هل يقرّ البرلمان التونسي قانون تجريم التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي؟

هل يقرّ البرلمان التونسي قانون تجريم التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي؟

07 يونيو 2021
فرصة المصادقة على مشروع القانون هذا أكبر من المرات السابقة (ياسين غيدي/الأناضول)
+ الخط -

تشهد تونس حركة تضامنية كبيرة مع القضية الفلسطينية بسبب اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي، حيث تجاوز التونسيون خلافاتهم الإيديولوجية إلى الاتفاق على الدعم المطلق للفلسطينيين، وهو ما أظهره استقبال وتكريم المتحدث باسم حركة "حماس" سامي أبو زهري من أغلب مكونات الساحة السياسية التونسية، فضلا عن إعادة إطلاق النقاش بشأن قانون تجريم التطبيع.

ومع اعتداءات الاحتلال المتواصلة على الفلسطينيين، عاد الحديث في تونس مجددا عن قانون تجريم التطبيع، إذ يشرع مكتب لجنة الحقوق والحرّيات والعلاقات الخارجيّة في البرلمان التونسي، غدا الثلاثاء، في مناقشته.

وقالت النائبة نسرين العماري، لوكالة الأنباء التونسية، أمس الأحد، إنّ مشروع قانون تجريم التطبيع ورد فيه "استعجال نظر" من مكتب البرلمان، مشيرة إلى أن النظام الدّاخلي ينصّ على أن أي مشروع قانون يرد على اللجان مصحوبا بطلب "استعجال نظر" يجب ألاّ تتجاوز مدة الانطلاق في مناقشته الأسبوع.

وأوضحت العماري "أنه نظرا لكثرة طلبات استعجال النظر في مشاريع القوانين، تأخّرت برمجة النظر في مشروع قانون تجريم التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي".

وكان مكتب مجلس النواب أحال، يوم 21 مايو/ أيار الماضي، مشروع قانون تجريم التطبيع على لجنة الحقوق والحريات مع طلب استعجال النظر فيه.

ويتساءل مراقبون حول ما إذا كان البرلمان التونسي سيتوافق هذه المرة على تمرير هذا القانون رغم كل الجدل والخلاف الذي أثاره على مدى السنوات الماضية، إذ سبق وطرح للنقاش، وبدأ سجال حوله منذ المجلس التأسيسي المنتخب مباشرة بعد الثورة، حيث نوقشت مسألة إدراج تجريم التطبيع في الدستور، ولكن تم رفض ذلك بسبب خلافات كبيرة بين الكتل.

كما أثير مشروع القانون أيضا بعد اغتيال المهندس الشهيد محمد الزّواري، في مدينته صفاقس يوم  15 ديسمبر/ كانون الأول عام 2016، وكذلك عند إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب القدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي في 6 ديسمبر/ كانون الأول عام 2017.

يتساءل مراقبون حول ما إذا كان البرلمان التونسي سيتوافق هذه المرة على تمرير هذا القانون رغم كل الجدل والخلاف الذي أثاره على مدى السنوات الماضية

وتسير أغلب الكتل، بحسب تصريحات نوابها، إلى المصادقة على هذا القانون الذي تقدمت به الكتلة الديمقراطية (تتكون من 38 نائبا عن حركة الشعب والتيار الديمقراطي)، إذا تم التوافق على بنوده وتوضيحها بشكل يزيل الخلافات السابقة.

وكانت حركة النهضة أكدت، في بيان لها، أنها "تقف مع شعبها وكل أحرار العالم ضد التطبيع"، مشيرة إلى أنها "تبحث كل الصيغ الإيجابية لدعم الموقف الفلسطيني"، معربة عن تفاعلها مع كل مشاريع القوانين الرامية لنصرة فلسطين وتحرير أراضيها، إلى جانب التشاور في ذلك مع رئاسة الجمهورية والخارجية التونسية، مطالبة بتفعيل قرارات المقاطعة التي أقرتها البرلمانات العربية والإسلامية والجامعة العربية.

وأكدت النائبة عن حركة النهضة جميلة الكسيكسي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الموقف التونسي من القضية الفلسطينية ثابت، وأن البرلمان التونسي كان أيضا وفيا في التعبير عن المساندة والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني"، مضيفة أن "الشعب التونسي الذي رفع إبان الثورة شعار "الشعب يريد تحرير فلسطين" لن يتخلى عن القضية، ولا يملك سوى مساندة  قانون لتجريم التطبيع". 

وأوضحت كسيكسي أن فرصة المصادقة على هذا القانون "أكبر من المرات السابقة، نظرًا لتمريره عبر لجنة مختصة لإحالته على الجلسة العامة"، مشيرة إلى أن "الأحداث الأخيرة التي شهدتها فلسطين سرعت بعرضه"، كما تؤكد أن هناك إجماعا داخل الكتل البرلمانية على تجريم التطبيع.

وأوضحت النائبة عن النهضة أن "هناك من كان يتعمد إحراج بعض الكتل المنافسة بهذا الملف، بينما كانت إجابة هذه الكتل واضحة بالترحيب بالقانون". ولفتت إلى أن قانون تجريم التطبيع أخذ اليوم مساره الطبيعي كأي قانون، إذ سيتم التصويت عليه قريبا في الجلسة العامة، ومن شأنه أن "يوضح بعض المواقف والسلوكيات وينظم العديد من المسائل"، بحسب قولها.

وحول ما يثار من مخاوف بشأن تداعيات هذا القانون المُحتملة على العلاقات الدولية لتونس، بينت أن "الحديث عن تداعيات قد تنتج عن هكذا قانون لا يمكن تجاهلها أو نكرانها"، مشيرة إلى أنه "يمكن وضع قانون يعبر عن موقف داعم للقضية ولا يضر أيضا بمصالح تونس وعلاقاتها الخارجية".

وأضافت أن "هناك توجها عاما في العالم لمقاضاة إسرائيل وشجب جرائمها، وهذا واضح حتى على مستوى المؤسسات الدولية على غرار مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، التي أصدرت قرارًا يقضي بتشكيل لجنة للتحقيق في الاعتداءات الأخيرة على الشعب الفلسطيني"، مضيفة أن "المسألة تتعلق اليوم بكيفية إدارة هذا الملف والتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني".

المساهمون