استمع إلى الملخص
- تسعى الكتلة الصهيونية الدينية بقيادة بتسلئيل سموترتيش إلى ضم الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية، وقد تتنازل عن دعواتها لتجنيد الحريديم مقابل تحقيق أهدافها الاستيطانية، مما يعكس تعقيدات التحالفات السياسية.
- أشار وزير الخارجية جدعون ساعر إلى أن الحرب في غزة ستنتهي بتحقيق أهداف إسرائيل، وانتقد مذكرات التوقيف الدولية بحق نتنياهو وغالانت، بينما دعا سموترتيش إلى "هجرة طوعية" للغزيين واحتلال القطاع.
نشر وزير البناء والإسكان الحريدي، يتسحاق غولدكنوبف، اليوم الخميس، صوراً على حسابه بمنصة "إكس" وهو يقوم بجولة مقابل "محور نتساريم" الذي يقسم قطاع غزة إلى شطرين برفقة عرّابة الاستيطان في غزة، ورئيسة حركة "نحلا" الاستيطانية، دانيلا فايس، التي تقود مع متطرفين يمينيين، من التيار الصهيوني الديني خصوصاً، مخططات في كل من غزة والضفة لتوسيع الاستيطان. وكان غولدكنوبف، الذي يتزعم حزب "يهدوت هتوراة" بحسب صورة ظهر فيها، يقف إلى جانب أحد المستوطنين؛ حيث كان يطلعه الأخير على خريطة كتب عليها بالإنجليزية "خريطة الأنوية الاستيطانية في غزة".
وخلال الجولة التي أجراها على حدود قطاع غزة، قال غولدكنوبف إن "الاستيطان اليهودي هنا (في القطاع) هو الرّد على المذبحة الوحشية، وكذلك على المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، والتي بدلاً من أن تعبأ لأمر 101 مختطف إسرائيلي اختارت إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو)، ووزير الأمن السابق (يوآف غالانت)".
في الشكل العام، من غير الواضح ما هدف الوزير الحريدي من هذه الزيارة؛ إذ لم تعبر الكتل الحريدية (تمثل المتزمتين دينياً) صراحة عن دعمها للاستيطان في غزة، علماً أن الوزير ذاته كان قد دعاه الجنرال دفيد زيني، الذي يتولى قيادة التدريب والتأهيل في جيش الاحتلال الإسرائيلي، لإجراء جولة في قواعد الجيش، للاطلاع خلالها على الجهود المبذولة من أجل ملاءمة الخدمة العسكرية لطابع الحياة المحافظ الذي يتمسّك به الشبان الحريديون، غير أنه لم يستجب للدعوة المذكورة.
بناء على ما تقدّم، قد تكون جولة غولدكنوبف إلى جانب فايس في محور "نتساريم" أبعد من مجرد تملّق للتيار الصهيوني الديني، وإنما في إطار محاولة "شراء" الأخير من خلال "بيعه" تأييد الحريديين الاستيطان في غزة، في المقابل تدعم الكتلة الصهيونية الدينية شرعنة تهرّب الحريديم من الخدمة العسكرية الإلزامية، عبر تصويت الكتلة في الكنيست لصالح قانون كهذا. فسن قانون التهرّب يُشكل أحد الأسس للحفاظ على تماسك الائتلاف الحاكم، والذي تعرف جميع مركباته أن مشاريعها أياً كانت لا يمكن أن تمر إن كانت ضمن تركيبة سلطوية مغايرة.
تطلعات يمينية خالصة
الكتلة الصهيونية الدينية، التي يقودها وزير الماليّة، والوزير في وزارة الأمن، بتسلئيل سموترتيش، غير بعيدة عن الواقع الذي يحيط بالتركيبة الائتلافية؛ إذ إن برنامجها السياسي والأيديولوجي يدعو لـ"الحسم" وضم الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية. وعلى الرغم من أن جمهورها سجّل أعلى نسبة قتلى في الجيش قياساً لنسبته من عدد السكان الإسرائيليين، وعلى الرغم من أن هذا الجمهور يدعو لتجنيد الحريديم، فإنه قد يتنازل عن دعواته هذه خدمة لتطبيق تطلّعاته الاستيطانية، فهذه التطلعات قد لا تمر إلا عن طريق حكومة يمينية خالصة.
على الجانب الآخر، قال وزير الخارجية، جدعون ساعر، إن "الحرب في غزة ستنتهي عندما تحقق إسرائيل أهدافها"، والمتمثلة، وفق زعمه، في إعادة المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس، وضمان إفقاد الحركة سيطرتها على القطاع. وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التشيكي يان ليافبسكي، اعتبر ساعر أن "السلام قد يكون ممكناً"، غير أنه لا يمكن أن يقوم على "الأوهام". وتطرق وزير الخارجية لمذكرات التوقيف التي أصدرتها الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالانت، مدعياً أنها "فاقدة لأي مبرر"، واصفاً القرار بأنه "سابقة خطيرة".
ليس الوحيد الذي يدعم الاستيطان
وبالعودة إلى غولدكنوبف، ليس الأخير الوزير الوحيد في الحكومة الذي يدعم الاستيطان في غزة، فيوم الاثنين الماضي، واصل سموترتيش دعواته إلى الدفع بـ"هجرة طوعية" للغزيين، مطالباً باحتلال القطاع كله؛ إذ قال في مؤتمر مجالس "يشع" (مجالس المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة) إنه "يمكن، ويجب حكم القطاع مدنياً، الأمر لا يتطلب ثمناً مالياً باهظاً"، حسب زعمه.
وفي المؤتمر ذاته تابع مخاطباً الحاضرين: "يمكن.. لا بل ينبغي احتلال غزة كلها، لا يجب أن نخاف من قول ذلك. على الجيش أن يضع أقدامه على الأرض لكي يكافح الإرهاب ويحفظ الأمن، وليحول دون أن تشكل غزة تهديداً لإسرائيل، وليس لكي يحكم هناك مدنياً". وأضاف ضمن ادعاءاته "حتّى لو كان ثمة ثمن مادي لذلك، أخبروني بأن ذلك يكلّف خمسة مليارات شيكل. حتّى لو كلّف خمسة مليارات، فهذا ما نحتاجه لنحافظ على أمن إسرائيل".
وبالنسبة إلى تشجيع ما يسميه "الهجرة الطوعية" لسكان غزة، أوضح أن الفرصة لذلك تكمن في قدوم إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، مشيراً إلى أنه "علينا أن نتحدث عن ذلك أقل ونفعل أكثر.. تماماً كما في الضفة، حيث من الواضح أن ثمة علاقة عكسية بين الأقوال والأفعال. بالإمكان خلق وضع تكون فيه غزة في السنتين القريبتين مع عدد أقل من نصف السكان الحالي"، مشدداً على أن "كل مناقشات اليوم التالي ستكون مغايرة تماماً عندما تكون هناك سيطرة إسرائيلية مطلقة على القطاع".