هل يحرم قيس سعيّد الأحزاب من المشاركة في حملة الاستفتاء على الدستور؟

هل يحرم قيس سعيّد الأحزاب من المشاركة في حملة الاستفتاء على الدستور؟

02 يونيو 2022
قيس سعيّد منح هيئة الانتخابات صلاحية قبول طلبات المشاركة أو رفضها (Getty)
+ الخط -

ألقى الرئيس التونسي قيس سعيّد بمشكلة جديدة في وجه هيئة الانتخابات، وهو يتحدث، في مرسوم رئاسي جديد صدر أمس الخميس، عن "المشاركين" في الاستفتاء من دون أن يحددهم، في خطوة من شأنها أن تمهّد لإقصاء الأحزاب من الحملات التحسيسية، عبر اشتراط طلب تصريح تقبله هيئة الانتخابات أو ترفضه.

ودعا قيس سعيّد، منذ أيام، التونسيين إلى استفتاء هيكلي لتغيير منظومة الحكم، في 25 تموز/يوليو المقبل، عبر التصويت على دستور لم يُجهّز بعد، ومن دون روزنامة إلى اليوم، وسط تحذير الخبراء والمنظمات من الغموض الذي يلف الاستفتاء، عبر بروز ملامح التضييق على الأحزاب والناخبين.

واشترط المرسوم الرئاسي المنقح لقانون الانتخابات والاستفتاء على "كل من يرغب في المشاركة" في حملة الاستفتاء إيداع تصريح لدى هيئة الانتخابات في الآجال، ووفق الشروط والإجراءات التي تضبطها الهيئة.

ومنح سعيّد هيئة الانتخابات صلاحية النظر في تصاريح المشاركة في حملة الاستفتاء، وضبط قائمة "المشاركين" في أجل أقصاه ثلاثة أيام من تاريخ ختم تقديم تصاريح المشاركة، وتقوم بنشر القائمة وإعلام المشاركين بقرارها رسميا.

وأعطى الرئيس الهيئة صلاحيات رفض المشاركة في حملة الاستفتاء، على أن يكون قرارها معللا.

وتشارك الأحزاب والمنظمات والجمعيات في الحملات التحسيسية السابقة ليوم الاقتراع، لتفسير مواقفها من المواضيع المطروحة، وتتلقى تمويلا من الدولة مقابل ذلك، وكانت توزع في السابق بحسب وجودها وأهميتها في البرلمان، ولكن حلّ المجلس طرح مشكلة قانونية كبيرة حاول مرسوم ليلة أمس أن يتجاوزها، من دون أن يتمكن من ذلك فيما يبدو.

واعتبر خبراء الانتخابات والاستفتاء أن المرسوم لم يوضح المعنيين بالمشاركة في حملة الاستفتاء، إن كانوا أفرادا أو جمعيات أو أحزابا سياسية، وكيفية تمتيعها بالتمويل العمومي للحملة، سواء كانت داعمة أو رافضة الدستور المرتقب، الذي سيجرى التصويت في الاستفتاء عليه في 25 تموز/ يوليو القادم.

وقال رئيس المنظمة التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات "عتيد" بسام معطر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الأحزاب النيابية الواردة في الفصل 116 من قانون الانتخابات والاستفتاء ألغيت، وعوضت بعبارة مشارك في الاستفتاء، في المرسوم الرئاسي، وهي عبارة مطلقة".

وأشار معطر إلى أن "الغموض ما زال متواصلا رغم صدور المرسوم، فمن المقصود بالمشارك، هل هو مجرد ناخب أو هيكل؟ وليس هناك أي علم إلى الآن بالمعنيين بالمشاركة".

وتابع "لقد أعطى سعيّد الهيئة صلاحية تحديد المشاركين وصلاحية القبول أو الرفض بمجرد قرار معلل"، مشيرا إلى "وجود غموض هنا، حيث يتواصل الفراغ في كيفية الطعون في الرفض، وربما سيصار إلى التوجه للقضاء وستكون الآجال طويلة".

 وحول المرسوم الجديد، قال معطر إن "الرئيس سهل أعمال الهيئة بخصوص التسجيل وتغيير مكان ومكاتب الاقتراع والصفقات العمومية، وقد أعطاها صكا أبيض للتصرف كما ترى".

وبين الخبير التونسي أنه "فُتح باب التسجيل الآلي والإلكتروني، ويبقى هذا جيدا على الورق"، مستدركا: "لكن ما هي الضمانات من ناحية السلامة المعلوماتية ووصول المعطيات إلى السجل الانتخابي".

ولفت معطر إلى وجود "إشكالات عديدة في مسألة منظومة المعلوماتية تتعلق بالوفيات (المسجلين) والممنوعين من التصويت بقرار قضائي والمحجور عليهم من المحاكم، لأن هناك تعقيدات وبطئا في التحيين وتبليغ المعطيات".

وشدد معطر على أن المهم هو "تلافي الأخطاء في السجل الانتخابي ووضع ضمانات وقرارات تكرس حسن تطبيق المرسوم والقانون، بما يضمن النزاهة والشفافية في مختلف المراحل".

ومن جانب آخر، قال رئيس منظمة عتيد إن "الرئيس أعطى الصلاحيات للهيئة للالتزام بقانون الصفقات العمومية من عدمه، والهيئة طلبت طبعا عدم الالتزام به، لأنه سيضعها خارج الآجال الانتخابية في علاقة بموعد 25 يوليو، وبالتالي ستذهب في صفقات مباشرة حتى تباشر كل المناقصات (العمليات المالية) المتعلقة بأعمال التحسيس والتوعية".

وشدد الخبير على ضرورة وضع "ضمانات تكرس الشفافية والنزاهة والابتعاد عن سوء التصرف والفساد".

ودعا سعيّد التونسيين إلى التصويت في استفتاء على دستور جديد لم يجهز بعد، ومن دون أن يُعلن عن روزنامة الاستفتاء إلى اليوم.

وينتظر أن تعلن الهيئة المكلفة صياغة "دستور الجمهورية الجديدة" مشروع الدستور الجديد في 30 يونيو/ حزيران الحالي، وأن تنطلق في الحوار القانوني والاجتماعي والاقتصادي، وسط رفض واسع من الطيف الحزبي والسياسي والمجتمع المدني ومقاطعة جزء من تركيبة لجان الحوار الاستشارية، وفي المقدمة اتحاد الشغل (المنظمة النقابية) وعمداء كليات القانون السابقين ومحامون وحقوقيون.

وفي جانب آخر، ذكر المرسوم الصادر ليلة أمس أن الهيئة تصرح بقبول مشروع النص المعروض على الاستفتاء في صورة تحصل الإجابة بـ"نعم" على أغلبية الأصوات المصرح بها، وهذا يعني أنه سيُقبل الاستفتاء بقطع النظر عن عدد الأصوات الموافقة ومن دون تحديد حد أدنى للمشاركين في المشروع أو قابليه.

ولم يذكر المرسوم كذلك ماذا يحدث في حالة كانت الأصوات الرافضة أكثر من القابلة، وما هي الفرضيات القانونية لذلك.

وأضاف المرسوم أنه إذا أفضى الاستفتاء إلى قبول مشروع النص المعروض، يتولى رئيس الجمهورية ختمه ويأذن بنشره في أجل لا يتجاوز أسبوعا من تاريخ الإعلان عن النتائج النهائية للاستفتاء.

المساهمون