هل ينجح تقارب "مسد" و"الائتلاف السوري"؟

هل ينجح تقارب "مسد" و"الائتلاف السوري"؟

09 أكتوبر 2020
تسيطر "قسد" على منطقة شرقي الفرات (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت رئيسة الهيئة التنفيذية في "مجلس سورية الديمقراطية" (مسد)، إلهام أحمد، الثلاثاء الماضي، أنّ المجلس الذي يعتبر بمثابة الجناح السياسي لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، مستعد للحوار مع "الائتلاف السوري المعارض"، في خطوة تأتي اتساقاً مع توجه أميركي لفتح باب مفاوضات بين الكيانين السوريين للتوصل لاتفاق شراكة في إدارة منطقة شرق نهر الفرات. ولكن أحمد قالت في ندوة عقدها "مسد" في مدينة الطبقة بريف الرقة الغربي، إنّ "الائتلاف لا يملك قراره" على هذا الصعيد، مضيفةً: "تركيا تتحكم بقرارات الائتلاف وتمنع الحوار مع (مسد) والإدارة الذاتية". وتعارض أنقرة أي توجه يعطي لقوات "قسد" أي مشروعية سياسية في الشمال الشرقي من سورية، أو ما بات يُعرف بمنطقة شرقي الفرات التي تسيطر عليها "قسد" وتعادل نحو ثلث مساحة سورية.
وفي حديث مع "العربي الجديد"، أوضح الرئيس المشترك لـ"مسد"، رياض درار، أنّ المجلس "لا يضع شروطاً للحوار مع المعارضة السورية بكل أطيافها"، مضيفاً: "نستطيع فتح حوار مع الائتلاف من أجل وحدة سورية، وبناء دولة جديدة بشكل يتناسب مع ما قامت من أجله الثورة السورية".

الدعوة التي وُجهت من "مسد" لم تجد صدى لدى "الائتلاف"

وهذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها "مسد" بشكل صريح استعداده للحوار مع "الائتلاف الوطني السوري" الذي لا يزال يتهم قوات "قسد" التي يهيمن عليها الجانب الكردي، بمحاولة تقسيم البلاد وارتكاب جرائم تهجير بحق عرب وتركمان في منطقة شرقي نهر الفرات أثناء انتزاع السيطرة عليها من تنظيم "داعش" على مدى أعوام عدة.
وتأتي دعوة أحمد اتساقاً مع توجه أميركي، لا تزال تركيا تعرقله، لفتح باب حوار بين قوات "قسد" والمعارضة السورية من أجل التشارك في إدارة الشمال الشرقي من سورية، وإدخال "مسد" في صفوف هذه المعارضة التي لا تزال تعتبر "المجلس الوطني الكردي" الممثل الوحيد للأكراد السوريين. ويعدّ المجلس الأخير الذي شرع منذ أبريل/نيسان الماضي في حوار مع أحزاب الإدارة الذاتية الكردية، جزءاً من "الائتلاف الوطني" الذي يعارض هذا الحوار، وفق مصادر مطلعة. وتعتبر المعارضة السورية حزب "الاتحاد الديمقراطي"، أبرز أحزاب الإدارة الذاتية، نسخة سورية من حزب "العمال الكردستاني"، المصنّف في خانة التنظيمات الإرهابية من قبل عدة دول ومنها تركيا التي تنظر بقلق لسيطرة هذا الحزب على القرار في الشمال الشرقي من سورية.
وكانت تركيا قامت بعملية عسكرية واسعة النطاق في أواخر العام الفائت سيطرت من خلالها على أجزاء من منطقة شرقي الفرات، في محاولة لإجهاض أي محاولة من أجل فرض إقليم ذي صبغة كردية في الشمال الشرقي من سورية. ويرفض الأتراك التساهل مع أي خطوة من شأنها المساس بأمنهم القومي، وخصوصاً لجهة تمكين حزب "العمال الكردستاني" في منطقة شرقي نهر الفرات، ويعتبرون هذا الأمر من "الخطوط الحمراء" بالنسبة لهم.

ويبدو أنّ الدعوة التي وُجهت من قبل "مسد"، لم تجد صدى لدى "الائتلاف الوطني السوري"، الذي أكد عضو الهيئة السياسية فيه، عبد المجيد بركات، أن هذه "ليست المرة الأولى التي تلمح فيها قسد لرغبتها بالحوار مع الائتلاف"، مضيفاً: "حتى اللحظة لم يصل إلينا شيء رسمي من قبلها". وأشار بركات في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ هناك "رغبة أوروبية وأميركية بفتح باب حوار مع قسد، لكننا نضع شروطاً وطنية لهذا الحوار؛ أولها فكّ الارتباط مع حزب العمال الكردستاني من قبل هذه القوات، وتفاوضها من دون شروط، والتشاركية في إدارة المنطقة، إضافة إلى معالجة ملفات حقوقية لها علاقة بانتهاكات مورست ضد عرب وتركمان وأكراد من قبل قسد".

بركات: هناك رغبة أوروبية وأميركية بفتح باب حوار مع قسد

ولفت إلى أن "من الصعوبة فتح حوار مع أي جهة لها مشروع عابر للحدود، وجذورها السياسية ليست سورية"، مضيفاً: "إذا صحّ ما نُسب إلى قياديين في قسد حول اشتراطهم فكّ ارتباط الائتلاف بالجانب التركي، فهذا أمر يدلّ على أنّ هذه القوات تعيش أزمة سياسية، لأن من الواضح أنّ ساحة صراعها إقليمية لا تعني المعارضة السورية، والأجدى أن تتحدث هذه القوات عن فكّ ارتباطها بالنظام وحزب العمال".
وتعدّ مسألة إبعاد كوادر حزب "العمال الكردستاني" عن الشمال الشرقي من سورية، أبرز نقاط الخلاف ما بين "المجلس الوطني الكردي" وأحزاب الإدارة الذاتية، إذ يقف هذا الأمر حجر عثرة أمام التوصل لاتفاق تتشكل على أثره مرجعية سياسية كردية واحدة في سورية، كما ترغب الولايات المتحدة التي تشرف على المفاوضات الكردية-الكردية.
من جانبه، أوضح عضو الهيئة الرئاسية لـ"المجلس الوطني الكردي"، المنسق العام في حركة "الإصلاح الكردي"، فيصل يوسف، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "الرؤية السياسية المشتركة التي توافقنا حولها مع حزب الاتحاد الديمقراطي، تؤكد أنّ موقعنا بين المعارضة الوطنية التي تؤمن بالحل السياسي وفق القرارات الدولية ذات الشأن، وبما يضمن سيادة سورية والاعتراف بحقوق الشعب الكردي". وأشار إلى أن "أي توجه لتوسيع إطار المعارضة وإصلاح أحوالها، أمر جيد"، مضيفاً: "من المفيد إعادة النظر بالمرحلة الفائتة من عمل أطراف المعارضة السورية جميعها لتدارك الأخطاء السابقة". ورأى يوسف أنه "آن الأوان كي تتفق المعارضة على موقف موحد وتضع برنامجاً واضحاً لإنقاذ البلاد من الكارثة، وكذلك تضع نصب عينيها سورية أولاً، بعيداً عن التجاذبات الإقليمية والدولية".

تقارير عربية
التحديثات الحية