجمات الصاروخية، بشرط تقديم الحكومة العراقية جدولاً زمنياً لانسحاب القوات الأميركية من العراق.
ونقلت الوكالة عن محمد محيي، المتحدث باسم مليشيا "كتائب حزب الله"، العراقية المدعومة من إيران، قوله، إن الفصائل قدمت "اتفاقًا مشروطًا لوقف إطلاق النار"، وأضاف أن "الاتفاق يشمل كل فصائل المقاومة، بمن فيها أولئك الذين يستهدفون القوات الأميركية".
وأشار محيي إلى أن قرار البرلمان العراقي يقضي بخروج كافة القوات الأجنبية من البلاد مطلع العام المقبل، مهدداً بأنه في حال عدم التزام القوات الأميركية بقرار البرلمان فإن "المليشيات ستستخدم كل ما أوتيت من قوة وأسلحة ضدها".

مسؤول عراقي رفيع في قيادة عمليات بغداد، وهي الجهة المسؤولة عن أمن العاصمة، فضلا عن نائب في البرلمان، تحدث معهما "العربي الجديد" على انفراد، بخصوص الهدنة المعلنة من قبل الفصائل المسلحة، أجمعا على أنها لن توقف إجراءات الحكومة في تعزيز أمن المنطقة الخضراء ومطار بغداد الدولي، وتتبع وملاحقة المتورطين في الهجمات السابقة، خاصة التي أسفرت عن مقتل عراقيين.
وكشف المسؤول العراقي، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، أن الإجراءات تشمل تغيير نقاط وحواجز تفتيش تقع على طريق مطار بغداد الرابط مع المنطقة الخضراء بدءا من نقطة جامع أم الطبول في بغداد ولغاية ساحة عباس بن فرناس. كما أشار إلى إجراء تغييرات في نقاط الحراسة والرصد وبوابات المنطقة الخضراء، آخرها كان صباح اليوم الاثنين، حيث تم استبدال وتحديث القوة الموجودة في بوابتي الجسر المعلق والتخطيط جنوب وشمالي المنطقة الخضراء. ولفت كذلك إلى أن الإعلان من قبل تلك الفصائل لم يوقف الإجراءات التي ستشمل أيضا تغييرات في السيطرة المركزية التابعة لقيادة عمليات بغداد أيضا.
من جهته، أكد النائب البرلماني أنه "لا يمكن التعويل على الهدنة، وأن القبول بها يعني أن الدولة العراقية رضخت لتهديد المليشيات وعملياتها الخارجة عن القانون، وستكون سابقة تشجعها في المستقبل على فعل الشيء نفسه في ملفات أخرى"، مضيفا لـ"العربي الجديد"، طالبا عدم ذكر اسمه، أن "جدول انسحاب القوات الأميركية من العراق هو المتفق عليه في جلسة الحوار الاستراتيجي الأخيرة التي جرت في واشنطن، حيث لن يكون هناك جندي أميركي واحد خلال أقل من ثلاث سنوات".

والأسبوع الماضي، أكد وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، وجود قنوات حوار مع الفصائل المسلحة لوقف التصعيد ضد القوات الأميركية، وذلك بعد أيام من زيارة سريعة له إلى إيران التقى خلالها مسؤولين بارزين في طهران، فيما عقدت المبعوثة الأممية في بغداد جنين هينيس بلاسخارت، لقاءات مع زعامات مليشياوية، أبرزها عبد العزيز المحمداوي (أبو فدك)، الذي يشغل منصب "رئيس أركان الحشد"، وأيضاً يتولى زعامة مليشيا "حزب الله" العراقية.
وحول ذلك، يؤكد الخبير بالشأن الأمني والسياسي العراقي، أحمد الحمداني، أن التصعيد من قبل تلك المليشيات لم يسبب أي خسائر لقوات التحالف بقيادة واشنطن لكنه أسفر عن خسائر عراقية. وأوضح أنه منذ يونيو/حزيران الماضي، قتل في الهجمات بواسطة صواريخ الكاتيوشا والعبوات الناسفة، 9 عراقيين، بينهم سبعة من عائلة واحدة، خمسة منهم أطفال، إضافة إلى شرطي وسائق سيارة أجرة. كما أصيب نحو 14 آخرين، إضافة الى خسائر مادية كان أبرزها خروج مروحية قتالية حديثة من طراز مي 35 عن الخدمة بعد إصابتها بصاروخ كاتيوشا في معسكر التاجي.
واعتبر أن "المليشيات وبهذه الحصيلة كان عليها أن تعلن هدنة مع الشعب العراقي وليس مع القوات الأميركية"، وفقا لقوله.