استمع إلى الملخص
- دور إدارة ترامب: لعبت إدارة ترامب دورًا حيويًا في التوصل إلى الاتفاق، حيث كانت ضغوط ترامب حاسمة في إقناع نتنياهو وحكومته بالموافقة، مما أثار تقدير إدارة بايدن لمساهمة الإدارة القادمة.
- أهداف ترامب ونتنياهو: سعى ترامب لتحقيق إنجازات دبلوماسية، بينما أراد نتنياهو دعم إدارة ترامب لمواجهة محتملة مع إيران، مع استمرار الشكوك حول نوايا الطرفين بعد المرحلة الأولى.
كان من اللافت أن معظم الردود الأميركية التي توالت بعد تمرير الموافقة على المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة انطوى على تشكيك في احتمال إنجاز المرحلة الثانية منه، فضلاً عن الثالثة. ولوحظ أن هذه التوقعات بدت متناغمة مع اعتراضات المتشددين في الحكومة الإسرائيلية، والتي يقال إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يشاركهم الموقف فيها، لجهة العودة إلى الحرب بعد انقضاء مهلة الستة أسابيع، لكنه لا يقوى الآن على المجاهرة بذلك لئلا "تفسد هدية وقف النار لترامب" (الرئيس الأميركي المنتخب دونالد) التي وعد بتقديمها له عشية تدشين رئاسته الثانية، وفق بعض التقديرات والروايات. بل ثمة من يكاد يجزم بأن نتنياهو تعمد إطالة المفاوضات بحيث لا تكتمل إجراءاتها الرسمية ويبدأ تنفيذها سوى قبل يوم من أداء الرئيس ترامب القسم الدستوري.
وتقول مصادر الإدارتين إن انتزاع الاتفاق كان "حصيلة جهدهما المشترك". لكن التنويه بالدور "الحيوي" الذي لعبه فريق ترامب، ممثلاً بالمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، رجّح الاعتقاد بأن ضغوط ترامب كان لها الأثر الغالب في حمل نتنياهو وحكومته على الموافقة. اقتراب موعد التنصيب لعب دوره في التعجيل بالحسم. حتى إدارة الرئيس جو بايدن أعربت على لسان الوزير أنتوني بلينكن الخميس عن "تقديرها" لمساهمة الإدارة القادمة في التوصل إلى الاتفاق. حول نفس الصفقة التي سبق أن عرضها بايدن منذ مايو/ أيار الماضي؛ والتي عجز عن دفع رئيس الليكود إلى قبولها.
الإخراج بهذا الشكل، طرح سؤالين: لماذا أصر ترامب على التعجيل بوقف النار؟ وما هي نيات الطرفين بعد المرحلة الأولى من وقف النار؟
الرئيس ترامب أراد تسجيل إنجاز يدخل معه إلى البيت الأبيض، علّه بذلك يضمن بداية تمده بقدر من الزخم اللازم للمباشرة في محاولة ترجمة وعده، وإن المغالي في التبسيط، بتوفير الحلول السريعة للنزاعات الساخنة في الشرق الأوسط وأوكرانيا. وهو يراهن على أن البدء بوقف النار في ظل رئاسته محكوم بالاستمرار وباتجاه إنهاء الحرب كمدخل إلى الصفقة الكبرى في توسيع اتفاقات أبراهام التي افتتحها في رئاسته الأولى. وبالتحديد تحقيق التطبيع الإسرائيلي السعودي فيها. والتداول حول هذا الموضوع يكاد لا ينقطع رغم الظروف المانعة في الوقت الحاضر، وبالذات الظرف الفلسطيني المعروف. وتدفع بهذا الخيار أوساط مختلفة يهودية وجمهورية وديمقراطية، من باب اعتباره مفتاح "الاستقرار" في المنطقة، ولو مع الإقرار بأن الوضع الإسرائيلي غير جاهز للذهاب أبعد من مجرد التطبيع من دون التزامات نحو الفلسطينيين.
وثمة سيناريو آخر في المقابل، يبدو أن نتنياهو أراد بالموافقة على المرحلة الأولى تسليف ترامب "نصراً خارجيا" يكون ثمنه جرّ إدارة ترامب إلى مواجهة مع إيران. وفي هذا الصدد هناك إشارات ترامبية متضاربة. من جهة هو يوحي بتغليب إرجاء صفقة مع طهرن. في نوفمبر/ تشرين الثاني الفائت كلف الملياردير المقرب منه إيلون ماسك بلقاء السفير الإيراني في الأمم المتحدة بنيويورك وبدا ذلك بمثابة خطوة أولى لجس نبض إيران، التي أرسلت هي إشارات عكست رغبة في التحاور. ومن جهة ثانية تلمح مصادر ترامب إلى عزمه على التشدد فور تسلم مهامه، وذلك عبر حزمة عقوبات جديدة مع تشديد السابقة منها. لذلك لا يستبعد بعض المتابعين حصول توتر بين الجانبين، لا سيما أن بقايا الريبة والشكوك المتبادلة ما زالت قائمة. من هنا، التلويح الإسرائيلي بالعودة إلى استئناف الحرب بعد المرحلة الأولى. وقد لقي ذلك صداه في الساحة الأميركية من خلال الترويج المسبق بأن حماس ستقوم بخرق وقف النار لأن "من عادتها" اللجوء إلى الخروج على الاتفاقات. ومن الحيثيات في هذا الخصوص، أن إسرائيل "ليست في مزاج المساومة" على أهداف الحرب، حتى ولو لم يحصل خرق لوقف النار، إذ لم يعد بمقدورها "العيش جنباً إلى جنب مع حماس". ويتوقع أحد الخبراء العسكريين بأن "الدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق سيكون "مسألة صعبة" حسب جون سبانسر، مدير مؤسسة الحروب المعاصرة في كلية ويست بوينت العسكرية. وكأن التحضير للتراجع عن الاتفاق بعد المرحلة الأولى قد بدا قبل بداية هذه الأخيرة. ويذكر أن الرئيس ترامب لم يعلن عن التزام صريح للمضي في المرحلتين الباقيتين. انحصر إصراره على الأولى حتى الآن.