هل ينجح الحزم التركي بمأسسة الجيش الوطني؟

هل ينجح الحزم التركي بمأسسة الجيش الوطني؟

06 نوفمبر 2022
عناصر من "الجيش الوطني" بعفرين، أكتوبر الماضي (عمر حاج قدّور/فرانس برس)
+ الخط -

مما لا شك فيه أن وضع "الجيش الوطني السوري" قبل اجتماع مدينة غازي عنتاب التركية، الخميس الماضي، لن يكون كما بعده، إذ كان اللقاء بمثابة استدعاء من قبل تركيا لقادة "الجيش الوطني"، وإملائهم المطالب التركية، بالشكل الذي يجب أن تكون عليه تشكيلات فصائل المعارضة المنضوية ضمن هذا الجيش.

وجاءت الإملاءات التركية بكثير من الحزم الذي وصل إلى حدود التهديد والوعيد، لكل من لا يلتزم بمضمون المطالب التركية، التي كان واضحاً أنها تهدف، بشكل أساسي، إلى إنهاء حالة الصراع البيني بين فصائل "الجيش الوطني السوري"، وتفعيل دور وزارة الدفاع التابعة للحكومة السورية المؤقتة وتسليمها مفاتيح قوة تمكنها من امتلاك أدوات تحكم بتلك الفصائل، وتجعلها أكثر انضباطاً، من خلال حل الأجهزة الأمنية لجميع الفصائل، وإنشاء جهاز أمني موحد يتبع لوزارة الدفاع. وبدا واضحاً الامتعاض التركي من تدخل "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) في مناطق سيطرة "الجيش الوطني" نصرة لفصائل منه على حساب فصائل أخرى.

إن تركيبة "الجيش الوطني" كانت واضحة منذ تأسيسه، وتقوم على تجمع فصائل لا رابط تنظيمياً بينها، مع وجود فصائل قوية وأخرى ضعيفة، فضلاً عن فصائل بألوان مختلفة، منها ذو صبغة مناطقية وأخرى عشائرية، وثالثة من المهجرين من مناطق سيطرة النظام، ورابعة من السكان المحليين... وغيرها من التركيبات.

وكل هذا يجعل من الصراع الدائم بين تلك الفصائل أمراً حتمياً، ما لم تنصهر ضمن جسم واحد يقوم على تقسيم عناصره بحسب اختصاصهم، لا ولائهم، إلا أن إرادة مأسسة هذه الفصائل لم تكن، وما زالت غير متوفرة لدى قادتها. مع العلم أن الشارع المعارض طالبهم دوماً بالاتحاد، وطُرحت عليهم من قبل مراكز دراسات أفكار تحولهم لمؤسسة عسكرية فاعلة، من دون أن يستجيبوا لأي من تلك الدعوات.

غير أن الذي اختلف الآن حسبما ظهر في اجتماع غازي عنتاب، هو ظهور إرادة لدى الداعم التركي لهذا الجيش لم تكن متوفرة سابقاً، لإجبار فصائله على الاتحاد، سواء من بوابة الدعم الذي يقدمه لهم أو حتى من بوابة استعمال القوة ضد من لا يلتزم بمعايير المأسسة إذا استلزم الأمر.

إلا أن الحزم الذي أبداه الجانب التركي مع فصائل المعارضة لم يتضح بعد، فيما إذا كان نوعاً من ردة الفعل على ما آلت إليه أوضاع منطقة "غصن الزيتون" من احتراب بين الفصائل الموجودة فيها، والمحسوبة على "الجيش الوطني"، وتدخل "هيئة تحرير الشام" والسيطرة على مدينة عفرين.

وهو ما استدعى توجيه الولايات المتحدة تحذيراً من وجود الهيئة في تلك المنطقة، وإدراكاً من قبل أنقرة لضرورة مأسسة "الجيش الوطني"، وبالتالي توافر إرادة كافية لتوحيد حقيقي لتلك الفصائل تحت مظلة مؤسسة عسكرية تتبع لوزارة الدفاع، حتى وإن استدعى الأمر صداماً مع بعض القيادات التي ترفض مثل هذا التوجه.

بالتالي، إن الشهرين المقبلين سيكونان حاسمين في تحديد هوية "الجيش الوطني" واختبار جدية الحكومة التركية في دعم توحيده ومأسسته، واختبار حقيقي لقادة فصائل هذا الجيش في تحمل مسؤولياتهم والدخول في مشروع اتحاد حقيقي.