هل يفتح قصف مطار دمشق باب التصعيد مع إسرائيل؟

هل يفتح قصف مطار دمشق باب التصعيد مع إسرائيل؟

11 يونيو 2022
عُلّقت الرحلات الجوية القادمة والمغادرة عبر المطار حتى إشعارٍ آخر (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

تواصل قضية الاستهداف الإسرائيلي لمطار دمشق الدولي وإخراجه من الخدمة التفاعل، حيث شجب حليفا النظام السوري، روسيا وإيران، العملية، فيما قالت الأخيرة إن "حلف المقاومة" سيساهم في الرد على الضربة الإسرائيلية التي طاولت فجر أمس الجمعة مدرجي المطار وبعض منشآته، بدعوى أن المطار يُستخدم لنقل أسلحة وتجهيزات إيرانية لكل من النظام و"حزب الله" اللبناني.

وفي هذا الإطار، عبّر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان عن إدانة بلاده "للعدوان الإسرائيلي الجبان الذي قامت به الطائرات الإسرائيلية على الأطراف الجنوبية من دمشق"، مؤكداً، خلال اتصال هاتفي مع نظيره لدى النظام فيصل المقداد أمس الجمعة، وقوف طهران إلى جانب "سورية في تصديها للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على مواقع داخلها، بدعم من قوى خارجية، والتي تستهدف صمود سورية وحربها على الإرهاب"، وفق وكالة "سانا" التابعة للنظام.

كما شدد الوزير الإيراني على أن "حلف المقاومة سيكون دائماً إلى جانب سورية الشقيقة في ممارسة حقها بالدفاع عن سيادتها وتحرير أراضيها".

من جانبه، اعتبر المقداد أن "العدوان الإسرائيلي يأتي في إطار الدعم الذي تقدّمه إسرائيل لحلفائها الإرهابيين، ولما تقوم به القوات الأميركية وأدواتها في الشمال الشرقي، وما تقوم به تركيا من تهديدات لشنّ اعتداءات على الأراضي السورية". وقال إن "سورية ستدافع بكل الوسائل المشروعة عن حقها في صد الاعتداءات الإسرائيلية الغادرة ومتابعة حربها على الإرهاب".

كما شجبت روسيا الضربة الإسرائيلية. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إن موسكو "تدين بشدة الغارة الجوية الإسرائيلية على مطار دمشق الدولي، وتطالب الجانب الإسرائيلي بوقف هذه الممارسة الشريرة"، وفق بيان للخارجية الروسية نشرته على موقعها على الإنترنت.

وأضافت الوزارة: "علينا أن نؤكد مرة أخرى أن القصف الإسرائيلي المستمر على أراضي الجمهورية العربية السورية، في انتهاك للقواعد الأساسية للقانون الدولي، أمر غير مقبول على الإطلاق. نحن ندين بشدة الهجوم الاستفزازي الذي ارتكبته إسرائيل على أهم هدف في البنية التحتية المدنية السورية"، مضيفة أن "مثل هذه الأعمال غير المسؤولة تخلق مخاطر جسيمة على الحركة الجوية الدولية، وتعرّض حياة الأبرياء لخطر حقيقي"، مطالبة الجانب الإسرائيلي بوقف هذه "الممارسة الشريرة"، وفق وصفها.

أضرار كبيرة في المطار

 وفي وقت سابق، كشف النظام السوري عن حجم الضرر الذي لحق بمطار دمشق الدولي إثر القصف الإسرائيلي. وذكرت وزارة النقل في حكومة النظام في بيان، أن القصف الإسرائيلي تسبّب باستهداف البنية التحتية لمطار دمشق الدولي، وخروج مهابط الطائرات عن الخدمة، حيث تضررت في أكثر من موقع وبشكل كبير، مع الإنارة الملاحية.

وأضافت الوزارة أن "العدوان الإسرائيلي استهدف أيضاً مبنى الصالة الثانية للمطار وتعرضها لأضرار مادية". وقالت "نتيجةً لهذه الأضرار، تم تعليق الرحلات الجوية القادمة والمغادرة عبر المطار حتى إشعارٍ آخر". وأشارت إلى أن كوادرها في الطيران المدني والشركات الوطنية المختصة تعمل على "إزالة آثار العدوان، وإصلاح الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمطار، وستتم فور إصلاحها والتأكد من سلامتها وأمانها، إعادة واستئناف الحركة التشغيلية للمطار وبالتنسيق مع النواقل الجوية".

كما نقلت صحيفة الوطن المقربة من النظام السوري عن مصدر غير رسمي، تأكيده أن مطار دمشق الدولي علّق كل رحلات الطيران منه وإليه نتيجة العدوان الإسرائيلي الذي تعمّد استهداف المهبط الرئيسي في المطار، وتحويل الرحلات إلى مطار حلب.

