هل وجّه حفتر في خطابه خلال استعراضه العسكري رسائل للمجتمع الدولي؟

هل وجّه حفتر في خطابه خلال استعراضه العسكري رسائل للمجتمع الدولي؟

30 مايو 2021
لم يحظ استعراض حفتر العسكري وخطابه بأي اهتمام شعبي وإعلامي محلي (فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر ليبية متطابقة عن تلقي اللواء المتقاعد خليفة حفتر رسائل من عدة عواصم، أبلغته بعدم رضاها عن تنظيمه استعراضاً عسكرياً في بنغازي خلال هذا التوقيت الذي تشهد فيه ليبيا تقارباً سياسياً كبيراً وتجاوزاً لمرحلة الانقسام، لكن حفتر أصر على إجراء استعراضه العسكري، فما الرسائل التي حملها خطابه؟

ووفقاً لمعلومات المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن قيادة حفتر عدّلت جدول الاستعراض العسكري تجاوباً مع تلك الرسائل، وألغت بعضاً من فقراته، خصوصاً المتعلقة باستعراض طائرات روسية حديثة كانت قد شاركت في حفل تخريج دفعة من مقاتلي حفتر قبل أشهر، جنوب بنغازي. 

ولم يحظ استعراض حفتر العسكري وخطابه بأي اهتمام شعبي وإعلامي محلي، تزامناً مع تجاهل قادة السلطة التنفيذية في طرابلس الاستعراض، وكذلك رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، الذين وجه لهم حفتر دعوة لحضور الاستعراض، لكن المجلس الأعلى للدولة اعتبر الاستعراض "خرقاً خطيراً وسلوكاً عدوانياً". 

وطالب المجلس الأعلى للدولة المجتمع الدولي، خلال بيان له ليل السبت، بـ"التخلي عن سياسة الكيل بمكيالين"، ورفع يده تماما عن حفتر، معتبراً استعراضه العسكري "يحمل إشارات وتلويحاً بالقوة ولغة السلاح مع اقتراب الليبيين من تسوية سياسية شاملة". 

وتقرأ الباحثة الليبية في العلاقات الدولية إيناس محمود، بيان المجلس الأعلى، في سياق معرفته بالموقف الدولي المتحفظ حيال استعراض حفتر العسكري، وترى أن المجلس الأعلى أراد استثمار الحديث سياسياً "لمعرفته بأن حفتر استعرض قوته وسلاحه وسط عدم رضا إقليمي ودولي". 

وفيما تعتبر محمود، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن مواقف قادة السلطة التنفيذية جيدة وزادت من دعم الموقف الليبي الداخلي المتجاهل لحفتر، أكدت أن المجلس الرئاسي لن يصدر عنه أي موقف رسمي موحد من حفتر فــ"خطاب حفتر كان موجهاً في أغلبه إلى الخارج، رداً على موقفه من خطوته العسكرية". 

وحول مضمون الخطاب، قالت إن "حفتر حاول أن يحمل خطابه رسائل إيجابية للمجتمع الدولي وحثه على ضرورة استكمال المسار السياسي وإجراء الانتخابات في موعدها والدعوة للسلام"، لكنها جاءت عكسية. 

وتصف محمود الخطاب بــ"المرتبك رغم أنه تزامن مع استعراض لقوة السلاح"، موضحة أن "حفتر بدلاً من أن يكتفي بدعم العملية السياسية عاد فأكد قدرته على تقويضها"، في إشارة إلى قول حفتر إن قواته "كانت قريبة من تحرير العاصمة طرابلس، لكن العالم هرع لوقف الزحف". 

وذكر حفتر أن "كل المؤتمرات الدولية التي عُقدت لاعتماد المسار السلمي، وعلى رأسها مؤتمر برلين من أجل السلام، لم تكن إلا نتيجة القرار الصائب بتوجيه قواتنا نحو العاصمة طرابلس"، لكنه عاد فقال "لن نتردد في خوض المعارك من جديد لفرض السلام بالقوة، إذا ما تمت عرقلته بالتسوية السلمية المتفق عليها. وقد أعذر من أنذر". 

وفي تفصيل أكثر، أضافت محمود "خطابه متردد بين الوعد الوعيد، فهو يريد أن يقول للعالم إنه رجل سلام أيضاً، فلماذا يسعون إلى إقصائه"، مشيرة إلى أنه توجه للمجتمع الدولي برسالة أخرى مفادها أنه يمتلك القوة لبعثرة أوراق التسوية الحالية. 

وتابعت "وصل الارتباط بحفتر إلى حد محاولة إيهام الرأي العام الدولي أنه قائد للجيش رغم هزيمته في طرابلس وعدم قدرته على السيطرة على بنغازي التي يستعرض قواتها داخلها"، مؤكدة أن هذه الرسائل وسط المتغيرات الجديدة لم تعد تقنع أي طرف دولي أو إقليمي. 

ويذهب الناشط السياسي الليبي خميس الرابطي، إلى أكثر من ذلك، معتبراً أن خطاب حفتر "لا يحمل أكثر من لغة لاستجداء الفاعلين الدوليين في المشهد الجديد في البلاد"، لافتاً إلى أن الاستعراض تزامن من تصريحات أدلى بها أحد قادة قوات غرب ليبيا بشأن وجود مرتزقة أجانب في الاستعراض قد تضع حفتر في دائرة الخطر. 

وكان المتحدث الرسمي باسم غرفة تحرير سرت – الجفرة، عبد الهادي دراه، قال، في تصريحات لوكالة "الأناضول"، إن حفتر أشرك مرتزقة سوريين وسودانيين في العرض العسكري. 

ويلفت الرابطي، خلال حديث لـ"العربي الجديد"، إلى انتشار فيديو متداول على منصات التواصل الاجتماعي يظهر طياراً يقود مروحية حلق على ارتفاع منخفض جداً أثناء الاستعراض العسكري، وقال "لا يمكن أن يكون قائد الطائرة أحد طياري حفتر، وبكل تأكيد، كان يقودها مرتزق أجنبي؛ ربما يكون روسيا". 

ويضيف الرابطي بالقول "المشاركة الروسية في الاستعراض ممكنة جداً وتداعياتها أنها تأتي خلال وقت تنشط فيه واشنطن في زيادة حجم تعاملها في الملف الليبي ضمن سياسات الإدارة الأميركية الجديدة"، وقال إن "واشنطن لن تتوانى عن تصنيف حفتر حليفاً لموسكو، إذا استمر في إصراره على التعنت والمراوغة، خصوصاً أنه لن يتمكن من إخلاء مسؤوليته من التوغل الروسي في ليبيا الذي تستهدف واشنطن تقويضه". 

وتابع "استجداء حفتر البقاء لن يقنع فاعلين أقوياء، مثل واشنطن المنخرطة في جهود ألمانية برعاية الأمم المتحدة لعقد اجتماع برلين الثاني الخاص بليبيا الشهر المقبل". 

 وأضاف "بالنسبة لي، أرى أن تسمية حفتر لمؤتمر برلين تحديداً من بين كل المؤتمرات الدولية حول ليبيا يعني أنه استشعر قرب صدور موقف دولي جديد تستعد واشنطن وحلفاؤها من خصوم موسكو للإعلان عنه في برلين، ولن يكون حفتر بعيداً عنه بعد أن حمل خطابه تهديداً مبطناً للتسويات الدولية".