من جهته، نشر موقع إسرائيلي متخصص بصور الأقمار الصناعية صوراً تظهر آثار القصف على المطار. وفقاً للصور التي نشرها موقع "إيميج سات إنترناشونال"، فإن أضراراً جسيمة لحقت بالمدرجين العسكري والمدني داخل مطار دمشق جراء الهجوم الصاروخي الإسرائيلي، حيث عطلت الضربات تماماً عمليات الإقلاع والهبوط على المدرجين، بعد تعرض كل مدرج للقصف بثلاثة صواريخ.

كما ذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "كان"، اليوم السبت، أن قصف المطار هدفه إرسال رسالة إلى إيران والنظام السوري، بأن إسرائيل عازمة على وقف تهريب السلاح والمنظومات القتالية عبر الطيران المدني.

وزعمت القناة أن استهداف المدرجين، جاء بهدف إحباط محاولات إيران لتهريب منظومات دقيقة إلى "حزب الله" اللبناني، وضمنها تجهيزات تستخدم في تحويل الصواريخ العادية إلى صواريخ ذات دقة إصابة عالية.

وخلال السنوات الماضية، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية في سورية، مستهدفة بشكل خاص ما تقول إنها مواقع لقوات النظام الأسد وأهداف لمليشيات إيرانية، من أبرزها "حزب الله" اللبناني.

وتعتبر إسرائيل أن حصول "حزب الله" على صواريخ ذات دقة إصابة عالية، خطر كبير، لأن مثل تلك الصواريخ يمكن أن تستهدف مرافق عسكرية وبنى تحتية استراتيجية حساسة، مثل القواعد الجوية والمطارات المدنية ومحطات التحلية ومنصات استخراج الغاز وغيرها.

تصعيد محتمل

وحول مغزى هذه التطورات، وإمكانية أن يكون هناك ردّ من جانب النظام السوري و"محور المقاومة" كما ألمح إلى ذلك وزير الخارجية الإيراني، قال الباحث السياسي شادي عبدالله لـ"العربي الجديد"، إن إسرائيل صعّدت في الآونة الأخيرة من هجماتها في سورية، بعدما يعتقد أنه تكثيف من جانب إيران لنشاطها في الأراضي السورية، مستغلة الانشغال الروسي في الحرب مع أوكرانيا، ما اضطر روسيا إلى سحب بعض وحداتها العاملة في سورية، فسعت إيران إلى سدّ الفراغ الذي تركته روسيا.

 ولا يستبعد عبدالله أن تكون هناك محاولات للرد من جانب النظام وحليفيه، إيران و"حزب الله"، ما قد يفتح الباب أمام مزيد من الهجمات الإسرائيلية، وهو ما قد يهدد باندلاع حرب إقليمية، وفق تعبيره.

ورأى عبدالله أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيداً من التصعيد بين الجانبين، لأن زيادة وتيرة الضربات الإسرائيلية، واستهدافها مواقع نوعية مثل مطار دمشق الذي يُعدّ من أهم منافذ العبور للسلاح الإيراني لـ"حزب الله"، "بات يشكل إحراجاً لـ"محور المقاومة" الذي ربما يبحث اليوم عن صيغة للردّ، تحفظ ماء الوجه، ولا تتسبب في التدحرج إلى حرب أوسع". وأضاف أنه إذا حدث مثل هذا السيناريو، فإن أحداً لا يستطيع التكهن بالتطورات اللاحقة، حيث سيحاول كل طرف تثبيت معادلة جديدة، مفادها أنه لن يتسامح مع الصفعة التي يتلقاها من الطرف الآخر.

ولفت عبدالله إلى أنه خلال الغارة الإسرائيلية قبل الأخيرة على مواقع بريف دمشق، أُطلقت صواريخ روسية موجودة لدى النظام ويديرها الروس، وهناك أيضاً مناورات سورية روسية جرت أخيراً على طول الحدود مع الجولان.

مناورات لقوات النظام

وذكرت وكالة "سانا" أمس الجمعة، أنه بتوجيه من رئيس النظام بشار الأسد، القائد العام للقوات المسلحة، قام العماد علي محمود عباس، نائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة ووزير الدفاع، يرافقه عدد من ضباط القيادة العامة، بزيارة ميدانية لأحد تشكيلات قوات النظام، لحضور "بيان تدريبي بالذخيرة الحية، حيث اطلع على سير العملية التدريبية التي تضمنت عمليات رمي متنوعة، وقتالا في الجبال والمدن، وقتالا قريبا، إضافة إلى عروض جوية متنوعة، وعروض قتالية نفذتها الحوامات، مع رمي صواريخ حقيقية، وإنزالات جوية وفقرات تدريبية على القفز المظلي، بمشاركة مدربين من الأصدقاء الروس وعرض لبعض أنواع العتاد الحربي".

وأشارت الوكالة إلى أن قائد القوات الروسية العاملة في سورية حضر العملية، برفقته عدد من الضباط الروس.